تنقل بين المطالعة والاجتهاد إلى الكفاح والنضال مروراً بالشرح والتأليف، وتصدى لرسم أجمل العلاقات الاجتماعية بين أبناء مجتمعه، فكان الشيخ والمعلم..

مدوّنة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 3 أيار 2014 أحد وجهاء عشيرة العباسيين الحاج "صالح المحمود" الذي تحدث عن المرحوم "أحمد محمّد الزفنكي" بالقول: «كان "أحمد" في صغره بارقة أمل ورجاء لوالده في حمل رسالته التعليمية الدينية، وقد بذل جل وقته وجهده ليكون خير خلف لخير سلف، فنبغ في شخصية فذة، واهتم بالعلم والمعرفة اهتماماً كبيراً، وتفوق على أترابه الذين تتلمذوا على يد والده، وأصبح خلال فترة وجيزة من الزمن في مقدمتهم، وكان يشار إليه بالبنان لقوة بديهته، وسعة علمه رغم صغر سنه، بداياته كانت في "عين ديوار" التي تبعد عن "القامشلي" مسافة 100كم، ومع مرور الوقت ذاع صيته واسمه في كل المناطق والنواحي، فلم يتردد بحل الكثير من الخلافات والاختلافات التي كانت تحصل بين العشائر والأسر، وبشكل يومي تقريباً كان يطرق بابه مجموعة من الناس تطلب منه إنجاز صلح اجتماعي، وكثيرة هي الحالات التي يعود الفضل إليه في حلها».

كان "أحمد" في صغره بارقة أمل ورجاء لوالده في حمل رسالته التعليمية الدينية، وقد بذل جل وقته وجهده ليكون خير خلف لخير سلف، فنبغ في شخصية فذة، واهتم بالعلم والمعرفة اهتماماً كبيراً، وتفوق على أترابه الذين تتلمذوا على يد والده، وأصبح خلال فترة وجيزة من الزمن في مقدمتهم، وكان يشار إليه بالبنان لقوة بديهته، وسعة علمه رغم صغر سنه، بداياته كانت في "عين ديوار" التي تبعد عن "القامشلي" مسافة 100كم، ومع مرور الوقت ذاع صيته واسمه في كل المناطق والنواحي، فلم يتردد بحل الكثير من الخلافات والاختلافات التي كانت تحصل بين العشائر والأسر، وبشكل يومي تقريباً كان يطرق بابه مجموعة من الناس تطلب منه إنجاز صلح اجتماعي، وكثيرة هي الحالات التي يعود الفضل إليه في حلها

وعن رحلته في الدفاع عن الوطن يتابع الحاج: «لم يأل جهداً في زمن الاحتلال الفرنسي بتقديم ما أمكن، فبادر إلى العمل في صفوف الوطنيين، واشترك في المقاومة السورية الوطنية ضد الاحتلال، وسرعان ما عرفت فيه السلطات الفرنسية قوته وصلابته وتأثيره، فقد ضم جموعاً كثيرة وحشدها للمقاومة، ولذلك تعرض في سبيل ذلك للضرب والتهديد والترهيب، وتمّ نفيه أكثر من مرّة، إلا أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل لثنيه عن طريق المقاومة الوطنيّة، وقد غمرت نفسه نشوة النصر وجنى مع أبناء وطنه ثمرة الانتصار بهزيمة المحتل وطردهم، وبعد ذلك عاد إلى رحاب العلم والتعليم ودور العبادة، وقد خرّج الكثيرين من طلبة العلم، فكان منهم الأئمة والعلماء والمدرّسون، وفي نهاية العشرينيات قرر الاستقرار في مدينة "القامشلي"، ومع بداية الأربعينيات صدر قرار بتعيينه مفتي للمدينة لما يملك من خصال ومناقب فريدة».

الباحث جوزيف أنطي

أما الباحث التاريخي "جوزيف أنطي"، فيقول عن حياته في تلك الفترة: «عندما عين مفتياً للمدينة لم يكن فيها سوى جامع صغير من اللبن والطين، وخلال فترة قصيرة أتمّ بناء مسجد كبير، وأسس الجمعيات الخيرية، وبنى لدائرة الأوقاف المحال التجاريّة، وحين رأى القائمون بأعمال وزارة الأوقاف استقامته وتفانيه في العمل، كانت المثوبة تكليفه الإشراف على أوقاف "الجزيرة" برمتها، فتمكن من رفع شأن هذا القطاع الحيوي ليؤدي دوره الإيجابي في تنمية الخدمات الإنسانية والاجتماعيّة، ورغم ذلك الجهد الكبير فقد توجه إلى ترجمة العديد من الكتب في اللغة والفقه، فكان يتقن لغات عدّة منها العربية، التركية، الفارسية، إضافة إلى لغته الكردية، وانكب على ترجمة "الديوان الجزري" في العقد الجوهري، وفيه لاقى صعوبات كثيرة لعدم وجود قاموس جامع باللغة الكردية ولتشعب لغاتها، ومع ذلك كانت ترجمة الديوان مثالاً رائعاً في البلاغة والإتقان والأمانة الأدبية، وكتاباً مميزاً في المكتبة العربية، وانتشرت نسخ منه في أهم دور النشر والتوزيع العامة والخاصة في "القاهرة" وعواصم أوروبية، علماً أنه كان يقوم في الكثير من المرات بشرح بيت شعري بجميع اللغات التي يتقنها وهي تجربة مميزة ونادرة، وفي سنوات عمره الأخيرة من شدة انعكافه على التأليف والتدوين والعمل ساعات متواصلة في الليل للعلم والكتابة فقد بصره، وبعد ذلك توفي عام 1971».