في الشمال الغربي من محافظة "حماة" وعلى مسافة 48كم، تقع مدينة "السقيلبية"، هي عبارة عن لوحة فنية من التنوع الطبيعي مرسومة بريشة التاريخ والأصالة، وتحمل في طياتها سحراً طبيعياً تغزله ترانيم الكنائس وبوح أجراسها.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 29 أيلول 2014، المحامي "لؤي الضاهر" من منطقة "السقيلبية"؛ ليحدثنا عن التسمية التاريخية للمنطقة بالقول: «"السقيلبية" كلمة آرامية تعني "المقاوم، المواجه، المقابل، العنيد"، وهي تسمية جاءت من طبيعة موقعها ووظيفتها بالنسبة إلى حاضرة "أفاميا"، إذ كانت "السقيلبية" تُشكل موقعاً عسكرياً مهماً يواجه ويتصدى لجميع الغارات التي تستهدف "أفاميا" من جهة الجنوب، وازدهرت مع ازدهارها، كما هُجرت عدة مرات وأُعيد إعمارها، وآخر مرة هُجرت فيها كانت في منتصف القرن الثاني عشر الميلادي، حيث ضربها زلزال عام 1157م، ومما ورد في بعض المراجع أيضاً "سلوقوبيلوس" معناها إما (بوابة سلوقية، أو سلوقية العاصي)، ويرجح بعض الدارسين أنّ "السقيلبية" هي نفسها "سلوقوبيلوس" التي أنشأها "السلوقيون" وقائدهم "سلوقوس نيكاتور" في (312- 280ق.م)، وهو أحد قادة "الإسكندر المقدوني"، ويرد آخرون أن بناء "السقيلبية" الحديثة اليوم إلى مطلع القرن التاسع عشر الميلادي؛ حسبما ورد في مخطوط الشيخ "عبد الله سعيّد" عن تاريخ عمار "السقيلبية" الموضوع سنة 1946».

إن المنطقة تتوج مسطحاً دائرياً لتل معزول يرتفع عن سهل الغاب، حيث يبلغ ارتفاعه بين 100-150 قدماً، وقد شهدت المدينة توسعاً عمرانياً في الفترة التي تلت عام1950، وخاصة بعد عام 1960، وقد كان لتجفيف الغاب واستصلاحه أكبر الأثر في ذلك، وبقيت "السقيلبية" بمستوى قرية متوسطة الحجم حتى عام 1964، ولم يكن لها أي أثر، إلى أن تم استحداث منطقة الغاب الإدارية واعتُمدت "السقيلبية" كمركز إداري للمنطقة بشكل رسمي في العام 1964؛ لذلك لم تمر "السقيلبية" بمرحلة ناحية وإنما انتقلت مباشرة من مستوى قرية إلى مستوى منطقة

ويتابع «إن المنطقة تتوج مسطحاً دائرياً لتل معزول يرتفع عن سهل الغاب، حيث يبلغ ارتفاعه بين 100-150 قدماً، وقد شهدت المدينة توسعاً عمرانياً في الفترة التي تلت عام1950، وخاصة بعد عام 1960، وقد كان لتجفيف الغاب واستصلاحه أكبر الأثر في ذلك، وبقيت "السقيلبية" بمستوى قرية متوسطة الحجم حتى عام 1964، ولم يكن لها أي أثر، إلى أن تم استحداث منطقة الغاب الإدارية واعتُمدت "السقيلبية" كمركز إداري للمنطقة بشكل رسمي في العام 1964؛ لذلك لم تمر "السقيلبية" بمرحلة ناحية وإنما انتقلت مباشرة من مستوى قرية إلى مستوى منطقة».

السقيلبية

وأضاف: «تتميز "السقيلبية" بجمال تصاميمها الهندسية في البناء وتنظيم مناطقها، فمن يراها للوهلة الأولى يعتقد أنها مدينة سياحية على الرغم من طابعها الزراعي والخدمي، وتبلغ المساحة المشمولة بالمخطط التنظيمي 450 هكتاراً، تشمل عدداً من الأحياء أهمها: "سهم البيدر" الواقع إلى الجنوب من طريق "حماة"؛ ووجهة امتداده نحو "العشارنة"، حي "السلطانية" الذي يقع إلى الجنوب الغربي من السوق، وفيه حديقة ومدينة للملاهي يقصدها السكان لقضاء أمسيات لطيفة، وهناك أيضاً حي "التل، والبلدة القديمة"؛ وهما النواة الأولى للسكن في المنطقة، وقد عُثر فيهما على عدد من الأواني الفخارية الأثرية متعددة الأشكال، وبعض معاصر الزيتون من العهد الروماني التي تدل على انتشار زراعة الزيتون في المنطقة، كما يوجد حي "السوق" حيث يقع إلى الجنوب والجنوب الغربي للتل ويقصده سكان المناطق المجاورة لبيع منتجاتهم من ألبان وأجبان ومواد زراعية، وللتسوق وشراء البضائع، حي "العبرة" يحتوي على العديد من الأبنية الحكومية والمدارس ومركز البريد والهاتف، ويحوي مستوصفاً حكومياً كما يحتوي الحي مستشفى حكومياً "المشفى الوطني"، ويوجد حي "عين الباردة" الذي يقع إلى الجنوب الغربي من "سهم البيدر"».

أما السيد "رامي جرجس" من مدينة "السقيلبية" فيقول: «يوجد في منطقة "السقيلبية" كنيستان ودير، وهما كنيستا القديسين "بطرس"، و"بولس"، ودير رقاد السيدة، كما تشتهر بسعة كرومها وبدورها البيضاء، وتشتهر بزراعة القمح والقطن والشوندر السكري ومختلف المحاصيل الزراعية، وتشهد المنطقة تطوراً اقتصادياً زراعياً وصناعياً في السنوات الأخيرة، ويعتمد السكان على تجفيف الخضار والفاكهة لمؤونة الشتاء رغم وفرة المواد الغذائية وتنوعها، كما يقوم الأهالي بتربية الدواجن والمواشي وصناعة الأجبان والألبان، ويعتمد بعضهم على الحرف اليدوية والأعمال الحرة إضافة للعمل في الوظائف الحكومية والتجارة، ولا تزال "الضيعة" محافظة على عاداتها وتقاليدها في الأفراح والأتراح كنوع من أنواع الألفة والمحبة والتعاون بين الأهالي».

كنيسة القديسين بطرس وبولس

الجدير بالذكر أن العديد من المراجع والكتب ذكرت منطقة "السقيلبية" وطبيعتها المتميزة، أبرزهم "إدوار ساخاو" في كتابه "رحلة إلى سورية وبلاد ما بين النهرين"، والباحث المهندس "أحمد وصفي زكريا" الذي زارها في منتصف عشرينيات القرن الماضي، وذكرها في كتابه "جولة أثرية في بعض الديار الشامية"، والأديب "شريف الراس" في كتاب "الضاحكين"، والمستشرق الرحالة "جون لويس بريكهارت" وهو من أشهر رحالي القرن التاسع عشر في كتابه "رحلات في سورية والأراضي المقدسة".

يرجح الباحثون التاريخيون أن الهجرة الأولى للسقيلبية الحديثة كانت في أواسط القرن التاسع عشر من قرية "عين الكروم"، وتبعتها هجرات مماثلة من "مرداش"، و"عناب"، و"دباش"، و"أرنبة".

المحامي لؤي الضاهر