غيّب الموت صباح الأحد 23 شباط 2014 الشاعر "بشار عيسى" بعد رحلة مريرة مع مرض عضال.

حاول الراحل جاهداً ولفترات طويلة أن يتجاوز ألمه ويهزمه؛ وكان قد قال في هذا الصدد: «يا موت لم تترك لغة إلا زجرتني بها، يا موت.. في هذه المرة لست صيدك كما تدعي». لكن الشاعر "بشار" كان هذه المرة في عين الهدف، وسهم الموت لم يخطئه.

في دوامة ما يحدث.. ينأى المزيج بنفسه.. عن شر خيانة... تُكافئ الموت

مدونة وطن "eSyria" استطلعت بعض آراء من رافقوه وعرفوه شاعراً، وحتى الساعات الأخيرة.

الشاعر "حسام القطريب" كان يعاوده بشكل مستمر ليعالجه فيزيائياً، قال: «كان رحمه الله يشبه كل الطيبين، روحه خلاقة، علاقاته لم تتجاوز هدوء كلماته، كنت أستغرب فيه حبه الذي لا يشبهه حب لبلده "سورية"، كم مرة أراه وهو يبكي عندما يستمع لأغنية "من حقي أتعلم"، لم يخف من الموت أبداً، كان يعيش على أمل الشفاء».

الأديب والقاص "محمد عزوز" وعلى صفحته في موقع التواصل الاجتماعي كتب عن رحيل الشاعر "بشار عيسى"، قائلاً: «كانت دراسته للرياضيات بعيدة تماماً عن دروبه التي رسم الشعر خطواتها، له تجربته المميزة في قصيدة النثر التي أحب، في عريه هذا اعتبر أنه وأصدقاءه "عبد المنعم عمايري، خضر الآغا، لقمان ديركي" قد ندفوا جميعاً القطن الذي أحبوا.. أو كما شاء المتنبي (في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل). وقد أعلن أن (البرد لفحه دونها، والليث ابنه.. الليث الذي أزعج دماه سكون أمواج شقائه)».

ويضيف: «عارياً كان، وحيداً، قلقاً، تعباً، يحكمه الجوع والعطش، وشفتا الحبيبة تلد السكارى، اللذة شيطانية و"الزيوان" يمحق.. والغسيل بالحنطة.. ولكنه يصر على أنه "سيحرث الأرض البور بأظافره المخلوعة، والسنابل تعاني وطأة الاشتعال من دمعته المائلة إلى الفرح"».

من ديوانه "مزيج" المشبع بالموت، يقول الشاعر الراحل "بشار عيسى":

«يا موت.. ارتدي روحي.. كي تبكي.. وأسمع نحيبها... حولي..

أنثاي.... حين أموت... تُبقي مائي حياً.. وآوياً... في صدري الطيور.. في حبري أمي.. والليث.. دمشق.. والتي عادت».

ويقول أيضاً: «في دوامة ما يحدث.. ينأى المزيج بنفسه.. عن شر خيانة... تُكافئ الموت».

من الجدير بالذكر أن الشاعر "بشار عيسى" عمل في حقل الإعلام، وكتب في دوريات ثقافية سوريّة وعربية، كان يعمل مؤخراً على كتاب "نقد الكتابة الشعرية الجديدة"، له مجموعتان شعريتان: الأولى بعنوان "احرثي الأرض فأنا قادم" إصدار خاص 1995، والثاني بعنوان "عارياً دونكِ" صدر عام 2007، وقد اختير هذا الديوان من بين مئة كتاب ليدخل في "أرشيف سورية"، وديوان "مزيج" صدر عام 2009، وله ديوان رابع في طريقه إلى النشر تحت عنوان "ينمو القاتل".

والراحل "عيسى" من مواليد عام 1971، وعانق ثرى مدينته التي يجلّها "سلمية" يوم الأحد 23 شباط 2014.