غريب في نمط حياته، جاء دمشق يحمل عبق البادية، يغني مع الفقراء ويراهن على قضايا يؤمن أنها خاسرة، أحزانه كثيرة يزيِنها بأفراح قليلة، يقامر على بدويته فيكسب الشعر بأقوى معانيه، من الأصوات الشعرية الهامة في سورية والتي رسمت لنفسها إلى حد كبير مكاناً في خارطة الشعر إنه الشاعر السوري "صدر الدين الماغوط" (زيوس الدمشقي) الذي تمرد على الكلمة فطاوعته ورسم لوحةً فسميت باسمه.

"صدر الدين الماغوط" (أبو علي) من مواليد "سلمية" 1943، موقع eSyria التقى ابن الأديب الراحل "عروة الماغوط" بتاريخ 5/3/2009 وكان لنا الحوار الآتي حول رحلة الأديب والشاعر الغائب:

إضافة ً إلى دواوين لم تصدر بعد كما أنه ألًف في الفترة الأخيرة من حياته بعض الكتب النقدية لكنها لم تصدر أيضاً، كما ألف مسلسلاً تلفزيونياً جديداً بعنوان "هبوب الشمال"

عن مسيرة الأديب الطويلة باختصار فيقول: «ظهر نبوغه الأدبي وهو في الثامنة عشرة من عمره فألف ديوانه الأول بعنوان (أقبية الدم) واستخدم فيه لغة الأدب الفذة التي وصلت حداً إبداعياً مهماً.

عروة الماغوط

عمل في الصحافة المحلية فكان شاعراً جريئاً ولامعاً، كتب الشعر والمسرحية والمقالة الصحفية والبرامج الإذاعية منها (الرحيل المر) والسهرات والمسلسلات التلفزيونية (الضربة القاتلة) وله العديد من الكتب النقدية، وفي أواخر الثمانينيات أصدر مجلة السؤال ومقرها اليونان وهي مجلة أدبية ناقدة».

وعن أهم المحطات التي سلطت الضوء إلى أديبنا الراحل فيجيب: «في الحقيقة كانت كثيرة وما يحضر في ذاكرتي الآن حوار نشر في العددين السابع والثامن من مجلة الطريق عام 1973مع الصحفي "جميل أبو صبيح" وكان الحوار حول الشعر والشعر السياسي، أيضاً قال عنه "يوسف الخال" الناقد اللبناني المعروف في مجلة شعر العدد 44 خريف عام 1970: إنه يضاهي أكثر الشعراء الأجانب قوة في إحداث عنصر الدهشة وخلق اللون الغريب للصورة التي تضعه قي مصاف أكبر شعراء هذه المرحلة، كما قال عن شعره الناقد المصري المعروف "غالي شكري": إنه ورقة رابحة بيد الشعر السوري، وإن أزمته في أنه يرى أكثر من اللازم كزرقاء اليمامة، كما كتب عنه "معين بسيسو": "صدر الدين الماغوط" رائد جديد في الشعر، وأسطورة الشعر الحديث، ودعا "سامي خشبة" -أحد أكبر النقاد العرب في مصر- الآخرين للاستفادة من تجربته الشعرية.

صدر الدين مع نجله

وعن أهم الأعمال للأديب الشاعر "صدر الدين الماغوط" خلال رحلته الطويلة فيحدثنا السيد "عروة" قائلاً: «هناك العديد من الكتب والأبحاث التي صدرت وتواجدت في الأوساط الثقافية أبرزها:

- أقبية الدم (شعر).

  • أسميك زمن الخوارج وأنتمي (شعر).

  • مأساة مايكوفسكي الدمشقي (شعر).

  • سقوط كمونة العصافير (شعر).

  • البدوي الذي ضاعت قدماه (شعر).

  • يسمونك زمن السقوط الشعري (نقد في الشعر السوري المعاصر).

  • أبناء بلا آباء(نقد في الشعر الأردني المعاصر)».

  • نظرة زيوس الدمشقي

    ويضيف "عروة": «إضافة ً إلى دواوين لم تصدر بعد كما أنه ألًف في الفترة الأخيرة من حياته بعض الكتب النقدية لكنها لم تصدر أيضاً، كما ألف مسلسلاً تلفزيونياً جديداً بعنوان "هبوب الشمال"».

    أخيرا تجدر الإشارة إلى أن "صدر الدين الماغوط" الذي كان يحب الكتابة الساخرة الناقدة وما عرف عنه من محبة الأصدقاء وحضوره الدمث الذي كان يشيع الفرح، كان قد أصيب قبل سبع سنوات من وفاته بجلطة دماغية أسعفه حينها رسام الكاريكاتير "علي فرزات" وشاءت الأقدار أن يسعفه ثانية، ولكن هذه المرة كانت ساعة المنية قد دقت إيذاناً برحيل الجسد إلى مسقطه الأخير في مدينة "السلمية" بتاريخ 15/3/2006 في حين أن روحه ظلّت تطوف شعراً وإبداعاً وأدباً لا ينسى ليحكي قصة من كان صديق الفقراء والمعبر عن أوجاعهم تاركاً إياهم يرددون (زيوس الدمشقي باق بكتاباته).

    نقرأ في إحدى قصائد الراحل الكبير "صدر الدين الماغوط":

    أنا البدوي الذي رحل فبكت لوداعه الصحراء

    أنا الذي أضاع حذاءه ذات ليلة فاستنفرت البراري وكل أرصفة المدن

    ولما التقى بحذائه كانوا قد صادروا فمه واعتقلوا حنجرته

    وأنا البدوي الآتي من عبء الصحراء كفرخ القطا

    لي طعم النخيل وتناغم الأجراس

    أقسمت أن أبتاع مقلاعاً من الصوف

    وأحمل في جيبي حجار البراري

    أقف في مفترق الزمن الملعون

    أشج رأس كل عاشق

    وأجهض بطن كل امرأة منتفخ

    لأن الانتفاخ يعني لي التخمة

    وأنا الجائع الوحيد في العالم؟!