سطّر الفنان "محي الدين الصوفي" رسوماته على الجدران والأبواب عندما بدأ في عالم الرسم، وخطا مراحل وصعوبات جمّة حتّى أصبح من أشهر رسّامي المحافظة.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 28 حزيران 2014، التقت الرسام "محي الدين الصوفي" في مدينته "القامشلي"، فبدأ حديثه بالقول: «عشقتُ هذا الفن منذ الصغر، فكان هناك رسام يدعى المرحوم "عبد اللطيف إسماعيل" كان مقرباً من العائلة، فتأثرت بريشته كثيراً ووجدت الرسم شفاء ودواء، ومنذ الطفولة كنت أرسم ودون عنوان على الجدران وعلى التراب، وفي الشوارع وبأي قطعة أحملها بيديّ سواء من الطباشير أو قطع الجبصين، ولذلك كانت تنهال عليّ كل أنواع العقوبات على تلك التصرفات، ومع ذلك كان الهوى يزداد نحو الرسم، وخلال مشواري الدراسي وبدءاً من المرحلة الابتدائيّة كانت دفاتري وخاصة دفتر الرسم من أجمل الدفاتر وبشهادة مدرسي المواد، وبذلك من تلك المرحلة بدأت أشارك في المعارض التي كانت تقام على مستوى المدينة، وكثيرة هي المرات التي حددت لوحاتي كأجمل اللوحات ونالت مدرستي عدة مرات مراتب الصدارة من خلالها».

اسم مهم في عالم الفن والرسم تحديداً، قدّم خلال السنوات الطويلة الماضية بكل حب وأمانة، علم أجيالاً كثيرة وحتى اليوم يتابع نهجه، لوحاته تكون معبرة وفيها رسالة واضحة، والأجمل عندما يرسم لوحة فيقدم كل شخص التعبير الذي يجده مناسباً لتلك اللوحة

مشواره الدراسي في الإعدادية والثانوية سار بنفس الوتيرة، يضيف عن ذلك: « تابعت المشاركة في جميع المعارض التي كانت تقام على مستوى المدينة والمحافظة، وتم اختيار مدرستي "عربستان" في تلك المرحلتين كأفضل مدرسة بتقديم اللوحات الفنية وذلك من خلال موادي، وكنتُ أشارك في تقديم لوحات منوعة في جميع الفعاليات والمناسبات الوطنية التي كانت تقام في تلك الفترة، وبعد النجاح والحصول على الشهادة الثانوية انتسبتُ إلى كلية الآداب وأنا مكره على ذلك، لأن طموحي كان الفنون الجميلة، وبعد مساعدة طيبة من شقيقتي تم إقناع الأهل بتحقيق حلمي، وذلك بعد أن أعدت امتحانات الشهادة الثانوية من جديد، وأيضاً حققتُ التفوق والنجاح الباهر، ولأنني كنتُ على عجالة للانتهاء من الدراسة والالتحاق بالوظيفة من أجل الراتب الشهري ومن شدة حاجتي إليه، فقد ضحيتُ بكلية الفنون الجميلة وانتسبتُ إلى معهد الفنون الجميلة بـ"دمشق"، وفي كل عام كان هناك معرض على مستوى جامعات القطر وفي عامين متواليين حققتُ المركز الأول على القطر بجمالية اللوحات التي كنتُ أقدمها ففي السنة الأولى قدمت لوحة بالرسم عن الزي الشعبي في الجزيرة السورية، وفي العام الثاني لوحة من الطبيعة الصامتة».

يهوى رسم الوجوه كثيراً

بعد انتهاء مشوار الدراسة في المعهد بدرجة الامتياز بدأ تعليم الأجيال فن الرسم، وعن هذه المرحلة أضاف: «امتزجت الهواية وحب الرسم عندي بالتعليم المهني والدقيق في المعهد، ولذلك بدأت تدريس ذلك الفن في مدارس التربية، وجميع المدارس التي درستُ فيها كانت تنال المرتبة الأولى على مستوى معارض المنقطة، إضافة إلى ذلك كنّا نحوّل تلك المدارس إلى لوحات من الفن والإبداع، وفي هذه الفترة قدمت لوحات وبالجملة لجميع المنظمات والفعاليات والمؤسسات الحكومية بمدينة "القامشلي" خاصة أيام المناسبات والمسيرات والاحتفالات، وبالنسبة للمعارض الفنية شاركتُ بعدد منها وبلوحات كثيرة في مدينة "القامشلي"، حتّى أثناء خدمة العلم سخرّت اختصاصي وموهبتي برسم خرائط نالت الإعجاب وأدهشت الجميع».

ثم ختم حديثه فقال: «في فترة من الفترات كنت في مدينة "حلب" وشاركتُ بأربعة معارض فنيّة، ومن شدّة إعجاب المتابعين لفن الرسم طالبوني برسم لوحة جدارية كبيرة على إحدى مدارسها، وقبيل إنجازها سقطتُ على الأرض وأصابني مرض الديسك في الظهر، وأجريت عملية جراحية وحتى اليوم هناك ألم من ذاك السقوط، ومع ذلك تابعت الرسم والتعليم لأجيال وأجيال، وبالعودة إلى مدينة "القامشلي" تفرغتُ كلياً لتعليم ذاك الفن إلى كل من يرغب تعليمه، والآن هناك أسماء لامعة في ذاك المجال وتقيم معارض فنية عالية المستوى، وتشهد تلك الأسماء بإشرافي على تعليمها، فالرصيد الاجتماعي كبير وحفاظي وحرصي على فن الرسم في أوجه».

يجد راحة البال وقضاء الوقت بالرسم

وأضاف: «ضرورة الحب للفن وجعله هواية وليس مهنة، وعليه إتقان الرسم بجميع الألوان والأقلام، ولا بدّ من اعتبار فن الرسم رسالة ينثر من خلالها الحب والإخاء والسلام والجمال والروح والطبيعة، أمّا بالنسبة لي فأستخدم بشكل عام الأقلام الخشبيّة مع استنباط طريقة خاصة مع تلك الأقلام لتعطي اللوحة جمالاً مميزاً وجاذبية أكثر، والكثيرون عبروا عن دهشتهم بنجاح تلك الطريقة، فالألوان تمتزج مع بعضها بعضاً وكأنها ألوان متعددة ولكنه قلم خشبي فقط، ومع فن الرسم أجد المتعة والهدوء وراحة البال خاصة إذا رسمت لوحة من الطبيعة الصامتة أو صورة لوجه بشري».

السيد "حمود عليوي" مدير مدرسة "الكرامة" في "القامشلي" يتحدث عن درجة عطائه في المدرسة المذكورة بالقول: «أخلص في عمله كثيراً عندما كان في تلك المدرسة مشرفاً ومدرساً لمادة الفنون، وأثنى عليه وعلى المدرسة المندوب الوزاري عند إشرافه وجولته على المدرسة، كان يعطي بصدق وسخاء وبطريقة علمية رائعة، شجع الطلاب على حب فن الرسم، ولذلك تألقت مدرستنا في المعارض ونالت الريادة كثيراً».

لوحة نالت الريادة في أحد المعارض

الرسام "أسعد حمادة" قال عن زميله: «اسم مهم في عالم الفن والرسم تحديداً، قدّم خلال السنوات الطويلة الماضية بكل حب وأمانة، علم أجيالاً كثيرة وحتى اليوم يتابع نهجه، لوحاته تكون معبرة وفيها رسالة واضحة، والأجمل عندما يرسم لوحة فيقدم كل شخص التعبير الذي يجده مناسباً لتلك اللوحة».