يعدّ من التلال الأثرية الغنية في محافظة "الحسكة"، لم يأخذ حصته من التنقيب، لكنه حظي بالبحث والمتابعة، وتم رصد باطنه بأدوات وقصص عمرها آلاف السنين، فهو حكاية مدن كاملة، على الرغم من تعرضه للعبث والتخريب خلال الأزمة.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 3 نيسان 2015، خلال زيارتها إلى قرية "قصروك" التي تبعد عن مدينة "القامشلي" مسافة 50كم، وجدت فيها تلين أثريين، فيهما قصص كثيرة وروايات تاريخية، يعرفها أبناؤها ومن عاش في القرية السياحية والتراثية، حيث يقول الإعلامي "كميل سهدو" عن قريته وما تحويه: «القرية تملك مزايا سياحية، فيها طبيعة خلابة، وأشجار كثيفة، وزراعات منوعة وكثيرة، إضافة إلى تلالها الأثرية، وأخذت طابعاً سياحياً، وهي تحظى بزيارات السياح بوجه دائم. أمّا فيما يخص آثارها، ففي القرية تلّان يقعان على أطرافها، وكلاهما ضمن قائمة التلال الأثرية حسب ما وثقته مديرية الآثار في محافظة "الحسكة"، يصنفان إلى تل كبير، وآخر صغير، وضمنهما قصور قديمة عمرها آلاف السنين، التضاريس العديدة فيهما بيّنت قصصاً كثيرة، وأولها وأهمها وجود علامات كنيسة ودير وحجارة منوعة، تلك الحجارة مدون عليها بحروف سريانية، حيث بيّن الباحثون أنها شواهد تعود إلى القرن الحادي عشر الميلادي، وهي باللغة السريانية ومؤرخة بالتاريخ الهجري من خلال الجملة التالية: "طايو يو"؛ وتعني "التاريخ الهجري"، لذلك سكان تلك المرحلة في التل من المسيحيين الأرثوذكس، وتاريخ تلك المرحلة يؤكد أن الحقبة الزمنية كانت بعهد القديس السرياني "مار شمعون الزيتوني بن منذر الحبسناسي"، المولود عام 657م».

هناك حجارة تظهر غياب السكان السريان عن العيش في التل عام 1265 بسبب الهجمات المغولية، إضافة إلى وجود تنانير كثيرة وأبنية من اللبن مملوءة بالفخار والرماد، مع وجود بعض الأفران قطر بعضها يتجاوز المتر ونصف المتر، تلك الأفران كانت مخصصة للطهو والخبز، جميعها داخل التل الكبير، مع علامات واضحة تكشف وجود قبور بأعداد كثيرة، حتّى إن العظام شاخصة داخل التل وفي محيطه. والأهم من ذلك، في العديد من السنوات وخلال مدة هطول الأمطار الغزيرة، حصل الأهالي على عملات نقدية كثيرة، بسبب خروجها من الحفر من شدة الأمطار، وتلك العملة تعود إلى زمن "الاسكندر المقدوني"، كل ذلك إشارة واضحة إلى أن التل الكبير كان عبارة عن مدينة عامرة بالناس والحركة والتعايش

يتابع الإعلامي "سهدو" حديثه عن القصص التي تحملها تلال قريته منذ آلاف السنين، وشواهدها حاضرة إلى اليوم بالقول: «هناك حجارة تظهر غياب السكان السريان عن العيش في التل عام 1265 بسبب الهجمات المغولية، إضافة إلى وجود تنانير كثيرة وأبنية من اللبن مملوءة بالفخار والرماد، مع وجود بعض الأفران قطر بعضها يتجاوز المتر ونصف المتر، تلك الأفران كانت مخصصة للطهو والخبز، جميعها داخل التل الكبير، مع علامات واضحة تكشف وجود قبور بأعداد كثيرة، حتّى إن العظام شاخصة داخل التل وفي محيطه. والأهم من ذلك، في العديد من السنوات وخلال مدة هطول الأمطار الغزيرة، حصل الأهالي على عملات نقدية كثيرة، بسبب خروجها من الحفر من شدة الأمطار، وتلك العملة تعود إلى زمن "الاسكندر المقدوني"، كل ذلك إشارة واضحة إلى أن التل الكبير كان عبارة عن مدينة عامرة بالناس والحركة والتعايش».

من آثاره

الباحث والكاتب "أنيس حنا مديوايه" تحدّث عن أمور أخرى تخص تلال قرية "قصروك" بالقول: «زارت بعثات عديدة ذلك التل، وتم توثيق الآثار إلى جانب التل الصغير الذي في القرية، لكن تلك البعثات لم تنقب عنها نهائياً، حيث إنها كانت ضمن خطة التنقيب بأسلوب مهني وقانوني، لكن ذلك لم يتحقق، وقد أكدت مديرية الآثار في محافظة "الحسكة" أن التل تعرض إلى تنقيب غير شرعي أكثر من مرة خلال سنوات الأزمة، وفي المدة القليلة الماضية، تم رصد عدد من الأحجار الأثرية التي خرجت من التل، وهي في عراء القرية، تلك الأحجار تثبت بوضوح وجود كتابات وأرقام عليها باللغة السريانية. وهناك آثار عديدة ضمن التل تؤكد وجود حالة زراعية واقتصادية وتجارية قوية، خاصة من حيث ظهور إشارات على وجود الأختام بأحجام مختلفة ضمن التلين الكبير والصغير؛ لذلك حتى اليوم تعد القرية من أهم القرى زراعياً واقتصادياً، وهذا دليل على قوة البنية التحتية فيها قبل آلاف السنين، وعودة الحياة في القرية بعد هجمات المغول، دليل على قوة الإرادة».

علامة من علاماته
في عراء القرية