لم تمنعه مسافات الاغتراب الطويلة عن التواصل بروحه ووجدانه مع الوطن، الذي بنى فيه للمستقبل، وأسس في مجالات عدّة، كلها في موطنه إلى حين عودته.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 7 نيسان 2016، تواصلت مع السيد "كميل سهدو" في "فرنسا"، معلناً قبل البدء بفتح الصفحات، أن البلد الحالي هو مؤقت، فرضه القدر والحالة الصحيّة التي عاشها، وتطلبت منه عملاً جراحياً هناك، فالحنين إلى الوطن ولـ "قصروك" دوماً وأبداً: «ولدت في قرية "قصروك" وتبعد عن "القامشلي" 50كم، القرية الجميلة التي احتلت مكانة كبيرة في قلبي، ولا سيما حجارتها الأثرية المنقوش عليها باللغة السريانية، وكذلك تلّاها الكبير والصغير، والأجمل تنوع ناسها وامتزاج الأخوة والمحبة بينهم، توجّهت إلى المدينة في سن مبكرة من أجل الدراسة، وظهر التميّز جلياً فشاركت مع مجموعة من التلاميذ ببطولة المباريات الثقافية على مستوى محافظة "الحسكة" عام 1976، وتوجنا في المراكز الثلاثة الأولى، وضمن تلك المدة شاركت بعدد من المسرحيات الطلابية، في المرحلة الإعدادية من دراستي سيطر عليّ حبّ نادي "الجهاد" ولم يكن التميز بممارسة اللعبة، بل من خلال الكتابة عن الكرة ولاعبي النادي، الأمر الذي مكنني في معسكر الشبيبة الخاص بالصف الثامن من إصدار مجلة الحائط التي لفتت نظر القائمين على المعسكر، وتكريماً منهم تمّ إيفادي إلى "دمشق" للالتحاق بدورة مدربين، بعد العودة أصبحت مدرّباً للعبة الجودو بعمر 13 سنة، وهنا بدأت أشعر بثقة كبيرة، وفي الرابعة عشرة من العمر كان الالتحاق بدورة المظليين المركزية بـ"دمشق" عام 1980، وكنت مع زميل آخر أصغر شبلين في "سورية" يقفزان من الطائرة، وتلك الدورة لعبت دوراً كبيراً ومهمّاً في صقل شخصيتي فيما بعد، وحافظت على الكتابة في عدد من الصحف والمجلات المحلية والعربية، منها: "الموقف الرياضي، مجلة أولمبياد الكرة، مجلة الكفاح العربي"، وصحيفتا "الديار اللبنانية"، و"الخليج الإماراتية"».

الجرأة التي يملكها كبيرة جداً، ويملك طموحاً نقياً وكبيراً، بالأمس القريب توج أولاده في المراكز الأولى على مستوى مدارس "فرنسا"، وتحدثت الصحافة الفرنسية عنهم، إضافة إلى عشقه للمغامرة، لذلك تميز في الجانب الإعلامي الرياضي، وحتى في الجانب التجاري الاقتصادي، نسمع عنه الكثير وما يفعله من أجل وطنه في المهجر، بالتواصل والزيارات الميدانية مع المغتربين

تابع حديثه حول مسيرته التي يتباهى بها: «عام 2000 انتقلت وأسرتي إلى العاصمة "دمشق"، ليتم تعييني بعد ذلك مراسلاً لقناة "دبي الرياضية" وتابعت معها إلى عام 2011، وكنت الصحفي الحربي الوحيد من الجزيرة السورية لنقل أخبار غزو "العراق" عام 2003، هذه النقلة النوعية في الصحافة فتحت أمامي آفاقاً جديدة وسخرتها لخدمة مدينتي في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، وعشقي لمدينة "القامشلي" دفعني للعودة إليها، وبدأ أول مشروع تجاري في مدينتي وكان ذلك عام 2004؛ من خلال الوكالات التي جلبتها إلى المدينة وساهمت بتحويل اسم أحد أهم الشوارع في المدينة إلى اسم شارع الوكالات الذي بات واحداً من أهم شوارعها، وذات التجربة والاسم نقل إلى "الحسكة"؛ حيث تحول أحد شوارعها إلى شارع الوكالات أيضاً، هذه النقلة الاقتصادية ساهمت بتوظيف مئات العمال من أبناء منطقة "القامشلي" والعديد من المناطق التابعة لها، وتحولوا فيما بعد إلى أسرة جمعتهم الأخوة والتشاركية في كل المناسبات، وذات العلاقة الاجتماعية قائمة بينهم حتى تاريخه، التجربة التجارية الناجحة، قادتني إلى العمل من أجل القرية، ففكرت من جديد أن أعطيها كل الاهتمام».

قرية قصروك وحنين العودة

ويضيف "كميل": «عشقي للريف وأهله وطبيعته كبير وعميق، وللمحافظة على المنزل الذي كان قد شيده والدي قبل نصف قرن، قمت بإعادة ترميمه بالكامل وزراعة حرم المنزل وما حوله بكافة أنواع الأشجار المثمرة، تلك الخطوة لاقت استحساناً من الأهالي الذين انتقلوا إلى المدينة قبل مدة بعيدة، والخطوة حفزتهم للعودة إلى القرية من جديد، وشاركني بعضهم بذات الفكرة والخطوة بالترميم وزراعة الأشجار، الأمر الذي حول "قصروك" إلى قرية نموذجية مزروعة بكافة أنواع الأشجار المثمرة، ثم قمتُ بتربية الفري "السمان" والدجاج البلدي، وإقامة مزرعة كبيرة لهما، وللديك الرومي البلدي حصة كبيرة. أمّا بالنسبة لرحلة الاغتراب، فلم أفكر فيها نهائياً، ولم أكن أطيق جواز السفر، لكن الظروف الصحية التي ألمّت بي قادتني إلى "فرنسا" حيث يقيم أخي منذ خمسة وثلاثين عاماً، وحافظت على كل ما أملكه بـ"القامشلي" لأن العودة حتمية، وتفاعلت مع المغتربين السوريين فيها وكذلك الموجودين في الدول الأوروبية الأخرى، مثل: "هولندا، وبلجيكا، وألمانيا، والسويد"، وزرتها جميعها، وأجريت عدة لقاءات تلفزيونية في "السويد" تحدثت عن الهجرة الاضطرارية، وحنين الجميع إلى الوطن، وأجريت لقاءات مع عدد كبير من الشخصيات الاغترابية الرياضية والاجتماعية والاقتصادية، بهدف التعاون من أجل الوطن بأي طريقة، وأقوم بإنتاج فيلم عن المهاجرين السوريين إلى "السويد". كما أقمت عدداً من الحفلات الفنية في مدينة "مرسيليا الفرنسية" بحضور عدد من الفنانين السوريين وتحديداً من الجزيرة السورية بهدف جمع المغتربين والتعرف إليهم، ونشرت تقارير تلفزيونية للعديد من النشاطات التي أقيمت في "فرنسا" مع لقاءات مطولة مع بطاركة مشرقيين ولقاءات مع برلمانيين فرنسيين، منهم النائبة "فاليري بوييه" التي زارت "دمشق" مؤخراً، والنائب "فرانسوا ميشل لامبير"، "هنري جبرائيل"، كل ذلك بهدف نقل صورة الوطن إلى من نعيش في وطنهم».

السيد "حمود عليوي" أحد المقربين في "القامشلي" للسيد "كميل"، قال عنه: «الجرأة التي يملكها كبيرة جداً، ويملك طموحاً نقياً وكبيراً، بالأمس القريب توج أولاده في المراكز الأولى على مستوى مدارس "فرنسا"، وتحدثت الصحافة الفرنسية عنهم، إضافة إلى عشقه للمغامرة، لذلك تميز في الجانب الإعلامي الرياضي، وحتى في الجانب التجاري الاقتصادي، نسمع عنه الكثير وما يفعله من أجل وطنه في المهجر، بالتواصل والزيارات الميدانية مع المغتربين».

أولاده تفوق دراسي وتمثيل رياضي مشرف في فرنسا