ما بين التجريب والتفكير، وجذبه الأطفال قبل الكبار، انبعث من رقدته التي طالت على عشاقه في "الحسكة"، فسرى الدم في عروقه وانطلقت أنفاسه العطرة لتفوح على الأجيال، باتجاهاته المتنوعة.

مدونة وطن "eSyria" واكبت المسرح منذ انبعاثه من على خشبة ثقافي "الحسكة"، والتقت الفنان والمخرج المسرحي "إسماعيل خلف" مدير المسرح القومي بتاريخ 7 تموز 2014، ليروي قصة عودة "طائر العنقاء" إلى الحياة، فقال: «لا يخفى على المتابع التقليدي عموماً، والمثقف على وجه الخصوص، غياب المسرح عن الحياة اليومية؛ خصوصاً في السنوات الثلاث الأخيرة، لكن وعلى الرغم مما مر به المسرح، كان هناك أشخاصٌ متميزون وجهات فاعلة أثبتوا حضوراً لافتاً في المشهد الثقافي، فسعى المسرح القومي في هذه الأثناء لأن يكون إحدى الجهات التي تضع بصمتها على الساحة الثقافية، وانطلق يلملم ذاته ويرتب بيته الداخلي، ليكون منبراً مهماً من منابر النور التي تؤدي دورها التوعوي والثقافي، وفعلاً كانت الانطلاقة التي انتظرها الكثيرون، وعاد المسرح القومي لينثر شعاعه النوراني من خلال تقديم عدد من العروض؛ التي زاوجت بين المتعة والفائدة».

استطاع المسرح القومي بجهوده الذاتية وتكاتف أفراده وإعلاء روح العمل ضمن الفريقٍ الواحد؛ إضافةً إلى الدعم الذي تلقاه من وزارة الثقافة ومديريتها في المحافظة ومديرية المسارح، أن يكون جزءاً مهماً في خارطة الثقافة السورية، وذلك من خلال حرصه الدائم على تقديم أعمال ذات مستويات رفيعة تجمع ما بين المتعة والفائدة والتجريب والتطوير، ولعل خير دليلٍ على هذا الكلام مسرحية "مكانٌ يلائم الوجع"، حيث يتحدث هذا العمل عن الوجع السوري بكثير من الشاعرية والحب، ويناشد أبناء الوطن ليأخذوا دورهم في لملمة الجراح والنهوض بوطنهم الذي لن يُبنى إلا بسواعدهم القوية وحبهم له

يتابع: «استطاع المسرح القومي بجهوده الذاتية وتكاتف أفراده وإعلاء روح العمل ضمن الفريقٍ الواحد؛ إضافةً إلى الدعم الذي تلقاه من وزارة الثقافة ومديريتها في المحافظة ومديرية المسارح، أن يكون جزءاً مهماً في خارطة الثقافة السورية، وذلك من خلال حرصه الدائم على تقديم أعمال ذات مستويات رفيعة تجمع ما بين المتعة والفائدة والتجريب والتطوير، ولعل خير دليلٍ على هذا الكلام مسرحية "مكانٌ يلائم الوجع"، حيث يتحدث هذا العمل عن الوجع السوري بكثير من الشاعرية والحب، ويناشد أبناء الوطن ليأخذوا دورهم في لملمة الجراح والنهوض بوطنهم الذي لن يُبنى إلا بسواعدهم القوية وحبهم له».

عبد الغني السلطان إسماعيل خلف بشار الضللي وباسل حريب

وبحسب مدير المسرح القومي: «لم يقتصر المسرح القومي على التوجه إلى فئة معينة أو شريحة عمرية من المجتمع، بل حاول أن يكون للجميع دون استثناء، إذ إنه سعى وبشكلٍ حثيث إلى تقديم عدد من الأعمال التي تمس روح الطفل وخياله، ولم تقتصر أعماله أو نشاطاته على ما تم عرضه على خشبة المسرح، بل ذهب للطفل أينما وجد، فقدم عروضاً مسرحية في عدد من الروضات، مثل: "البر، والنعيم، ومدرستي، والباسل"، وكانت الغاية من هذا التوجه تطلّع مديرية المسارح لجعل المسرح حاجةً دائمة بالنسبة للطفل، ولكي يصل المسرح إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال، وتم تعزيز هذه التجربة من خلال تظاهرة "ربيع مسرح الطفل"، حيث تم تقديم عرضي "رحلة السعادة، وأنشودة الأصدقاء"؛ في صالة الأنشطة الطليعية بالتعاون مع فرع الطلائع بالمحافظة، في الفترة الواقعة بين 9 و15 حزيران 2014؛ ترافق مع هذين العرضين عرضٌ لمسرحية "مملكة الفرح" على خشبة المركز الثقافي العربي في "الحسكة"».

ويختم "خلف": «ما أود قوله هو أن المسرح القومي في المحافظة تمكن من مواكبة مجريات الحياة اليومية، من خلال دراسة الواقع الثقافي وتعزيز مواطن الضعف في هذا الجانب من خلال رسائل موجهة ومدروسة عبر عروض فنية راقية، ويحسب له العديد من الأعمال التي قدمها تباعاً لكي لا يترك المجال مفتوحاً أمام نسيان الحالة الثقافية، ومن هذه العروض: "افتتاح مهرجان الفنون الشعبية، ومسرحية عن هول ما جرى، سبعة عروض في مهرجان الحسكة المسرحي بدروته الأولى، وأربع دورات لإعداد الممثل، وعودة ابن هشام في مهرجان اللغة العربية، وافتتاحية مهرجان المرأة المبدعة، ومسرحية كوخ الأصدقاء، ومحاضرة عن لغة الحوار في المسرح القومي، ومسرحية بهلول والأميرة الكسولة، ونور والذئب المغرور، ورحلة السعادة، عودة أبو الطيب في اليوم العالمي للغة، ومسرحية الجمجمة، وأنشودة الأصدقاء، ومملكة الفرح، ومكان يلائم الوجع، وخمسة عروض في مهرجان الحسكة بدورته الثانية في مدينة رميلان، وأسبوع ثقافي، والبعد الوطني والقومي في الأدب المسرحي السوري، والاحتفال بيوم المسرح العالمي، وأخيراً "خارج العلبة الإيطالية"».

الجمهور العريض للمسرح القومي

من جهته بيّن مدير الثقافة "عبد الوهاب الحسين" بالقول: «الدور الذي لعبه المسرح القومي في المحافظة كان كبيراً، فعلى الصعيد الفني تمكن المسرح من تقديم الترفيه والمتعة للمشاهدين على اختلاف شرائحهم، أما في المجال الثقافي فقد ساهم في إعادة الحياة للمشهد الثقافي وعزز الرابطة بين الثقافة والمتلقي، كما شارك في انبعاث الروح للمركز الثقافي من خلال رفع عدد الرواد إليه، ولم تكن الساحة الوطنية ببعيدة عن اهتماماته؛ فقد تمكن خلال فترة نهوضه وازدهاره من ترسيخ الروح الوطنية وإعلاء المفهوم القيمي بين الفرد ووطنه، وهذا الأمر يحسب له كثيراً، لافتاً إلى ضرورة زيادة الدعم لهذه التظاهرة الثقافية المتميزة ورفدها بكوادر نوعية، لتتمكن من تقديم نفسها للمتلقي على الوجه الأمثل من جهة، ومن جهة أخرى لتمارس دورها التثقيفي والتوعوي في بناء أجيال محصنة ضد التغريب الفكري والثقافي الممنهج الذي يسعى إليه العالم المتطور».

عبد الوهاب الحسين