هي ككل زميلاتها اللاتي تخرّجن في كلية الهندسة الزراعية، إلا أن الطموح وحب اكتشاف الذات أخذها لتغرد خارج السرب، فراحت تقارع الفقر أينما وجد، ولم تقف عند الحدود التي رسمه لها تخصصها في الهندسة الزراعية، فعملت بجد واجتهاد حتى يأكل من ثمار جهدها الفقراء.

مدونة وطن "eSyria" وكعادتها في رصد التميز والإبداع أينما وجد، طافت مع المهندسة "نالين أسعد" في مواقع عملها المترامي الأطراف وحاورتها بتاريخ 27 آذار 2014، فقالت: «تخرجت في جامعة "حلب" عام 2006 ليبدأ مشواري المهني في قرية "صفيا"، الواقعة في الريف الشمالي بالقرب من مركز المدينة، عشت في هذه المرحلة كمهندسة زراعية ضمن ما تتطلبه وظيفتي، وبقيت طوال هذه الفترة أحاول أن أجد عملاً أخدم فيه أهل محافظتي التي طالما أعطتني من خيراتها، وفي عام 2010 انتقلت للعمل مع مشروع الاستجابة التنموية لتخفيف الفقر الريفي وتخفيف آثار الجفاف، وخضعت لعدد من الدورات التي أقامتها وزارة الزراعة، حول المواضيع الزراعية والحيوانية والنباتية، ومن هذه الدورات ما يختص بتنمية الموارد البشرية، وفي الحقيقة هذا ما كنت أبحث عنه».

تعتبر المهندسة "نالين" من الشخصيات القوية والجدية، فهي لا تتردد في الوصول إلى أماكن الريف البعيد، كما أنها من أصحاب المبادرة، ومن صفاتها أنها تتأقلم مع الظروف التي تعيشها بسرعة، ربما كان هذا من عوامل نجاحها، ومما يجدر ذكره أن "نالين" استطاعت أن تقدم خدماتها للريف الفقير بشكل كبير، ساعدها في ذلك عملها الميداني واطلاعها على كل التفاصيل، ويمكنني القول: إنها وصلت إلى بعض الأماكن التي استعصى على غيرها الوصول إليها

تتابع "أسعد": «من خلال البحث والتقصي وجدت أن مناطق الأرياف في المحافظة تعاني من الفقر؛ بسبب ما جرّته سنوات الجفاف الطويلة على المنطقة، فكان من الضروري أن يتم تغيير نمط الحياة للريفيين، حتى يتمكنوا من التعايش مع الحياة الراهنة وظروفها، ويسعى المشروع الذي أعمل ضمن كوادره إلى تعريف الفلاحين بالزراعة الحافظة وفوائدها، والعمل على زيادة الإنتاج النباتي، إضافة إلى تدريب ومساعدة المربين في تسويق إنتاجهم بشكل جيد، الأمر الذي يؤمن لهم دخلاً مضاعفاً كما يجنبهم استغلال التجار، وقد كانت باكورة أعمالنا في مناطق الريف هي القيام بتجارب للزراعة الحافظة، حيث قمت مع فريق العمل بدراسة المناطق وتحديد عدد من الأشخاص، ومساعدتهم لمرة واحدة من خلال تقديم مستلزمات الإنتاج وآلات الفلاحة، ومراقبة المحاصيل بشكلٍ يومي، أما في العام التالي فقد تكفلنا بتقديم مستلزمات الإنتاج لهم، وتابعوا هم بقية الأمور، والنتائج كانت إيجابية، كما أن عدد الذين تحولوا إلى الزراعة الحافظة بدأ يزداد تدريجياً».

دورات تنمية المجتمع المحلي

وعن مساهمتها في تطوير المجتمع الريفي أضافت: «بدأنا تقديم تجارب وتطبيقها أمام الفلاحين والمربين، والانتقال إلى البحث عن أمر آخر قد ينتفع منه سكان الريف، ففي مجال الإنتاج الحيواني، تم وضع خطة عمل لتحسين المخلفات الزراعية واستخدامها في المركبات العلفية، وتركيب الخلطات العلفية والعلائق المناسبة لأغراض تسمين المواشي وزيادة إنتاج الحليب، وتصنيع آلات لصناعة الأعلاف وتقديمها للمربين بهدف تخفيف الأعباء عنهم، إضافة إلى تشكيل فريق طبي لمراقبة صحة المواشي وتقديم المشاورات والأدوية مجاناً للمربين، كل هذه المشاريع كانت تتم بعد قيامنا بدراسات مسحية للمناطق التي سيتم استهدافها، واختيار المناطق الأكثر عوزاً».

وبينت "أسعد": «أنه بعد الانتهاء من هذه المشاريع لاحظت الفقر المائي في المناطق الجنوبية في ريف المحافظة، وعليه قمنا بدراسة المناطق الجغرافية للريف واختيار عدد من القرى لتنفيذ برنامج حصاد المياه، الذي أمن استثمار مياه الأمطار وتخزينها في خزانات إسمنتية تحت الأرض، يستفيد منها الأهالي في سقاية المواشي وقضاء حوائجهم المنزلية، ويمكن أن تستخدم للشرب في حال تعقيمها بشكل جيد، وما زلت أسعى إلى تقديم أفكار جديدة تساهم في خدمة الفقراء ورفع المعاناة عن كاهلهم قدر الإمكان، حيث أسعى إلى المساهمة في تنمية المجتمع المحلي من خلال إقامة عدد من المشاريع المستدامة فيه، فتكون النتائج إيجابية من ناحية تحسين الوضع الاقتصادي لسكان الريف، ومن خلال مشاريع صغيرة مدرة للدخل، والحد من عمليات الهجرة من الريف إلى المدينة، وأنا سعيدة بما وصلت إليه لهذا التاريخ لكن هذه السعادة لن توقفني عن البحث والعطاء».

في زيارة ميدانية لإحدى القرى

من جهته قال "دحام إسماعيل" أحد العاملين في المشروع: «تعتبر المهندسة "نالين" من الشخصيات القوية والجدية، فهي لا تتردد في الوصول إلى أماكن الريف البعيد، كما أنها من أصحاب المبادرة، ومن صفاتها أنها تتأقلم مع الظروف التي تعيشها بسرعة، ربما كان هذا من عوامل نجاحها، ومما يجدر ذكره أن "نالين" استطاعت أن تقدم خدماتها للريف الفقير بشكل كبير، ساعدها في ذلك عملها الميداني واطلاعها على كل التفاصيل، ويمكنني القول: إنها وصلت إلى بعض الأماكن التي استعصى على غيرها الوصول إليها».

يشار إلى أن المهندسة "نالين محمد أسعد" تشغل حالياً مديرة المشروع الحقلي للاستجابة التنموية لتخفيف الفقر الريفي في "الحسكة".

طريقة صناعة الأعلاف من المخلفات الزراعية