تعد مهنة النقش على النحاس من المهن القديمة جداً، إلا أنها ومع مرور الزمن انحسرت تدريجياً حتى بات من يزاولها في مدينة "حماة" قلة أو نكاد نقول إنهم اجتمعوا في شخص واحد هو الحرفي "منقذ نعسان غريواتي"...

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 1 نيسان 2014 التقت الحرفي "منقذ غريواتي" الذي تحدث لنا عن حرفة النقش على النحاس، فقال: «أحببت الرسم منذ الصغر فرسمت على الورق وعلى الزجاج، وبعدها كانت أولى محاولاتي في الرسم على النحاس وكانت عبارة عن نقش لسمكة نافرة، ثم توالت محاولاتي وزاولت حرفتي في منزلي إلى أن تم افتتاح سوق للمهن اليدوية في خان "رستم باشا" فانتقلت إلى هناك».

أنا حالياً الوحيد المزاول لهذه المهنة في مدينة "حماة" وأعتبر شيخ الكار، لذلك أدعو الجيل الشاب إلى تعلم هذه المهنة خوفاً عليها من الاندثار

وتابع: «النقش على النحاس مهنة قديمة جداً تعود إلى العصر الروماني؛ إذ كان الرومانيون يهدون الإمبراطور في كل عام قطعة نحاسية وتكريماً لهم قام الإمبراطور بتحديد يوم في السنة كعيد لهذه المهنة أطلق عليه عيد النحاسين، كما أن الفراعنة المصريين اشتهروا باستخدام القطع النحاسية».

النقش النافر

السيد "غريواتي" يتعامل مع عدة أنواع من النحاس، وهنا أضاف: «هناك حالياً ثلاثة أنواع للنحاس: "الإيراني، التركي، الإسباني"، ولكني شخصياً أفضل استخدام النحاس "الإسباني" ذي اللون الأصفر، ولذلك أنا أبتاع النحاس من مدينة "دمشق" وأنقش عليه بعض الآيات القرآنية، وصوراً لبعض الآثار، ثم أقوم بتلميعها وبذلك تتحول إلى قطع فنية ذات قيمة عالية».

وتابع: «عندما تم افتتاح سوق للمهن اليدوية في مدينة "حماة" بحضور الأستاذ "مرهف أرحيم" مدير السياحة في المدينة شاهد أعمالي فنالت إعجابه، وإثر ذلك تم اختياري للمشاركة في معرض سوق المهن اليدوية العالمي الذي أقيم في الهند عام 2009، وكان عدد المشاركين من "سورية" خمسة حرفيين وكنت الوحيد في مهنة نقش النحاس، أما بالنسبة إلى المهرجانات المحلية فشاركت في مهرجان ربيع "حماة" لعدة أعوام».

من أعماله

الإقبال على شراء القطع النحاسية تراجع في الوقت الحالي، وعن ذلك قال: «ارتفاع ثمن النحاس ودخول مادة الألمنيوم في صنع المواد المنزلية كان أهم الأسباب في تراجع الإقبال على اقتنائه، إضافة إلى أن القطعة النحاسية بحاجة بين حين وآخر إلى تبييض (تلميع) حتى تعود إلى سابق عهدها، ولم يتبق من يزاول مهنة تبييض النحاس في الوقت الحالي، كما أن النحاس أصبح عبارة عن آنية تراثية قديمة تستعمل كقطع لافتة للنظر».

وختم حديثه بالقول: «أنا حالياً الوحيد المزاول لهذه المهنة في مدينة "حماة" وأعتبر شيخ الكار، لذلك أدعو الجيل الشاب إلى تعلم هذه المهنة خوفاً عليها من الاندثار».

منقذ غريواتي

السيد "محمد الطحان" صاحب محل لبيع التحف الشرقية حدثنا قائلاً: «تتميز القطع النحاسية التي يقوم بنقشها السيد "منقذ" بذوق رفيع ومهارة عالية وصنعة متقنة كانت تلقى اهتماماً كبيراً من قبل العديد من الناس المهتمين باقتناء التحف التراثية، إلا أن الإقبال عليها تراجع في الفترة الأخيرة نظراً لارتفاع أسعارها».