لحظات جميلة يرسمها أهالي مدينة "القامشلي" وريفها مع تساقط هطول الثلوج على منطقتهم، واللحظات الأجمل يخلدها الأطفال وهم يمرحون ويلعبون على البساط الأبيض.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 12 كانون الأوّل 2013 وقفت عند بعض المعاني الجميلة والطقوس التي ترافق أيام الثلج، فالتقت في البداية أحد كبار السن في المنطقة الحاج "سليمان محمود حسين" فسرد عن ذكريات الماضي التي ظلت حتّى اليوم فقال عن ذلك: «عمري الآن يقترب من الثمانين، والمنطقة بشكل عام لا تشهد هطولاً للثلوج إلا كل عدّة سنوات، ونادراً ما يحصل أن يحلّ الثلج عامين متتاليين على منطقتنا، وهو ضيف عزيز ويطل بعد غياب طويل تقريباً، لذلك يكون الشوق والحنين إليه بشكل كبير جدّاً، والطقوس تقريباً متشابهة في الماضي وحتّى اليوم بالنسبة إلى الساعات التي تكون متزامنة مع تساقط الثلوج، فالصغار يخرجون دون استئذان أو حتّى أخذ موافقة كبار السن، وكأنهم على موعد يتجمّعون في أقرب ساحة ليتراشقوا بقطع الثلج فيما بينهم، وآخرون يصنعون قطعة كبيرة من الثلج ويركض بعضهم خلف بعض حتّى يرشق صديقه المستهدف ويكون قد كسب الرهان، وبعضهم -وحتّى تكون المنافسة قويّة- يشترطون على الخاسر إجراءات حبيّة ويشعرونه بالخسارة، كأن يحمل صديقه، وبعض هذه التصرفات كنّا نقوم بها في الصغر، ولذلك كنّا نجد متعة كبيرة أثناءها، ولذلك لا نحرم أطفالنا منها، بل كثيرة هي المرّات التي نخرج معهم نشاركهم في اللعب أو نستمتع بالمشاهدة معهم».

مع عودتي من المدرسة خرجت للفور بعد أن جهزتني الوالدة جيداً للحماية من البرد مع إخوتي وأطفال الحي للعب والمرح في ساعات جميلة جداً، ولم نشعر بانقضائها أبداً

وتضيف السيّدة "نسرين خالد" إضافات أخرى حول لحظات تساقط الثلج: «منذ سنوات عدّة لم نستمتع برؤية الثلج يتساقط على منطقتنا، وها هو اليوم الذي نثر حبيبات كبيرة وكثيفة علينا في منظر بهيج ورائع، وعلى الفور ألبسنا أطفالنا ألبستهم الشتوية الكاملة، وخاصة القطع التي تحمي اليدين والرأس لأنهم يتراشقون بالثلج وهذا يتطلب حماية اليدين بالدرجة الأولى، ولأنّ السعادة تغمرهم بشكل رائع وكبير فإننا مجموعة من نساء الحي نخرج معهم لنلعب معهم ونركض خلفهم، وما أجملهم وهم يقعون على الأرض وينهضون على الفور ويركضون ويتعثرون فيضحكون ويلتقطون الصور التذكارية، ويصنعون من الثلج مناظر وألعاباً جميلة، يرفضون العودة إلى البيوت طول النهار، ومادامت الأرض ترتدي ثوب البياض الجميل، وبهذا التلاحم بين الأطفال تتقوى العلاقات الاجتماعية ونرسم في داخلهم بهجة يفتقدونها لغياب الضيف عنهم مراراً، ولا يحل إلا بين الحين والآخر، حتّى مع عودة الأطفال إلى المنازل لا يفارقون النوافذ والأبواب يترقبون ويستمتعون برؤية الثلج كيف يتساقط من السماء ليعانق الأرض».

الاطفال يشاركون الأب فرحة اللعب بالثلج

لكبار السن طقسهم الخاص مع هطول الثلج عن ذلك حدثنا السيد "صالح الحاج محمود": «الكل يجتمع عند كبير العائلة سواء في القرية أم في المدينة حول المدفأة، وتكون الغرفة ملأى بأكملها، وهنا تكون الحصة الأكبر لكبار السن كثيراً ليسردوا القصص الحقيقية والمتميزة عن ذكريات هطول الثلج في الماضي البعيد، ومن بينها القصص الشيقة والجذّابة، ويكون السكون والهدوء هو المخيم على الغرفة، وهناك أطعمة خاصة تجهز وأغلبها الشوربات، إضافة إلى أكلات تكون ساخنة جداً، ويفضّل الجميع السهر حتّى ساعة متأخرة من الليل مستأنسين بالأجواء، وكذلك يظل الشبان حتى الصباح يلعبون ببعض الألعاب الخاصة بهم ضمن أجواء رائعة، وبصراحة يوم الثلج هو فرح ولعب ومرح واجتماع لأفراد الأسرة، وستكون أهمية كبيرة للثلوج على الأراضي الزراعية وستتفجر الينابيع وسيزداد مخزون السدود من المياه».

الطفلة "إستبرق عبد الله" عبّرت عن سعادتها بحمل الثلج فقالت: «مع عودتي من المدرسة خرجت للفور بعد أن جهزتني الوالدة جيداً للحماية من البرد مع إخوتي وأطفال الحي للعب والمرح في ساعات جميلة جداً، ولم نشعر بانقضائها أبداً».

علماً أن كبار السن أكدوا أنهم لم يشهدوا هذه الموجة من الثلوج على المنطقة بهذه الكثافة والكمية منذ عشرات السنين.