الموهوبون هم الأشخاص الذين يظهرون قدرات أدائيّة عالية، ومتميّزة في المجالات المعرفيّة والإبداعيّة والفنيّة والقياديّة أو حتى في مجالات أكاديميّة وغيرها، وصاحب المواهب هو من يوازن بين الحقوق والواجبات، والأهداف ويعطي لكل ذي حق حقّه، والكثيرون يعتبرونها من النعم الرّبانيّة إن تمّ ترشيدها بالسبل الصحيحة.

موقع eHasakeh التقى ببعضاً من متعددي المواهب وبأهل الاختصاص، لمعرفة تلك الحالة، والبداية مع الشابة "غادة العمر" حيث تحدثت عن مواهبها قائلة: «أنا متيّمة بعدّة هوايات لا أستطيع الاستغناء عنها، بالإضافة إلى مواصلة دراستي بتفوق، فأنا في الصف الثاني الثانوي، وفي القسم العلمي، وهناك مواهب ولدت معي كالغناء، والوالد شجعني على التمثيل فمثلتُ في ثلاث مسرحيّات وهي "النسّاج والطائر الذهبي، اللوحة المفيدة، أبو خليل القبّاني" طبعاً جميعها مع والدي المخرج "وليد العمر"، وأعشق لعبة الكاراتيه، وأشارك بجميع البطولات على مستوى الجمهوريّة ونلت المركز الرابع في آخر بطولة، وأنا الممثلة الوحيدة من محافظة" الحسكة" ضمن فرقة شباب سورية، وأعزفُ على آلة "القيثار"، ومتطوعة في منظمة الهلال الأحمر، وأشاركُ في مسابقات الجري 100م».

يتطلب زرع الثقة في نفوس الشباب، وإعلامهم أنّ بداخلهم كنوزاً من القدرات، وبداخلهم عملاقاً نائماً عليهم إيقاظه بالعلم والحب والتفوق، وملأ الفراغ القاتل بصناعة الأهداف حتّى يتغيّر الحال إلى أحسن الأحوال بما فيه خدمة المجتمع والإنسانية

وتتابع الشابة "غادة" عن هواياتها قائلة: «ليست لدي أية مشكلة في ممارسة جميعها، فأوزع أيّام الأسبوع عليها، علماً أنني أحياناً لا أعطي البعض منها حقها الطبيعي، وذلك عندما يأتي حدث معين لإحدى المناسبات التي تستدعي الالتزام معها، وأكثرها تعلقاً بقلبي الغناء والكاراتيه لأنني مع نظرية الفتاة القوية».

غادة تمارس العزف والغناء معاً

وكان للشاب "عيسى صومي" حديث عن ذلك عندما قال: «تتوجه أحاسيسي ومشاعري لأكثر من هواية، فميّال للغناء كثيراً، وأملك حسّاً غنائيّاً لذلك انضممت لفرقة "اوغاريت" الموسيقيّة، وأعزف على مجموعة من الآلات الموسيقية وخاصة آلة "القيثار"، بالإضافة للهوس الذي يصيبني في الرياضة ومتابعة أحداثها العديدة، وتلك الهوايات لا تعيقني عن التفوق الذي أجنيه منذ المرحلة الابتدائية، وحتّى الآن وأنا في الصف الثامن».

وكان لوالد "غادة" المخرج المسرحي "وليد العمر" رأي في ذلك فقال: «هي حالة غير صحية، فالتخصص بهواية واحدة سيؤدي حتماً إلى حالة تفوق عالية المستوى، وتنمي الحالة الإبداعية للهواية التي يعتمدها الشاب، وبالتعدد سيتشتت الذهن، وسيكون سبباً في التأخر بالتحصيل الدراسي، ومن الصعب إن لم يكن مستحيلاً التعامل بجدية مع أكثر من هواية، والتوجه السليم يبدأ من الأسرة للشاب، ومن ثم المدرسة التي تصب جل اهتمامها على المواد الدراسية فقط، ولا تهتم بالقدر الكافي بالهوايات، فعندما تبادر المدرسة باهتمامات الشاب سيزداد تعلّق وحب الشاب لمدرسته، فمثلاً إذا وُجد شاب متعلق بالسباحة فلتبادر المدرسة بأخذه لمسبح عام، وإذا وجد آخر معني بالرسم فلتقيم معرضاً فنيّاً وبحضور أهله، وربما آخر بالغناء فلتجلب فرقة إلى مدرسته ويشارك بها، وحينها تكون نتائج التفوق الحقيقي».

أمّا المرشد النفسي في منشآت التربية السيد "فرزند جمعة" فتحدث قائلاً: «الموهبة سلاح ذو حدين، يمكن أن يُقال بأن التعدد نعمة، عندما يتمّ ترشيدها وتنميتها، والاهتمام بها بالشكل السليم، ويكون ذلك في فكر المجتمع والمؤسسات التربوية، والإعلاميّة، حتى إن المواهب يعتبرون من أصحابي الاحتياجات الخاصة، فلهم احتياجاتهم الاجتماعيّة، وتقبّل المجتمع لأفكارهم، ولابدّ من تشكيل مراكز للمبدعين، وحينها سنرى إبداعاتهم، ولكن عندما يُهملون طبعاً ستكون النتائج عكسيّة، وحتى صاحب النفس الشريرة تكون لديه موهبة فعندما يُعالج ويهتم به، وبموهبته سيعطي ما بداخله من إبداع».

وكان لعضو الاتحاد العالمي لمدربي البرمجة اللغوية العصبية السيد "عبد الرحيم مقصود" رأيه فقال: «تعدّد المواهب من النعم العظيمة على الموهوب، لأنّ الذي يمتلك المهارات والخبرات يكون شخصاً متميزاً، ومكتشفاً للطاقات والقدرات الكامنة في كيانه، ويكون سلاحا لديه عند الشدائد، أمّا الذي لا يملكها يتحيّر أحياناً وربما تفاقمت المشكلات عنده، وصاحب المواهب من أكثر الناس تكيّفاً ويرجع ذلك إلى مرونته العقلية وتطوّره، ويمتلك ثقافة واسعة تحقق أهدافه في البرمجة العصبية، وتكون المواهب نقمة إذا أسيء استخدامها، أو كانت مضيعة لواجباته الأسرية والوظيفيّة، أو تبعده عن أهدافه العظمى في الحياة».

وتابع السيد "عبد الرحيم" قائلاً: «يتطلب زرع الثقة في نفوس الشباب، وإعلامهم أنّ بداخلهم كنوزاً من القدرات، وبداخلهم عملاقاً نائماً عليهم إيقاظه بالعلم والحب والتفوق، وملأ الفراغ القاتل بصناعة الأهداف حتّى يتغيّر الحال إلى أحسن الأحوال بما فيه خدمة المجتمع والإنسانية».