ينشأ الخجل كأحد أكثر الاضطرابات النفسية انتشاراً بين الأطفال عند شعورهم بالخيبة تجاه عالم الأشخاص، فتظهر لديهم مواقف غير صحيّة عديدة، ويبقى العنوان الأبرز لتأثر الطفل في سلوكه الاجتماعي مرتبطاً بأسلوب التربية الذي يعامل به.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 4 كانون الأوّل 2013 تعرّفت على العناوين السابقة وغيرها من العناوين الأخرى المتعلقة بالخجل عند الأطفال، وذلك بالوقوف عند عدد من المختصين والأطفال الخجولين الذين وعوا حالتهم، وكانت الوقفة في البداية مع الطفلة "سيما العبد الله" التي تحدّثت عن حالتها عندما قالت: «أنا في الصف الثالث حالياً، وخلال السنة الأولى من دراستي كان لدي خجل كبير وخاصة في المدرسة، حيث أثّر ذلك في مستوى دراستي الحقيقي، فكنتُ أخفي تفوّقي في داخلي فقط، وأدرك ذلك الأهل وتواصلوا مع كادر المدرسة وتحديداً مع المرشدة النفسية، ومع مرور الوقت بدأت أتجاوز كل العوائق الاجتماعية، وأكشف كل ما في داخلي من نجاح وتفوق وإبداع دون أية حواجز».

أنا في الصف الثالث حالياً، وخلال السنة الأولى من دراستي كان لدي خجل كبير وخاصة في المدرسة، حيث أثّر ذلك في مستوى دراستي الحقيقي، فكنتُ أخفي تفوّقي في داخلي فقط، وأدرك ذلك الأهل وتواصلوا مع كادر المدرسة وتحديداً مع المرشدة النفسية، ومع مرور الوقت بدأت أتجاوز كل العوائق الاجتماعية، وأكشف كل ما في داخلي من نجاح وتفوق وإبداع دون أية حواجز

المرشد النفسي "زهير يوسف" تحدّث عن بعض الجوانب في الخجل عندما بدأ قائلاً: «الطفل الخجول تكمن لديه رغبة دائمة بداخله في أن يكون بعيداً كلّ البعد عن الاحتكاك مع الآخرين حتّى لا يتعرض إلى أي سؤال أو اختبار منهم، وبذلك يبقى في داخله الشعور بالنقص، وبذلك يضع الطفل نفسه في موضع فقدان السيطرة على نفسه وعدم التركيز، وتكمن طرق معالجة هذا النوع من الخجل بتعليم وتدريب الطفل على اكتساب المهارات الاجتماعية الفردية للتفاعل مع الآخرين، وضرورة تعليمه الثقة بنفسه وتعليمه أنماط التفكير السليم والمنطقي، وهناك طرق علمية عملية يجب التأكيد على أن يمارسها الطفل كالكتابة بأي موضوع كان».

الطفلة سيما العبد الله

المرشدة "أفين أحمد" بدورها تحدّثت عن بعض الجوانب الأخرى في موضوع الخجل: «الطفل عندما تكثر لديه أعراض القلق في المواقف الاجتماعية ويهرب ويتجنب جميع تلك المواقف لسبب ما فهو الخجل الحقيقي والمزمن، وهو ما يسمّى المرض الوظيفي الذي يحدث بفعل ضرب من عدم التكيّف مع الواقع، وبذلك يرغب الطفل في التراجع عن تلك المواقف والانسحاب ويفضل الصمت والتباطؤ في الكلام والحياء الزائد وتجنب الآخرين، وإذا لم يعالج سيبقى ملازماً له طوال حياته، وربما يكون لديه سبب مباشر للخجل كوجود إعاقة جسديّة، أو التهديد الدائم والتعرض للإهانة من قبل الآباء، والنقطة الأخرى هي إحساس الطفل بعدم الأمان إلا مع والديه، وهي من أخطاء المربين، والنقطة المهمة التالية هي عدم الثبات على أسلوب للتربية والتنوع بين اللين والشدّة والقسوة، وكل ذلك أسباب مباشرة للخجل».

وأضافت المرشدة "أفين" حول بعض الإرشادات الاجتماعية والنفسية للتخلص من الخجل: «أهم نقطة تعليم الأطفال كيفية التواصل مع الآخرين بالشكل السليم والمتين، وزرع الثقة في داخلهم، والتعامل معهم حتّى عند الخجل بالتصرف الطبيعي، وإعطائهم أهمية خاصة تشعرهم بمكانتهم، وخلق جو من الألفة والطمأنينة بينهم وبين الآخرين، وتدريبهم على تكوين علاقات متينة مع أصدقائهم، وتحديد الأفكار الخاطئة لديهم ومعالجتها بحكمة، طبعاً كل ذلك يطبق عملياً في مدارسنا ونسعى إلى نشرها بين الأب والابن في المدرسة ومن خلال الندوات والمحاضرات في المراكز الثقافية وفي المدارس نفسها عند التواصل مع أولياء الأمور، وتكون النتائج طيبة على مستوى كل المدارس من قبل المرشدين».

الدكتور "إسماعيل العمري" عميد كلية التربية في جامعة "الفرات" بـ "الحسكة" عبّر عن النظرة التربوية والعلمية لموضوع الخجل بالقول التالي: «الخجل هو اضطراب نفسي يصيب الطفل ويشمل كل سلوكه، فيكون الاضطراب نفسياً وجسدياً مع ظهور علامات الخجل عليه، وفي تلك الفترة أي خلال الاضطرابات يرتفع السكر بالدم فيصيبه بالتغيّرات الفيزيولوجية، وضرورة ضبط الخجل منذ الصغر أسهل، أمّا فترة العلاج فليست بين ليلة وضحاها بل تحتاج إلى وقت وبرنامج محدد يعرف المربي كيفية التعامل، فتربية الطفل الخجول تحتاج إلى جهد وتوجيه دقيق وسليم ومتابعة دائمة وإلى تمارين معيّنة وهو الذي يسمى ضبط الخجل، والكل معنيون بالتربية من المعلم إلى الوالدين والصديق السوي والمجتمع كله، والعقبة الأبرز تكمن في الطفل الذي أخذ الخجل وراثة ومع ذلك بإمكان المربي الصحيح تخليصه من ذلك، وبما أنّ البيئة المحيطة تحدد النسبة المئوية للخجولين، فبعض العادات التي توارثها أبناء "الجزيرة" السورية أفرزت أعداداً من الأطفال الخجولين، ومع ذلك انصاع الأغلبية مع مرور الوقت إلى التعلم الكامل والتعرف على قوانين الحياة الجميلة فأعطوا الطفل الاستقلالية وحقه بالقدرة على التصرف وبشخصية كاملة».