لا يقتصر المسرح في جميع أنواعه على الناحية الترفيهية فقط وعلى الفرجة لتمضية الوقت؛ بل يتعداها إلى كثير من الجوانب، خصوصاً إذا كان هذا الفن مدروساً بطريقة علمية، وموجهاً لفئةٍ معينة من الجمهور.

ويعد مسرح الطفل أحد أهم أنواع المسارح؛ لما له من دورٍ بارز في توعية الأطفال وتوسيع مداركهم، وعنه يقول المؤلف والمخرج "إسماعيل خلف" مدير المسرح القومي في "الحسكة" في لقائه مع مدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 1 شباط 2015: «نقصد بالمسرح الأدبي أو مسرح الدمى والعرائس؛ أنه المسرح الذي يقوم على تخيّل أدوار المسرحية وتجسيدها في عناصر بشرية، سواءً أكان من يقوم بالأدوار كبيراً أم صغيراً؛ مع ضرورة الانتباه إلى نوعية المتلقي، لأنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن المسرح العام يختلف عن المسرح المدرسي، وأن هذين المسرحين يختلفان عن المسرح الصيفي، ففي المسرح العام نلتقي الجمهور المتنوع والمختلف، وفي المسرح المدرسي يقتصر الأمر على طلاب المدرسة، أما في المسرح الصيفي فيقصر العرض على تمثيلية بسيطة بإشراف معلم المادة التعليمية؛ بهدف توضيح المواقف التعليمية التي تعترضه أثناء التدريس، في حين يقتصر مسرح الدمى والعرائس على ممثلين من الألعاب المصنوعة من القماش، وقد تبين من خلال الدراسات أن الأطفال يقبلون على هذا النوع من العروض، التي تهدف إلى تحسين النطق عند الأطفال وتعويدهم الجرأة؛ وزيادة مفرداتهم اللغوية وتوسيع مداركهم وتنمية أفكارهم، وإعطائهم مجموعة من القيم الخلقية، ودفعهم للمشاركة والعمل الجماعي».

يعد مسرح الطفل حاجة ضرورية واجتماعية وهو مسؤولية الجميع، لأنه أقرب الأنواع إليهم وأكثرها تأثيراً فيهم، فالمسرح يساعد الطفل على صقل شخصيته وتنمية قدراته في التعبير عن نفسه؛ لمواجهة المواقف المختلفة التي يواجهها في الحياة، على ضوء التجربة التي شاهدها على خشبة المسرح، إلا أن مسرح الطفل اليوم يقف أمام تحدٍ كبير يتمثل في ثورة الاتصالات، التي استحوذت على اهتمام الطفل ما استوجب البحث عن حلول لمواجهة هذه الظاهرة المتنامية، وتتمثل هذه الحلول في تقديمها لعروض مسرحية يفوق مستواها المستوى الذي يطرح عبر الفضائيات، من خلال تأمين اختصاصيين ومرشدين اجتماعيين واختصاصيين نفسيين، حيث يؤمنون المناخ المناسب للطفل، ويجعلون من المسرح عالماً خاصاً بالأطفال؛ وهذا لا يتحقق إلا بزيادة الدعم المادي لمسرح الأطفال

يتابع: «يختلف تأثير العرض المسرحي تبعاً لعمر الممثل واحترافه، وإذا أردنا أن يكون العمل احترافياً فيفضل أن يكون الممثلون من الكبار، لأنهم الأقدر على إعطاء الصورة الهادفة للشخصيات من ناحية الشكل، لكن بالنظر إلى افتقارهم لنظارة الطفولة وبراءتها تجدهم يبذلون دوراً كبيراً؛ ليبدون متناسبين مع أدوارهم لأن الأطفال يتعلمون الموقف المصوّر أمامهم، وهنا نجد أنه من الصعوبة بمكان أن يستطيع الأطفال تحقيق الصورة الصادقة للمسرحية مهما بلغت روعة تمثيلهم، كما أنه من الصعب جداً أن نرى الأطفال في شخصياتٍ كبيرة، ومع هذا فالمتفرجون الصغار يرحبون بتمثيل أقرانهم ولو تطلّب الأمر أن يكملوا الصورة الناقصة بمخيلتهم، وقد اهتدت أغلب المسارح إلى أن أفضل طريقة للوصول إلى الأطفال هي عن طريق المزج بين الكبار والصغار؛ إلا في حال كانت جميع شخوص المسرحية من الكبار».

إسماعيل خلف

يضيف: «يعد مسرح الطفل حاجة ضرورية واجتماعية وهو مسؤولية الجميع، لأنه أقرب الأنواع إليهم وأكثرها تأثيراً فيهم، فالمسرح يساعد الطفل على صقل شخصيته وتنمية قدراته في التعبير عن نفسه؛ لمواجهة المواقف المختلفة التي يواجهها في الحياة، على ضوء التجربة التي شاهدها على خشبة المسرح، إلا أن مسرح الطفل اليوم يقف أمام تحدٍ كبير يتمثل في ثورة الاتصالات، التي استحوذت على اهتمام الطفل ما استوجب البحث عن حلول لمواجهة هذه الظاهرة المتنامية، وتتمثل هذه الحلول في تقديمها لعروض مسرحية يفوق مستواها المستوى الذي يطرح عبر الفضائيات، من خلال تأمين اختصاصيين ومرشدين اجتماعيين واختصاصيين نفسيين، حيث يؤمنون المناخ المناسب للطفل، ويجعلون من المسرح عالماً خاصاً بالأطفال؛ وهذا لا يتحقق إلا بزيادة الدعم المادي لمسرح الأطفال».

ويختم: «يجب الاعتراف أن مسرح الأطفال مازال في مراحله الأولى من جهة إنتاج النص المسرحي الجيد، وقد قام بعضهم بمقاربة الأساطير وبعض الشخصيات المستوحاة من التاريخ، لكنها لم تتمكن من ملامسة ما يهم الطفل وأسرته من الناحية التربوية، كما تعاني هذه النصوص من الإسفاف في الإخراج المسرحي؛ الذي يتجه نحو الحركات المجانية من أجل الإضحاك، فما يجذب الأطفال أكثر هو الحكايات البسيطة التي تناسب مدركاتهم، بشرط ابتعادها عن المغالاة، ويجب اللعب على إدخال الأغاني البسيطة والألوان الزاهية التي أثبتت الدراسات أنها الأقرب إلى قلوب الأطفال، كما يجب الابتعاد عن تحويل مسرح الأطفال إلى حقلٍ للتجارب، وذلك من خلال قيام الممثلين بدراسة متأنية لأدوارهم، لكيلا يتسببوا في حدوث صدمة للطفل أثناء العرض، ويؤدي إلى صعوبة إصلاح ما تم إفساده».

عصام المانع

من جانبه بيّن الكاتب والمخرج المسرحي "عصام المانع": «أن مسرح الأطفال يعد ركيزة أساسية من ركائز التعليم، لذا من الواجب أن يتم إعداد الطفل الممثل والطفل المتلقي منذ المراحل الأولى، حيث تتم صناعة الطفل مسرحياً في المراحل العمرية الأولى من الدراسة، من خلال نشر ثقافة المسرح المدرسي، وصناعة الممثل الطفل إضافةً إلى صناعة المتلقي الطفل، وذلك بالتدرج مع الأطفال من النصوص البسيطة وصولاً إلى النصوص الاحترافية في مراحل متقدمة، بهذه الطريقة نكون قد أعددنا أجيالاً متفتحة ذهنياً وقادرة على استخلاص الرسائل والعبر؛ الموجهة من المسرح مهما اختلفت تقنيات عرض المسرحيات، كما نرفع العبء عن كاهل المسارح لتأخذ دورها في تحسين الذائقة بعد أن تم تنوير الأطفال في المرحلة المدرسية، من جهةٍ أخرى يتمكن المسرح المدرسي من اختيار الطاقات الموهوبة وزجها في العمل المسرحي، بعد تسليحها بمفرداتٍ فنية وعلمية كبيرة».