كان رجلاً يعشق الخير ولغة السلام، همّه مساعدة الناس والمحتاجين، جلّ وقته سماع الهموم والمطالب، يسعى لحلّها مهما صعبت، وصى من بعده بالسلام و"دمشق".

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 25 شباط 2020 التقت عدداً من أبناء منطقة "الجزيرة" السوريّة، للحديث عن شخصية الراحل "أحمد دهام الهادي الجربا"، فقد ترك إرثاً كبيراً بمحبة الناس له، منهم الشاعر "علي السبّاح"، فقال عنه: «تربى في منزل يدعو للخير والوطنية، فقد نفى الإنكليز والده إلى إحدى الجزر، نتيجة رفضه تقسيم البلد في ذلك الوقت، وسار الابن على ذلك النهج، عشقه لوطنه تجلّى في المواقف والأفعال، لم يساوم عليه خلال سنوات الحرب، وعندما هاجم المسلحون منطقة "القامشلي" طلبتُ منه التوجّه إلى "دمشق" كونه مريض، رفض ذلك بشدة، معتبراً نفسه من المدافعين عنها وعن أهلها، وقال حتى لو دخلوا منزلي وذبحوني مع أبنائي، لا أفارقها، أزور منزله بشكل يومي، كنت أجدُ عنده وعلى مدار الساعة زوّار وأهل الحاجة، وبابه لا يغلق نهائياً، وإحدى أهم مزاياه أنه لا يسأل الزائر عن مكانه وانتمائه، يطرح عليه سؤالاً واحداً فقط: (ما هي حاجتك)، ينجزها مهما كلفته من جهد وتعب ومال، كان يتنقل بين مدينته و"دمشق" بشكل كبير، دائماً يكرر المقولة التالية: (أنا شامي) مستشهداً ببيت من الشعر لـ"نزار قباني" يقول فيه: (أنا الدمشقي لو شرحتم جسدي لسال منه عناقيد وتفاح)، عشقه للعاصمة أكثر من الوصف، ووصى بأن يذكروا حبّه لها بعد وفاته».

له جوانب خيّرة وإنسانية ومباركة في شتى مجالات الحياة، أمّا اهتمامه بالزراعة وتطويرها، فكانت من الأولويات عنده، هدفه من ذلك بالدرجة الأولى، تشغيل أكبر قدر من اليد العاملة، والعامل عنده مقدر ومحترم كثيراً، يقدم له كل أشكال الدعم المادي والمعنوي، يعتبره جزءاً من أسرته، تواضعه معهم أهم ميزة عنده، كان يتعامل مع الصغار ويعطف عليهم، ويداعبهم بروح الأبوة والحنان، ربعته ومنزله لوحة اجتماعية رائعة، تجتمع فيها كل الأطياف، يمتاز بالصبر والحكمة والهدوء، حلّ قضايا مجتمعية عصيبة وكثيرة، مع فراقه كان الحزن كبيراً بالمنطقة، كتبوا عنه شعراً ونثراً

من جانبه الباحث في التاريخ "جوزيف آنطي" ومن خلال معرفته بالراحل، يعطي تفاصيل أخرى متعلقة بحياته ويقول: «امتاز بكل الخصال التي تتوفر في الشيوخ ووجهاء القبائل، كان شيخاً بحق، وأحد أبرز وجهاء قبيلة "شمر" العربيّة، امتاز بالكرم والشهامة والرجولة، عُرف عنه التواضع ومساعدة القريب والبعيد، لم يكن يتردد بقطع المسافات وطرق أبواب المسؤولين في سبيل خدمة أحدٍ زار منزله يطلب الحاجة، بصمته الاجتماعية من خلال تصديه وبشكل دائم، لحل النزاعات والخلافات بين الأسر والعشائر، يستثمر حب الناس له واحترامهم لقراراته، كانوا يلبون دعوته للسلام والوئام والصلح، وكان يحث أبناءه، للمضي على ذات النهج الذي عاش عليه والده، خيمة عزاء الراحل اكتظت بأبناء "الجزيرة" السوريّة، وحديثهم عن مناقبه وخصاله إشارة مهمة لما خلّفه من إرث وطني واجتماعي، التزاماته الاجتماعيّة كانت يومياً، يتنقل بين المحافظات والبلدات والمدن والقرى، في سبيل تأدية واجب اجتماعي، رسالته العامة والتي يعرفها الجميع هي السلام، ووصيته التي قالها خلال سنوات الحرب كثيراً: (وطنكم ثم وطنكم)».

الباحث جوزيف آنطي

له دور كبير في تطوير الزراعة حسب ما قاله المزارع "صالح المحمود" من أهالي ريف "اليعربية" وأضاف: «له جوانب خيّرة وإنسانية ومباركة في شتى مجالات الحياة، أمّا اهتمامه بالزراعة وتطويرها، فكانت من الأولويات عنده، هدفه من ذلك بالدرجة الأولى، تشغيل أكبر قدر من اليد العاملة، والعامل عنده مقدر ومحترم كثيراً، يقدم له كل أشكال الدعم المادي والمعنوي، يعتبره جزءاً من أسرته، تواضعه معهم أهم ميزة عنده، كان يتعامل مع الصغار ويعطف عليهم، ويداعبهم بروح الأبوة والحنان، ربعته ومنزله لوحة اجتماعية رائعة، تجتمع فيها كل الأطياف، يمتاز بالصبر والحكمة والهدوء، حلّ قضايا مجتمعية عصيبة وكثيرة، مع فراقه كان الحزن كبيراً بالمنطقة، كتبوا عنه شعراً ونثراً».

يذكر أنّ الراحل "أحمد الجربا" من مواليد "قلعة الهادي" في "الحسكة" عام 1944، فارق الحياة في 20 شباط 2020، يحمل إجازةً في الحقوق.