أحبت الرياضة فلعبت، عشقت فتألقت وأبدعت، ملعب كرة السلة أضحى ملاذها الذي وجدت نفسها فيه، فأعطت اللعبة كل طاقتها، مضيفة إلى الفرق التي لعبت ضمنها انتصارات كثيرة، ولها أضافت انتصارَ الأنثى في واقع رياضي أنثوي صعب.

إنها اللاعبة "غنوة القصير" التي التقتها مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 24 تشرين الثاني 2013 فحدثتنا عن بدايتها الرياضية بكرة السلة بقولها: «من خلال مشاركتي في بطولات المدارس استطعت أن أحقق نتائج جيدة لفتت انتباه المدربين، وبتشجيع من المدرب "بشار فاضل" (مدرب فريق السيدات وقتها) التحقت بفريق نادي "سلمية" ولكن بوقت متأخر حيث كنت في الصف العاشر آنذاك».

عندما أتت "غنوة" إلى الفريق استطاعت باقتدار أن تزيد من عناصر قوته لتشكل مع زملائها خطاً نارياً بالدفاع والهجوم، تتمتع بروح الفريق داخل الملعب وحتى خارجه، بالفعل كانت مكسباً للنادي

بمواصلة التدريب استطاعت "القصير" أن تكون عنصراً ثابتاً في الفريق، فبرزت وتألقت، أما عن أهم مشاركاتها مع نادي "سلمية" فقالت: «حققنا نتائج جيدة في دوري الدرجة الثانية وكان أبرزها موسم 2002 - 2003 الذي استطعنا به الصعود إلى دوري الدرجة الأولى؛ ولكن وبسبب إمكانيات النادي الفقيرة مادياً لم نبق سوى موسماً واحداً، ولأنني كنت أكرس معظم وقتي للتدريب انتقلت إلى مدينة "محردة" على سبيل الإعارة، فشاركت مع الفريق في دوري الدرجة الأولى لموسم واحد، ثم انتقلت إلى اللعب في نادي "الساحل" لثلاثة مواسم متتالية لننافس في دوري الدرجة الأولى كان آخرها موسم 2010 -2011 تأهلنا فيه إلى المباراة نصف النهائية التي خسرناها مع نادي "الجلاء" الحلبي».

في الملعب

لا يمكن للاعب أن يحلق في عالم الرياضة دون أن يمر بما يعيق طريقه، وهنا تقول "القصير": «في الحقيقة كان أكثر ما عانيت منه هو صعوبات السفر الدائم بين مكان إقامتي ومكان النادي، إضافة إلى ضرورة تواصل التمرينات في ظل دراستي الجامعية، فكان عليّ أن أحضر وأتنقل بين أكثر من مدينة لأتابع تماريني ومبارياتي ودراستي، هذا ما أتعبني وأرهقني كثيراً».

من الملاحظ أن أندية الريف تفتقر إلى الإمكانات المادية التي تُفقد النادي العديد من عناصر القوة لديه بانتقال لاعبيها إلى أندية أخرى، وعن تجربتها قالت "القصير": «لا شك أن هذه مشكلة تواجه أندية الريف، وهذا حال الرياضة في كل أنحاء العالم حيث تستقطب الفرق الجيدة لاعبين موهوبين من فرق مغمورة، إلا أن هناك أمراً إيجابياً لا بد من الإشارة إليه، وهو أنك عندما تعودين في النهاية إلى ناديك الأم فإنك ستحملين معك خبرة كبيرة، وفي حال تم توظيف هذه الخبرات في خدمة النادي فإنها ستقدم إليه إضافة كبيرة، وخاصة للأجيال الرياضية اللاحقة، وهذا ما حدث معي فأنا الآن عدت إلى بيتي الأول "نادي سلمية" ووجدت جيلاً جديداً يمتلك قاعدة سلوية كبيرة ورائعة، وأنا أقوم بتقديم كل ما أملك من خبرة إلى اللاعبات في سبيل أن ينعكس ذلك على مردود النادي بشكل عام».

مع فريق نادي "الساحل"

ترى "غنوة" أن الاحتراف في "سورية" تجربة جيدة للاعبيها ومن المؤكد أنهم استفادوا منها، فتزيد من خبرة اللاعب واحتكاكه، وتضيف: «تكمن أهمية الاحتراف في سعي اللاعب المحلي إلى التنافس مع زملائه على مكانه في الفريق، إضافة إلى تعرفه على أساليب جديدة في اللعب عبر زيادة جرعة الاحتكاك، ولكن هذا يحتاج إلى اهتمام أكبر من قبل الاتحاد ليحقق هدفه في ارتقاء مستوى الألعاب».

تسعى "غنوة" دائماً إلى الأفضل فلم تتوقف عن كونها لاعبة مميزة ومؤثرة في الفريق، تقول: «شاركت في دورات تحكيم وتدريب متعددة، وعملياً كنت كمساعد للمدرب "صفوان سيفو" لتدريب فريق الناشئات أيضاً قمت بتحكيم بعض المباريات الودية التي تتم في النادي، وهدفي أن أستمر لأصل إلى مستوى أفضل في التدريب والتحكيم».

مع فريق نادي "سلمية" والمدرب "صفوان سيفو"

خلال مشوار طويل ومستمر، استطاعت أن تحقق ما هو جيد لها على الصعيد الشخصي، دون أن تنسى من قدموا لها كل الدعم والاهتمام لتصل إلى ما وصلت إليه، فتقول: «أود أن أذكر من كان له فضل عليّ شخصياً كمدربي الحالي الكابتن "صفوان سيفو" ومدرب نادي الساحل "علاء طه" ومدربي السابق "بشار فاضل"، جميعهم لم يبخلوا بخبرتهم وتعاونهم في الملعب، إضافة إلى الأستاذ "عبد الكريم الجندي" من إدارة نادي "سلمية"».

على الرغم من أهمية مستوى اللاعبات السوريات في مختلف الفرق لكن "غنوة" ترى أن ذلك لم يواكبه اهتمام إعلامي كافٍ: «الإعلام بات جزءاً مهماً من الرياضة، ودوره يزداد تعاظماً مع تطور وسائل الاتصال والتواصل، فهو ما يحفز اللاعبين واللاعبات ويدفعهم إلى العطاء أكثر، فمن المعروف أن عمر المرأة الرياضي قصير لذلك نجد ضرورة أن نحافظ عليها كلاعبة، خاصة أنها أثبتت قدرتها على التنسيق بين تدريباتها ومنزلها، لذلك وجب تسليط الضوء أكثر عليها، لمساعدتها في إثباء حضورها وتميزها».

لاعبة فريق الساحل بكرة السلة "عفاف عبيد" وزميلة "غنوة" في فريقها السابق حدثتنا عنها قائلة: «عندما أتت "غنوة" إلى الفريق استطاعت باقتدار أن تزيد من عناصر قوته لتشكل مع زملائها خطاً نارياً بالدفاع والهجوم، تتمتع بروح الفريق داخل الملعب وحتى خارجه، بالفعل كانت مكسباً للنادي».

الكابتن "صفوان سيفو" المشرف على تدريبات فريق السيدات في نادي "سلمية" قال: «وجود "غنوة" في الملعب يعطي الثقة لزملائها، فهي قادرة على قيادة الفريق وهذه الميزة عادة تتوافر عند قلة من الرياضيين، مشوارها الاحترافي أهّلها وبكل تأكيد إلى تضيف للسلة الأنثوية في "سلمية" خبرة ومهارة أكثر من ذي قبل، وأتوقع لها المزيد من النجاحات في عالم كرة السلة».

"أحمد غندور" لاعب رجال نادي "الطليعة" يشارك "غنوة" بعض التمرينات حدثنا عنها قائلاً: «عندما تذكر "غنوة" على الفور تتذكر كرة السلة والعكس صحيح، هي والكرة الأرجوانية في صداقة متينة وغير منتهية، وعندما تشاركنا تدريباتنا نحسب لها ألف حساب بغض النظر عن تفوقنا الجسدي كرجال، واثقة من نفسها، وأتوقع أن هذا من أهم أسباب نجاحها وتألقها».

جدير بالذكر أن "غنوة القصير" من مواليد "سلمية" 1986 خريجة كلية التربية الرياضية جامعة البعث – وتعمل مدرسة لمادة التربية الرياضية.