الأفكار المبتكرة هي وليدة الحاجة أو الرغبة بإزالة العقبات، لكن في المقابل فإن تطبيق هذه الأفكار يحتاج إلى أكثر من ابتكار، إذ يحتاج إلى إرادة وعزيمة وكفاءات، وربما إلى إثبات الذات وبالفعل هذا ما يحاول ترجمته مجلس مدينة "حماة" بإطلاقه بناء عقدة "الشريعة" أكبر عقدة مرورية في المحافظة بكلفة تصل إلى 642 مليون ليرة.

موقع eHama زار مجلس مدينة "حماة" وحاور بعض المشرفين على المشروع للتعرف على أهم عقدة مرورية مستقبلية في "حماة"، والتقينا المهندس "محمد عليوي" رئيس دائرة الأشغال في بلدية "حماة" والذي تحدث لنا قائلاً:

من المؤكد أن بناء القعدة سيضع حلولاً جذرية لمعالجة الوضع المروري في الجهة الشرقية من مدينة حماة، لكننا حقيقة نحتاج إلى ما هو أكثر من عقدة مرورية واحدة، نحتاج لإعادة تنظيم كثير من المعابر المرورية في قلب المدينة، على شاكلة المعابر والأنفاق المرورية في "دمشق"

«إن الوضع الطبوغرافي لمدينة "حماة" يتميز باختراق نهر العاصي من الشرق إلى الغرب ماراً بوسطها، وهذا التقسيم الطبيعي لابد أن يستدعي ربطاً متيناً بجسور لشطريها الشمالي والجنوبي، وتعتبر عقدة "الشريعة" أهمها، نظراً لكونها تخدم عدداً كبيراً من أحياء المدينة الواقعة على ضفتي النهر، وتشكل رديفاً أساسياً لمحور "دمشق"- "حلب" الدولي».

"أنس جنباز" مندوب شركة دوائية

ويتابع قائلاً: «إن الموقع الحالي لهذه العقدة التي نعتزم إنشاءها يعاني من مشكلات عديدة أهمها فرق المناسيب بين الطرقات، وتلاقي ستة محاور رئيسية عندها، وزيادة الكثافة المرورية عليها، وبالتالي أصبحت تشكل مصدر خطرٍ مروري على حركة السيارات والمشاة، حيث إن وجود عدة نقاط التقاء، أدى إلى حدوث حوادث مرورية وخسائر مادية وبشرية كبيرة خلال السنوات السابقة، وأصبح من الضروري إيجاد حل جذري لمعالجة واقع هذه العقدة، وبالفعل بدأنا العام الماضي بإعداد دراسة لمعالجة هذه العقدة على منسوبين، حيث لاحظنا أن الربط الطرقي الآمن لحركة الآليات والمشاة لابد أن يكون بربط شطري نهر العاصي عند عقدة الشريعة، وكذلك ربط المحور القادم من شرق المدينة إلى مركز المدينة وبالعكس دون المرور عبر هذه العقدة، وبالفعل تم وضع المخطط الرئيس لعقدة مرورية موسعة تشمل إنشاء جسرين ونفق ودوار مروري».

أما المهندس "سامي البيروتي" المشرف على المشروع يحدثناً قائلاً: «يتكون العمل في المشروع من أربع مراحل تستمر كل واحدة منها عاماً كاملاً، والمرحلة الأولى التي تبدأ هذا العام تتضمن بناء جسر مروري يمتد من دوار "الشريعة" مروراً من فوق نهر العاصي إلى حي "البارودية" بطول خمسين متراً، وبعرض ثلاثين متراً، وتصل كلفته إلى 86 مليون ليرة، وهو مؤلف من ستة مسارب ذهاب وإياب، ويستند هذا الجسر إلى أربعة ركائز ضخمة وكل واحدة منها تستند إلى ثمانية عشر وتداً بقطر 120 سنتيمتراً وعمق خمسة وعشرين متراً تحت منسوب مياه النهر، وستقوم الشركة العامة للطرق والجسور بتنفيذه خلال سنة واحدة بعد تصديق العقد المتوقع أول الشهر القادم، ونحن حالياً نقوم بتهيئة الموقع على ضفاف العاصي من إزالة بعض الأسوار الحديدية والأرصفة استعداداً للبدء بالأعمال».

أعمال التهيئة للموقع

ويضيف: «تتضمن المرحلة الثانية من المشروع تنفيذ جسر آخر، يمتد من مبنى مجلس البلدية القديم حتى جسر "السلمية"، وهو ذو منسوب ثانٍ يرتفع عن الأرض بحوالي سبعة أمتار وبطول يصل إلى 350 مترا وبعرض ثلاثين متراً، وبكلفة 330 مليون ليرة، ويتألف من ستة مسارب ذهاب وإياب، ومهمته تخفيف الضغط المروري بين "السلمية" ومركز المدينة عبر منسوبين مروريين علوي وسفلي، وبالتالي تخفيف الحوادث المرورية التي تكثر عند عقدة الشريعة، أما المرحلة الثالثة فتقضي بتنفيذ نفق مروري من جوار الجامع "الشرقي"، وربطه مع شارع "العراق" بطول 500 مترٍ، وبناء هذا النفق هو نتيجة لطبيعة تضاريس المنطقة، ولتجنب تقاطع الشوارع وللوصول مباشرة من حي "الشريعة" إلى شارع "العراق"، ويتضمن مسربين، مسرب ذهاب ومسرب إياب، كما أنه يعد أول نفق مروري في محافظة حماة».

ويوضح بقوله: «إن المرحلة الرابعة والنهائية من المشروع والتي تبلغ كلفة أعمالها حوالي خمسة عشر مليون ليرة، تشمل تنظيم عقدة "الشريعة" وذلك بمعالجة الميول فيها، وتوسيع مسارات الحديقة الوسطية، ودوار "الشريعة" ليتجاوز قطره الخمسين متراً، مع المحافظة على المساحة الخضراء ضمنه، ورصف جوانب الطرقات».

المهندس "سامي البيروتي" المشرف على المشروع

وفي استطلاع لآراء بعض المواطنين حول مشروع العقدة المرورية، يقول "سامر خليفة" من أهالي حي الشريعة: «من المؤكد أن بناء القعدة سيضع حلولاً جذرية لمعالجة الوضع المروري في الجهة الشرقية من مدينة حماة، لكننا حقيقة نحتاج إلى ما هو أكثر من عقدة مرورية واحدة، نحتاج لإعادة تنظيم كثير من المعابر المرورية في قلب المدينة، على شاكلة المعابر والأنفاق المرورية في "دمشق"».

أما "أنس جنباز" مندوب شركة دوائية فيقول: «لكوني من أبناء "البارودية"، فإن كثيراً من الحلول المرورية بانتظارنا في حال تم المشروع على أكمل وجه، فحالياً عندما يريد شخص الذهاب من "البارودية" إلى "الشريعة" أو بالعكس، يضطر إلى الالتفاف والمرور بمركز المدينة وهو ما يخلق زحمة مرورية خانقة لا تنفك بسهولة، أما مع وجود العقدة والجسر الواصل بين "البارودية" و"الشريعة" فوق نهر العاصي، فيمكن التنقل بين الحارتين بسهوله وبشكل مباشر، وهو ما ينعكس على تخفيف الزحام المروري ولو جزئياً على مركز المدينة».

ويقول "محمد الوسوف" أبو بشار سائق سرفيس على خط "السلمية- حماة": «نعاني من ضيق الشارع الواصل بين مركز المدينة وجسر "السلمية"، وأعتقد أن فكرة بناء جسر ذي مستوى ثانٍ، أفضل حل لأنها توفر مجالين لعبور السيارات، وبالتالي فإن الطرقات الجديدة لابد أن تكون عريضة وخالية من التقاطعات الخطرة والمخفية خصوصاً عند مفرق حارة الشريعة، والتي هي من النقاط المرورية الساخنة لكثرة الحوادث فيها».