لاشك أن المدارس التقليدية أضحت لا تلبي الطموحات المرجوة منها مع التطور الحاصل حولها حتى في محافظة نامية كـ "الحسكة"، لذا تعتبر المدارس صديقة الطفولة نواة للانتقال إلى مدارس تلبي المتغيرات التي ينام ويصحو عليها المواطنون.

وقد تم تخصيص عدد من المدارس لتكون صديقة للطفولة بالتعاون مع منظمة اليونيسيف، تم اختيارهم حسب تموضع المدرسة الجغرافي، وللوقوف على واقع هذه المدارس التقت مدونة وطن eSyria الطفل "يزن الحمدان" فقال": «يوجد في مدرستنا العديد من الأشياء الجميلة، حيث نمتلك مكتبة للقصص وأجهزة لعرض الدروس، كما يوجد في الصفوف ألعاب كثيرة وهذا ما يفتقر له زملائي في المدارس التقليدية، ودائماً تأخذنا المدرسة لنتجول في الأسواق ونتعلم كيف تتم صناعة الأشياء، كما تتميز مدارسنا بالرسوم الجميلة ويوجد لدى كل طالب صندوق بلاستيكي جميل لوضع حاجياته الخاصة فيه، وطبعاً الكثير من الأمور الترفيهية التي لا تمتلكها المدارس الأخرى».

إن للمدرسة أبعاداً تربوية مهمة متمثلة بالأدوار الحقيقية للمعلم، والتركيز على المتعلم والتعلم، من خلال العمل وتحقيق الترابط بين المفاهيم النظرية والتطبيقية، إذ تعمل هذه التجربة على تحويل العلم ذي الوظيفة التعليمية إلى ميسر للمعلومة، من خلال العمل على تطبيق تجربة التعلم النشط الذي أثبت نجاعته في عدد كبير من دول العالم

مديرة مدرسة "ادوار ايواس" المدرّسة "سهير الحمدي" قالت: «إن المدرسة صديقة الطفولة هي التي يأتي إليها الأطفال سعداء فرحين، ويغادرونها وكلهم شوق للعودة إليها في اليوم التالي، إذ تعتمد هذه المدارس على النظافة والألوان الزاهية التي تزين الجدران برسوم تم اختيارها من قبلهم وقام التلاميذ بزراعة النباتات والعناية بها كما أن عدد تلاميذ الشعبة الواحدة لا يتجاوز ثلاثين تلميذا وتلميذة».

مدرسة ادوار ايواس

تضيف "حمدي": «زودت هذه المدارس بالوسائل العلمية الحديثة مثل أجهزة إسقاط وأجهزة كمبيوتر طابعة، حيث تهتم بتنمية قدرات التلاميذ العقلية والبدنية، وتهتم بصقل مواهب التلاميذ العلمية والفنية والرياضية، كما تم تزويد المدرسة بحقيبة علمية وحقيبة موسيقية وحقيبة رياضية وحقيبة إبداعية ومكتبة متخصصة كما يتم عرض نتاجات الأطفال في أماكن مخصصة ومدروسة تتيح لجميع الطلاب التفاعل معها، كما تعمل على تحريض الفكر الإبداعي لديهم وتخلق بينهم روحاً عالية من المنافسة، وجديد المدرسة صديقة الطفولة أنها تضم مجلس إدارة فعالاً يشارك به الأطفال وأولياء الأمور ومعلمون وممثلون عن المجتمع المحلي وإدارة المدرسة، ويضعون خطة عمل سنوية تتماشى مع السياسة التربوية ويشارك أعضاء المجلس في جميع الحوارات وبشكل ديمقراطي وخصوصاً الأطفال، حيث يشاركون في جميع مجالات عمل المدرسة، وهذا التحول في التعامل مع الأطفال يهدف إلى تعزيز حس المسؤولية والثقة بالنفس لديهم».

ولفتت مديرة المدرسة إلى «أن المدارس صديقة الطفولة تعتبر بيئة نموذجية ومثالية لدمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمعات المحلية، حيث تضم مرشدا متخصصا للتعامل مع هذه الفئة بالشكل الأمثل، وقد تم تجهيز المدرسة، إذ تتوافر فيها البيئة المادية المناسبة لهذه الفئة، مثل ممرات خاصة وحمامات وقضبان معدنية، وقد تم تدريب المعلمين والعاملين، للتعامل مع هذه الشريحة من الأطفال لوضعهم في الأجواء المناسبة، فيتم إشراكهم في جميع نشاطات المدرسة، كما أن المدارس صديقة الطفولة تراعي الفروق الفردية بين الأطفال وتعمل على مبدأ المساواة والعدالة وعدم التمييز لأي سبب كان».

من نتاجات الاطفال

وأوضحت "حمدي": «يتوافر في المدرسة البيئة الصحية والآمنة للأطفال، إذ تضم حديقة تضمن التهوية الجيدة والإنارة الطبيعية، كما تم إيلاء جانب السلامة اهتماماً كبيراً حيث تم تزويد المدارس صديقة الطفولة بأجهزة إطفاء لضمان السيطرة على أي وضع طارئ أو حريق، إضافة إلى صيدلية مجهزة بعدد من الأدوية الإسعافية للحالات الطارئة في حال وقوعها، كما تم تجهيز المدارس بدورات مياه صالحة للاستخدام لكلا الجنسين».

ولفتت "حمدي": «إلى أن جميع الأطراف التربوية والإدارية في المدرسة تعمل على زيادة خبراتها وتعميق تأهيلها ذاتياً، وذلك من خلال اتباع الدورات المستمرة التي تنظمها وزارة التربية مع منظمة اليونيسيف، ومن خلال تبادل الزيارات في الصفوف وتبادل الزيارات مع المدارس الأخرى المتميزة، فقد وجدت المدرسة صديقة الطفولة لتعمل على توفير بيئة تعليمية تقوم على استخدام أساليب التعلم النشط، الممتعة والجاذبة للأطفال والمرتبطة بالبيئة المحلية، إذ لا بد من الإشارة إلى أن المعلمين في المدراس صديقة الطفولة مؤهلون لاستخدام استراتيجية التدريس الفعالة، فالتلميذ محور عملية التعلم وهو عنصر فعال فيها، ويستخدم أساليب /البحث والاستقصاء والعمل ضمن مجموعات عصف الدماغ/، كما زودت الشعب الصفية بطاولات وكراسي تخدم عمليات التعلم الفعال ضمن المجموعات، حيث يتم تشكيل الصف بالشكل المناسب لأن المدارس صديقة الطفولة تركز على الأنشطة الصفية واللاصفية في آن معاً، وهذا بدوره يعزز المهارات الحياتية للأطفال وما يزيد الفائدة المرجوة من هذه المدارس هو انفتاحها على المجتمع المحلي والعمل على توظيف خبرات المجتمع لخدمة العملية التعليمية، من خلال تعاون الأطباء والصيادلة وأصحاب المهن اليدوية والحرف الفنية وما إلى ذلك».

سهير حمدي

من جانبها قالت منسقة مشروع المدرسة صديقة الطفولة في مديرية تربية الحسكة "أمينة محمد علي": «إن للمدرسة أبعاداً تربوية مهمة متمثلة بالأدوار الحقيقية للمعلم، والتركيز على المتعلم والتعلم، من خلال العمل وتحقيق الترابط بين المفاهيم النظرية والتطبيقية، إذ تعمل هذه التجربة على تحويل العلم ذي الوظيفة التعليمية إلى ميسر للمعلومة، من خلال العمل على تطبيق تجربة التعلم النشط الذي أثبت نجاعته في عدد كبير من دول العالم».

بدوره بين مدير التربية بالمحافظة "محمد علي الحسن" أن مديرية التربية بالحسكة حددت 128 مدرسة صديقة للطفولة، موزعة على مختلف مناطق المحافظة، وذلك تنفيذاً لخطة وزارة التربية الرامية للتوسع بإحداث وتخصيص مدارس صديقة للطفولة، مشيراً إلى أن هذا المشروع يكتسب أهمية كبيرة، لكونه من أبرز المشروعات التجديدية التربوية الذي تنفذه وزارة التربية، ويستند إلى عدة مرتكزات تتمحور حول البيئة التربوية والنفسية المحفزة على التعلم، والمبادرة والنشاط التعليمي داخل وخارج المدرسة، والتعلم المتمحور حول الطفل والتعليم التعاوني، والمشاركة المتبادلة حيث يلعب المعلم دور المرشد والميسر والموجه، إضافة للتواصل الفاعل بين المدرسة والأسرة والمجتمع المحلي من خلال الأطفال أنفسهم، والتفاعل الايجابي مع البيئة والمحافظة على مواردها.

وأشار "الحسن" إلى أن المديرية شكلت 16 فريقاً محلياً لتنفيذ خطة التوسع بإحداث المدارس صديقة الطفولة، حيث تم تشكيل لجان بالمدارس تضم المدير والمرشد ومعلمين وتلميذين وأعضاء من المجتمع المحلي وأولياء الأمور، وتم تدريب اللجان على وضع خطة تطويرية للمدارس صديقة الطفولة من قبل الفرق المحلية بالمجمعات التربوية، لافتاً إلى أن اختيار المدارس تم وفق معايير أهمها أن تكون المدرسة نموذجية، والأهالي قادرون على التعاون مع الكادر التدريسي لضمان تطبيق نظام المدارس صديقة الطفولة.