"صدقة واصلة" أو "تقبّل الله الطاعات"؛ هي أولى الكلمات التي يسمعها حامل "السليقة" بعد أن يعطيها للجيران، إيذاناً بانتهاء صيام الأيام الستة التي يكمل بها صائم رمضان صيام الدهر.

السيدة "هناء كبيسي" أو "أم جاسم" كما تحب أن يناديها الآخرين، تحدثت عن طقوس السليقة لمدونة وطن "eSyria" عندما التقتها بتاريخ 25 آب 2014، فقالت: «منذ زمن بعيد سادت هذه العادة التي تعلمتها من والديّ، فبعد انتهاء شهر رمضان المبارك وتحديداً في الثاني من شهر شوال، يبدأ كبار السن صيام الأيام الستة التي شرعها الإسلام، وهذه الأيام بحسب الأحاديث الواردة تعد تتمة لصيام الدهر "السنة"، وبعد انتهاء الأيام الستة التي يمكن للصائم أن ينهيها متصلةً أو أن يفصل فيما بينها، تقوم الأم بصناعة "السليقة" وتوزعها على الجيران؛ كنوع من أنواع الصدقات، حيث يربطها الصائم بقبول الطاعات التي أداها، كما تسود قناعة عند بعض كبار السن، أن الصيام لا يُقبل من دون صناعة هذه الصدقة وتوزيعها».

أن هذه العادة ليست من الشرع في شيء بل هي منبثقة عن العادات والتقاليد المجتمعية، حيث لا يتطلب قبول الطاعات تقديم فروضٍ أو قرابين؛ إلا أنها إذا جاءت بنية الصدقة فلا ضرر منها، بل يثاب فاعلها ويكسب فيها أجراً عظيماً، وليس المقصود "السليقة" إنما أي فعل خيري يقوم به الشخص سواء في أشهر الطاعات والعبادات أو في غيرها

تضيف: «تتكون "سليقة شوال" من البقوليات فقط دون أن تدخل في صناعتها أية مواد أخرى، حيث تتضمن "فاصولياء يابسة، وعدس "مجدرة"، وبازلاء، ولوبياء، وفول يابس"، تغسل هذه المواد جيداً ثم تنقع بالماء لمدة كافية تساعد في طبخها ويجب ألا تقل عن 5 ساعات، بعد ذلك تطبخ هذه المكونات على النار حتى تغلي أربع "غليات"، ويجب أن يغمر الماء "السليقة" لأنها تقدم على شكل سائل "مرقة"، قبل الفوران يضاف إليها كمية من رب البندورة وبصلة كاملة دون تقطيع ويضاف ملح الطعام حسب الرغبة، ثم تسكب في أوانٍ منزلية وتقدم للجيران، وبهذا يكون العمل كاملاً ويطمئن الصائم لجهة قبول طاعاته بعد أن يتم توزيعها على الناس».

انتهاء مرحلة الطبخ

تتابع "أم جاسم": «يقوم بعض الناس بصناعة السليقة بطريقة ثانية؛ من خلال إضافة مادة "الهگط" إليها، و"الهگط" هو اللبن المجفف الخالي من الدسم، وتتم صناعته بطريقة خاصة وطويلة، وعند البدء بعملية الطبخ تضاف أربع قطع منها للسليقة، وتعطي هذه الإضافة لوناً وطعماً مختلفاً عن السليقة العادية، ويكون لون "السليقة" مائلاً إلى الأبيض بحكم لون "الهگط"، مشيرةً إلى أن هذه العادة أخذت بالانحسار التدريجي لعدة أسباب، منها وفاة المسنين الذين كانوا يساهمون في صناعتها وتوزيعها، أو لعدم قناعة البعض بربط تقبل الطاعة بهذا النوع من الصدقات والأعمال».

من جانبه بيّن رجل الدين الملا "طه درويش": «أن هذه العادة ليست من الشرع في شيء بل هي منبثقة عن العادات والتقاليد المجتمعية، حيث لا يتطلب قبول الطاعات تقديم فروضٍ أو قرابين؛ إلا أنها إذا جاءت بنية الصدقة فلا ضرر منها، بل يثاب فاعلها ويكسب فيها أجراً عظيماً، وليس المقصود "السليقة" إنما أي فعل خيري يقوم به الشخص سواء في أشهر الطاعات والعبادات أو في غيرها».

تعبئة الأواني

وأوضح: «أن الإنسان الذي قام بالعبادة يمكن أن يتصدق بالمال أو بتوزيع مواد على الفقراء، أو حتى بإقامة الموالد، طالما كانت النية خالصةً لوجه الله تعالى، أما في نص التشريعات السماوية أو التي أخذت بالقياس أو الاجتهاد؛ فلا يوجد موجبات لمثل هذه الأعمال بهدف أن يتقبل الله الطاعة التي أداها المرء، وتكثر في مجتمعاتنا مثل هذه الأمور؛ إما لقناعة شخصية لدى الأشخاص أو لطقوس اكتسبها من المجتمع الذي تربى فيه».

توزيع السليقة