لغتها سهلة وبسيطة، أسلوبها يجمع بين الواقعية والرومانسية، قصصها ذات طابع اجتماعي وثقافي ووطني، لا تحب أن تكون عابرة في قراءاتها، تستمد مادة العمل القصصي من تجارب الناس ومشكلاتهم، وترى في القصة القصيرة سداً فجائياً تتجمع الماء لديه حتى تصل إلى الذروة فتسقط دفعة واحدة، جارفة السد الفجائي معها لتعود لسيرها الطبيعي، كالحياة ذاتها.

موقع eSyria التقى الكاتبة "فاتن بركات" في قرية "بشنين" في 17/8/2009 لتحدثنا عن نفسها وعن كتاباتها وعن بداياتها في مجال "القصة القصيرة" حيث تقول:

بصراحة أنا ضد أن يقال أدب الرجل وأدب المرأة، فكم من كاتب تكلم عن قضايا المرأة وأبدع فيها أكثر من تناول المرأة لها، والاختلاف بينهما بالأسلوب الذي يعبر عنه كل منهما حسب طبيعته

«أنا خريجة مكتبات ومعلوماتية منذ العام (2000)، تسلمت المركز الثقافي في "بشنين"، وأكتب القصة والقصة القصيرة والخاطرة، كانت بدايتي منذ الطفولة حيث كان لدي حب كبير للكتابة، وكنت أخاف أن أطلع الناس على أعمالي، لكن نقطة التحول في حياتي كانت في العام (2005)، حيث اقترح عليّ أحد الأصدقاء أن أشارك في أمسية ثقافية خارج المحافظة في "طرطوس"، وكانت هذه أول تجربة لي خارج "حماة"، فوافقت وألقيت قصة قصيرة بعنوان "حلم"، وكان الحضور في هذه الأمسية أغلبه من أساتذة اللغة العربية، وبدأت بالقراءة وكان التجاوب معي فوق تصوري، حيث قوبلت بتشجيع كبير مما قوى عزيمتي، وألقيت أيضاً مجموعة من الخواطر الشعرية، وكدت أبكي من شدة فرحي بسبب نجاح أول تجربة لي، ونشرت هذه القصة في مجلة "الحوار العربي"، مما أعطاني شجاعة كبيرة للاستمرار، وكانت منها انطلاقتي إلى أغلب المراكز الثقافية في القطر، قدمت فيها متواليات قصصية، وشاركت في مهرجان في "حلب" للقصة القصيرة، وفي مهرجان في "دمشق" للقصة القصيرة جداً، مما زاد لدي الخبرة في القراءة والإلقاء، وصرت انتبه إلى الرواية وعدت إلى قواعد اللغة العربية، واطلعت على أساليب كتاب القصص الآخرين، واستفدت من آراء الجميع، النقاد والجمهور».

مع الكتاب

وعن المواضيع التي تطرقها في كتاباتها القصصية قالت:

«أكثر المواضيع التي أتطرق لها من واقعنا الحالي ومن هذا الوسط الذي تربيت فيه، فأنا أكتب عن المواضيع الاجتماعية بين فرح وحزن، والأحلام والأولاد، والزواج والطلاق، والتي سترتقي بالمجتمع، والمواضيع الإنسانية كالعمال البسطاء والطلاب الدارسين الذين يعملون في عطلتهم الصيفية، وأكتب أيضاً القصص الوطنية عن القضية الفلسطينية، فهي المحور في كتاباتي، وإحداها كانت "للشجر ينحني الحطابون" التي تحكي قصة مشردة فلسطينية ترفض دخول الملاجئ، وأكتب عن معاناة أهلنا في "الجولان" المحتل».

فاتن بركات

وعن طبيعة قراءاتها وعن الصفات التي يتوجب توفرها في الكاتب القصصي قالت:

«اطلعت على أعمال الكثير من الكتاب، منهم "زكريا تامر" و"نصر محسن" والكتاب الشباب والقاصون القدماء، وأنا أيضاً أعشق الروايات بشكل كبير، وقرأت كل الكتب الموجودة في مكتبة المركز هنا، ومؤخراً أغلب مطالعاتي تتركز حول "الميثيولوجيا" في الشرق الأوسط، وكثيراً ما تشدني الكتابات الروحانية، وأنا لا أحب أن أكون عابرة سبيل في قراءاتي».

وتابعت بقولها:

«ويجب على من يود كتابة القصة القصيرة أن يمتلك مخيلة خصبة تسعفه في رسم صورة قريبة من الواقعية، فأنا كتبت قصة عن طيور فلسطين أسميتها "القهر" رغم أنني لم أذهب إلى هناك مطلقاً، وأيضاً أن يمتلك لغة بسيطة مميزة سهلة اللفظ، وأن يتمتع بسرعة البديهة والقدرة على الاستيعاب، وقابضاً على اللغة والأسلوب، والحبكة تشدك من البداية حتى النهاية».

وعن رأيها بالكتابات القصصية الذكورية والنسوية أجابت بقولها:

«بصراحة أنا ضد أن يقال أدب الرجل وأدب المرأة، فكم من كاتب تكلم عن قضايا المرأة وأبدع فيها أكثر من تناول المرأة لها، والاختلاف بينهما بالأسلوب الذي يعبر عنه كل منهما حسب طبيعته».

وأما عن رفضها المستمر لطباعة مجموعات قصصية لها قالت:

«أنا غير متفائلة بالطباعة، لأن كتـّاب القصة في عصرنا هذا طرحوا أنفسهم على أنهم كتاب شعارات، ولكن ما يحتاجه الناس ليس الشعارات، بل ما يجذب اهتمام الناس القصص والخواطر التي تلامس همومهم، وهذا هو دستوري في كتاباتي، أنا لا أريد من القارئ أن يمتلك قصتي ويرميها بعد قراءتها، وقد يظن البعض أنه خوف من الفشل والنقد، لكن الحقيقة النقاد كثيراً ما علقوا على أعمالي وامتدحوا أسلوبي، لذلك وجدت المخرج من خلال "الانترنت" حيث أنني عضو في منتدى "قناديل الروح" أكتب ضمن صفحتي عليه بشكل مستمر».

وهذه إحدى خواطري بعنوان "بيننا وبين الله" استلهمتها من بعض الأحداث التي عصفت بـ "سورية" في السنين القليلة الماضية، ومن الضغوطات التي مورست عليها.. أقول:

«كانوا جالسين... والقنوات الإخبارية... وخاصة ذلك الشريط الأزرق... يفجر قنابل موقوتة... نظر أحدهم إلى صديق لي وإذ به يكتب على صفحة كرتونية... بخط رقعي جميل... الجمهورية العربية السورية... سأله مستغرباً... الكل يكتب سورية بالتاء المربوطة... رد: وأنا أكتبها بالألف الممدودة... لكنها بالتاء المربوطة... أو لست مدرساً للغة العربية!... رد: لا أعرف لماذا كلما مر بلدي بمحنة ما... وأردت كتابة اسمه... يأبى القلم إلا أن ترتفع تاؤه ألفاً تطاول السماء... وكأنها حبل سري بيننا وبين الله... وبدمعة لم يلحظوا كيف مسحوها... راحت أعينهم ترتفع نحو السماء... ومعها راحت ترتفع ألف سوريا».