وهب من عمره أكثر من أربعين عاماً لخدمة رياضة المحافظة، ورياضة مدينة "القامشلي" تحديداً، فسطّر فيها أروع الانتصارات والإنجازات، وبنى رصيداً اجتماعياً ورياضياً كبيراً، وثمار نتاجه يجنيها رياضيو اليوم.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 6 شباط 2015، زارت السيد "جودت صالح العلي" في مدينته "القامشلي" لتتعرف إلى سيرته الطيبة والمشرقة وخاصة في ميدان الرياضة، فهو الذي أسس وبنى نادياً ذاع صيته اليوم في كل الأرجاء، يقول: «فتحتُ عيني وتعرفتُ الحياة فوجدت أخاً بارزاً ومتألقاً في ميدان لعبة كرة القدم، وكنت يومياً أحمل حقيبته الرياضيّة وأرافقه إلى الملعب، ومن خلال تلك الزيارات زرع حب الملاعب وكرة القدم في داخلي، فعلى الفور وفي سنوات عمري الأولى قمتُ بتأسيس فريق شعبي يضم صغار الحي الذي أسكن فيه، ومن شدّة تعلقنا بالملعب كنتُ وعدد من الرفاق نستيقظ قبيل الفجر ونتوجه إلى الملعب الوحيد في المنطقة من أجل حجزه ومن ثم اللعب فيه عندما تشرق شمس النهار، وعندما كنتُ تلميذاً في المدرسة كان التميّز الرياضي بادياً عليّ؛ فتمت دعوتي لأكون ضمن منتخب المحافظة وفي المرحلتين الابتدائية والإعدادية، أمّا في المرحلة الثانوية فكانت وجهتي لممارسة كرة السلة، وقد سخَّر المدرب ساعات إضافية لتدريبي فخلق مني لاعباً مبدعاً في اللعبة المذكورة؛ وهو ما كان سبباً لأكون ضمن منتخب الجيش العربي السوري في كرة السلة، وكنت ضمن بعثة المنتخب العسكري التي شاركت في بطولة العالم العسكرية مع بداية السبعينيات، ولعبت إلى جانب أسماء لامعة تحفظها الذاكرة حتّى اليوم، ومنهم: "شامل داغستاني، جاك عتّه، عبود عبوش، فيكتور شكور، جورج جرباقة"».

تم تكليفي بعده في العمل الإداري والفني، ومازلت أستعين بسجلاته في الأمور التنظيمية والإدارية، وهو أول حكم لكرة السلة على مستوى المنطقة، وكان يذهب إلى العاصمة ويعود خلال 24 ساعة فقط لتسوية أمر لاعب ما، وله الفضل بهذه الثقافة والحضارة الرياضية التي تعيشها مدينتنا، وهو صاحب الفضل في زيارة فريق الجيش العربي السوري لملاقاة نادينا في 1979؛ وكانت هناك بعثة إعلامية كبيرة مع الوفد الزائر وتحديداً المرحوم "عدنان بوظو"، وقال هذا الكلام حرفياً: هنيئاً لنادي "الجهاد" هذا المدير

سنوات العطاء والسخاء باقية في سيرته، يقول: «عام 1974 كانت العودة إلى مدينتي بعد قضاء ثلاث سنوات في العاصمة "دمشق"، وفي تلك الأيام لم يكن هناك نادٍ في "القامشلي"، فاقترحت على عدد من محبي الرياضة تبني فكرة العمل على تأسيس نادٍ رياضي له كل مقومات النجاح، وبمساندة أربعة أشخاص من أصدقاء الرياضة وهم: "علي كرو، زافين سركسيان، ليفون فرج، ليوم عثمان"، وبعد محاولات وجهد قمنا بتأمين بيت عربي ليكون مقراً للنادي، والخطوة الثانية كانت بجمع أعضاء منتسبين للنادي لتنفيذ كافة البنود والشروط المتعلقة بتأسيس نادٍ رياضي، والخطوة الثالثة كانت بتكوين فريق كروي سيقلع من دوري الدرجة الثالثة، وبعد عام واحد فقط كنّا ضمن مصاف أندية الدرجة الثانية، وفي هذه المرحلة كان لدينا فرق لجميع الفئات العمرية، واستفدنا كثيراً من خدمات السيد "جورج خزوم" فقد كان لاعباً ومدرباً وإدارياً، ومهما أنجبت المدينة من خبرات ونجوم فإنها لن تنجب مثل "جورج خزوم، فؤاد القس"، وبعد تعاظم المسؤوليات وحجم العمل فقد توجهت إلى العاصمة وحصلت على موافقة لاستملاك مقر وملعب كروي، وخلال 3 أيّام كانت كافة الأمور والترتيبات الإدارية جاهزة لنتسلم المقر والملعب».

السيد فؤاد القس

1979 كان عام الانتصار لرياضة "القامشلي" وكانت من بصماته؛ يقول عن ذلك: «جميع رياضيي "القامشلي" يحفظون ويتذكرون عام 1979 بالكثير من الاحترام والتقدير لأنه كان موعد الصعود مع الأضواء لأول مرّة، ولي شرف المشاركة بنجاح الصعود، فقد كنّا نؤدي أكثر من مهمة وواجب في النادي فكنتُ رئيساً للنادي وذلك لعامين، وكنت أقوم بتخطيط الملعب وكانت قمة السعادة لأن الخدمة لنادي "الجهاد". وفي عام 1977 قدم نادي "عمال الرميلان" عوارض حديدية لملعب النادي الرديف، وفي شهر تموز قمت بنصبها وصب الإسمنت عليها وتجهيزها بنفسي، ومن شدة حرارة الجو، أصاب جلدي فقاعات جلدية لم تذهب إلا بالأدوية، لكني نلت تقديراً لتعبي وجهدي؛ ولذلك كنتُ أول متفرغ لمصلحة الرياضة على مستوى المحافظة كلها، بعد نجاحي في كرة القدم، قمت بتفعيل لعبة كرة السلة، ومشاركاتنا كانت طيبة منذ البداية في البطولات المحلية، ثم فعلنا لعبتي الطائرة واليد، وفي أول مشاركة لكرة اليد حصلنا على بطولة المحافظة، علماً أنه خلال تفعيل كرة السلة كنتُ مدرباً ولاعباً وإدارياً، ولكن كانت النشوة في قمتها عندما كنت إلى جانب "إلياس قنطار، إلياس جرموكلي، سمير خباز"، وفي عام 1977 تصديت لمهمة جديدة على مستوى المحافظة وقمت بتكوين فريق نسوي لكرة السلة، وفي أول مشاركة حققنا الانتصار على تسعة فرق من الفرق السورية، وخسرنا أمام فريق "حلب" فقط».

ويختتم حديثه قائلاً: «في سنوات عملي في النادي شاركت بجميع الألعاب ووضعتها ضمن التفعيل والإنجاز والتألق، وفي 6 تشرين عام 1980، كان آخر يوم للعمل في نادي "الجهاد" وتوجهت إلى "السعودية" ولكن عند كل مناسبة أو مؤتمر كانت العودة على الفور إلى النادي، وفي عام 1986 كانت العودة مجدداً إلى المدينة، وعلى الفور عرض عليّ رئاسة النادي ولكنني فضلت الدعم والمساندة والمتابعة من خارج أسوار النادي، علماً أن حبه وعشقه وهواه في القلب والوجدان، ولذلك أعتز كثيراً بكل نقطة عرق قدمتها لناديّ، وأملي من أهل النادي أن يحافظوا على هذا التراث والإرث الرياضي العظيم، فكان إفطارنا وغداؤنا وعشاؤنا في النادي، وكنّا نتواجد فيه على مدار الساعة، حقاً هي أجمل لحظات العمر».

لم يستطع مفارقة الرياضة

السيد "فؤاد القس" رئيس نادي الجهاد السابق، يقول عن "العلي": «تم تكليفي بعده في العمل الإداري والفني، ومازلت أستعين بسجلاته في الأمور التنظيمية والإدارية، وهو أول حكم لكرة السلة على مستوى المنطقة، وكان يذهب إلى العاصمة ويعود خلال 24 ساعة فقط لتسوية أمر لاعب ما، وله الفضل بهذه الثقافة والحضارة الرياضية التي تعيشها مدينتنا، وهو صاحب الفضل في زيارة فريق الجيش العربي السوري لملاقاة نادينا في 1979؛ وكانت هناك بعثة إعلامية كبيرة مع الوفد الزائر وتحديداً المرحوم "عدنان بوظو"، وقال هذا الكلام حرفياً: هنيئاً لنادي "الجهاد" هذا المدير».