وجدت نفسها كبيرة بأفعالها ومبادراتها منذ طفولتها، فتميزت في عالم الرياضة، وميادين الأدب، وحوّلت بيتها إلى مسرح ملتزم بهموم الناس وقضاياهم الاجتماعيّة المتنوعة.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 10 نيسان 2016، زارت المربية "هدى ملكون" في مدينة "القامشلي"؛ لتحدثنا عن عالمها الجميل والطويل، الذي بدأ من سنّ الطفولة: «تمّ التعامل معي على أساس فتاة كبيرة، حرمت من أجواء ولذة الطفولة بأكملها، لذلك سخرت تلك المعاملة في سبيل العمل الجماعي المفيد، فخلال دراستي في المرحلة الابتدائية بمدرسة "ميسلون"، أنشأت مكتبة للكتب ضمن شعبتنا الصفية، لتكون التجربة فريدة ونادرة جداً، بمساعدة المدرّس "محمد زهرة"؛ وكان من منطقة "السلمية"، وله فضل كبير عليّ في أكثر من جانب من جوانب الحياة، إضافة إلى المساهمة في افتتاح المكتبة، كنت المشرفة عليها وعلى توزيع ما فيها، وضمن تلك السن جلبت كتباً كثيرة، أمّا عندما كنت تلميذة في الصف الخامس فأصدرت مجلة للحائط في المدرسة، وأصبحت المعنية بها أيضاً، وبإصدارها دوماً، في تلك المرحلة أشرفت على جميع أنواع الأنشطة الفنية والرياضية والمعارض، تزامناً مع ذلك، كان لدي حب كبير للقراءة والمطالعة، ولا أنكر فضل المربي المدرّس "عبد الحفيظ شما" القادم إلينا من مدينة "حمص"، وأثناء المرحلة الابتدائية والإعدادية كنتُ ضمن منتخب المدينة بكرة الطائرة».

هي نموذج للقدوة، مثلت الأنثى بكل معانيها المعطاءة والمبدعة والمتألقة، كانت في شبابها تزور المكتبات ودور المثقفين ممن تعرفهم في سبيل الحصول على كتاب للقراءة، هذه الخطوة بحدّ ذاتها تفوق وتميز لها، إضافة إلى البناء التربوي السليم الذي فرضته خلال مشوارها في مدارس التربية، والأجيال التربوية تتحدث عن ذلك، طلبتها يتحدثون عن وجدانها في العمل والتعامل الراقي، في هذه الأيام وصلت إلى سنّ متقدمة، ومع ذلك تلبي الدعوات وتقوم بالواجب في سبيل ندوة أو ورشة عمل تهدف إلى المصلحة العامة

وعن رحلة الدراسة والعمل أضافت: «تقدمت للشهادة الثانوية عام 1968، وتنافس عليها 22 فتاة من مدينة "القامشلي" وريفها، وخلال تلك المدة كان لدي برنامج ثابت للكتب الأدبية والمطالعة ضمن برنامج معين، وكان لدي بحث وتجوال على أهل الأدب في سبيل استعارة كتاب محدد للاطلاع عليه، لأنني كنت مصمّمة على قراءة كتابين مختلفين في الأسبوع الواحد، ويوم الجمعة كتاب بأكمله، ولا أنسى دور الوالد من خلال دعمه وتشجيعه لي بكل الوسائل في سبيل العلم والمعرفة والفائدة، أمّا عام 1969 فكان اختياري الدراسة في معهد إعداد المعلمين بمدينة "حماة"؛ وكنّا أربع بنات فقط من منطقتنا، ومنذ عام 1971 بتّ عضواً في الاتحاد النسائي، ومنذ ذلك الوقت وحتى تاريخه قدمت محاضرات وندوات عديدة في الريف والمدينة في سبيل تنشيط وتفعيل دور المرأة بكافة ميادين الحياة، بعد مدة تمّ تعييني مديرة روضة الاتحاد النسائي، قدمت أفكاراً ما زالت باقية حتى اليوم، ولم يكن لها وجود من قبل، فكان قراري ومبادرتي بوضع الوجبة الموحدة للأطفال بعد موقف مؤثر ضمن الروضة، وبعد حوار واجتماع مع الأهالي، فرضت التجربة الناجحة والفريدة بامتياز، ورسخنا موضوع العدالة في الأكل الموحد، متجاوزين التفاوت والاختلاف بين الثري والفقير».

السيد أنيس مديوايه

وللكتابة حصة في حياتها، حيث أضافت: «منذ سنوات طويلة بدأت الغوص في عالم الكتابة، وفي أكثر من جانب من الجوانب الأدبية، وخلالها أصدرت ثلاث مجموعات قصصية، منها: "سقوط الفراشات، تل براك"، ورواية واحدة حول السيرة الذاتية، أمّا الخواطر الوجدانية فهي كثيرة، وكان لي إطلالات عدة في المناسبات الأدبية التي شاركت بها، خاصة في الأمسيات الأدبية التي شاركت بها في المركز الثقافي العربي في المدينة، وبالنسبة للسنوات الخمس التي مضت، فقد ساهمت بالدعم في استقبال الوافدين من مناطق أخرى، وتواصلت مع أغلب المنتديات والصالونات الأدبية بهدف الحفاظ على اللوحة الاجتماعية التي نتميز بها، بل قدمت محاضرات كثيرة في هذا المجال، ولي ضمن مدينة "القامشلي" وريفها الواسع أصدقاء وعلاقات اجتماعية طيبة أكثر من أن تُحصى، وهي الأهم في حياتي كلّها».

الكاتب "أنيس مديوايه" ممن يعرف الكثير عن تجربة "هدى" في الحياة، قال عنها: «هي نموذج للقدوة، مثلت الأنثى بكل معانيها المعطاءة والمبدعة والمتألقة، كانت في شبابها تزور المكتبات ودور المثقفين ممن تعرفهم في سبيل الحصول على كتاب للقراءة، هذه الخطوة بحدّ ذاتها تفوق وتميز لها، إضافة إلى البناء التربوي السليم الذي فرضته خلال مشوارها في مدارس التربية، والأجيال التربوية تتحدث عن ذلك، طلبتها يتحدثون عن وجدانها في العمل والتعامل الراقي، في هذه الأيام وصلت إلى سنّ متقدمة، ومع ذلك تلبي الدعوات وتقوم بالواجب في سبيل ندوة أو ورشة عمل تهدف إلى المصلحة العامة».

يذكر أن المربية "هدى ملكون" من مواليد "القامشلي"، 1950.