وضعت قرية "فطومة" لنفسها نظاماً وقانوناً اجتماعياً التزم به جميع الأهالي منذ تأسيس القرية حتى وقتنا الراهن، حيث يتلخص هذا النظام الاجتماعي بالحب والوئام والتعاضد في السرّاء والضرّاء.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 25 شباط 2017، خلال زيارتها لقرية "فطومة" التابعة لريف "اليعربية" التي تبعد عن مدينة "القامشلي" 85كم، تعرّفت إلى طبيعة وخصوصية القرية، ونظامها وقانونها الاجتماعي، من خلال القاص "منير شمعون" أحد أبناء القرية، وقال: «عمر القرية أكثر من ثمانين عاماً، ويوجد فيها نحو 77 منزلاً، وأوّل من بنى فيها منزلاً الشيخ الراحل "كنعان زيدان الجربا".

هناك اهتمام كبير ورضا واسع للخطوات الاجتماعية الجميلة التي تسطرها القرية المذكورة، حتّى في التزاماتهم خارج قريتهم، فهم يشكلون لوحة اجتماعية جميلة عندما يترافقون معاً، والأهم عند أبناء هذه القرية أنهم قلب واحد وروح واحدة في جميع المتاعب والمصاعب، وعند التكاتف والتعاون تزول كل الهموم، وهم بذلك فرضوا تقديراً واحتراماً كبيراً على قرى وبلدات المنطقة بأكملها

وفي عام 1947 توافد إليها عدد من الأسر المسيحيّة، وضمنها أيضاً عائلات كردية، وهنا يكمن جمال قريتنا. أمّا فيما يخص القرية وحالها الزراعي، فهي كباقي القرى، حيث يقوم الأهالي بزراعة كافة المحاصيل الزراعية الشتوية والصيفية، سواء القمح أو العدس، والشعير، والكمون، والقطن، إضافة إلى الكزبرة، وللأهل أيضاً اهتمام كبير بتربية الأنعام والطيور، والكثير من الأسر تعتمد في معيشتها وإعالة نفسها على خيرات الأنعام والطيور. أمّا بالنسبة للواقع التعليمي، فالكثيرون من أبنائها حصلوا على شهادات جامعية، وبينها اختصاصات متعددة، وضمن القرية مدرستان للتعليم الأساسي والإعدادي، وطلاب المرحلة الثانوية يتوجهون إلى القرية المجاورة».

القرية يزينها أهلها

ويتابع "شمعون" حديثه عن ميزة قريته: «قريتنا تملك قانوناً ونظاماً اجتماعياً ليس موجوداً في أي بقعة، هذا القانون تم وضعه من قبل أهل القرية، مضمونه التعاون والتكاتف في كل جوانب الحياة، سواء بالأفراح أو الأحزان، والمناسبات والأحداث، اتفق الجميع على أن تكون هناك خزينة لجميع ما ذكر من مناسبات، تبدأ من زواج الشباب مروراً بعلاج المرضى وإجراء العمليات الجراحية، وهناك مبلغ محدد من قبل الجميع لذلك على كل دفتر عائلة، إضافة إلى كل الحالات التي تحدث في القرية، حتّى وجود أسر فقيرة وعديمة الأحوال، فيتصدى الجميع لدفع تلك المستحقات. حتّى لدُور العبادة التي في القرية اهتمام ودعم ومساندة عند الضرورة، لا نقف عند الألوان والأطياف في المناسبات، وأي زائر يدخل القرية لا يفرق بين أبنائها والطيف الذي يمثلونه، وللمشاركات خارج قريتنا بتأدية واجب في قرية أخرى، فهناك وفد منوّع ومتنوع من القرية يشارك بها».

"أنور الطحيطح" من أبناء القرية المقيمين في مدينة "القامشلي" عن خصوصية قريته يقول: «منذ سنوات عدّة توجهنا إلى المدينة بحكم الوظيفة، لكن مع نهاية كل أسبوع نتوجه مع الأسرة إلى ربوع القرية، التي لنا فيها ذكريات جميلة، لنرى ماذا علينا من أمور اجتماعية وواجبات والتزامات، خاصة أن هناك اجتماعاً يومياً لوجهاء القرية ومن يرغب في الحضور إلى "ربعة" القرية "بيت المختار"، أو بيت كبير القرية، يكون التباحث ومناقشة قضايا وهموم القرية من كافة النواحي والجوانب، وتنجز الكثير منها أثناء جلسة النقاش فوراً، فلن تكون هناك مشكلة تتعلق بالقرية ولا تنجز بأسرع وقت».

ابن القرية منير شمعون

أمّا "محمّد علي حاج المحمّد" من أهالي قرية "قلعة الهادي" المجاورة لقرية "فطومة"، فتحدّث عن تجربة جيرانهم من وجهة نظر محايدة: «هناك اهتمام كبير ورضا واسع للخطوات الاجتماعية الجميلة التي تسطرها القرية المذكورة، حتّى في التزاماتهم خارج قريتهم، فهم يشكلون لوحة اجتماعية جميلة عندما يترافقون معاً، والأهم عند أبناء هذه القرية أنهم قلب واحد وروح واحدة في جميع المتاعب والمصاعب، وعند التكاتف والتعاون تزول كل الهموم، وهم بذلك فرضوا تقديراً واحتراماً كبيراً على قرى وبلدات المنطقة بأكملها».