لمع صوته من خلال الغناء التراثي، فأصبحت ذاكرة "اسماعيل اسكاف" خزّاناً لأبيات "العتابا الشرقية" و"الموال السبعاوي" و"الموليا".

موقع "eSyria" التقى بالفنان "اسماعيل اسكاف" ليحدثنا عن مسيرته وحفظه للتراث، إذ قال: «لعبت الوراثة دوراً في صوتي الذي اكتشفته في مرحلة الدراسة الابتدائية، بينما كان الدور الأكبر هو المخزون السمعي الذي أحتفظ به من الأغنيات التراثية بمختلف قوالبها المعروفة والتي غالباً ما كنت أسمعها - ولا زلت- بصوت المرحوم "محمد صادق حديد" الذي أعترف بأنه أستاذي البعيد - إن صح التعبير- فأنا قابلته مرتين فقط وأخذت منه روح الغناء الشرقي الذي اشتهر به، لكني كنت مواظباً مع ذلك على سماعه وتربيت على صوته. وفي سن الثامنة عشرة قدمت حفلة محلية في المنطقة بالتعاون مع عازف العود "سليمان غالي" وعلى إثر ذلك تشجعت وسجلت مجموعة تحوي أبياتاً من "العتابا" كنت قد ألفتها بنفسي، وأحييت عدة أعراس لأصدقائي على نطاق ضيق، وكانت تلك هي الخطوات التي اعتبرتها خطوات البداية. لكن ظروفاً والتزامات عائلية واجتماعية متنوعة حالت دون رغبتي في احتراف الفن فكنت مضطراً لمساعدة والدي في عمل العائلة الأساسي في تصنيع وبيع الخزفيات الشرقية والتحف والنحاسيات فلم ابتعد بذلك كثيراً عن نزعتي الفنية وبقيت ضمن مجال الإبداع. لكن شعلة عشقي للغناء والفن لم تنطفئ حتى الآن ولازلت أسمع كل ما يقع تحت يدي من الأغاني القديمة وأحفظه».

بصراحة من يغني الألوان القديمة اليوم كثر إلا أن من يتقنها قليلون جداً. وبرأيي إن الحافظين لتراثنا اليوم هم المطرب "محمد خضر المغربية"، والمطرب "أيمن كحيل" فهم لا يغنون إلا الأغاني الفلكلورية تحت أي ظرف، ويقومون أيضاً بتأليف أبيات جديدة لمختلف القوالب التراثية

وإلى من يستمع "اسماعيل" أيضاً؟ أجاب قائلاً: «أستمع بشكل خاص لرواد المدرسة العراقية مثل الفنانين "سعدون الجابر"، و"ناظم الغزالي" و"سعد توفيق البغدادي" و"فهمي الجوميلي" و"رشا البصري" ومن سورية أستمع للفنان "خالد الجبوري"، إضافة إلى الفنان "محمد صادق حديد" كما سبق وأسلفت، وقد تُفاجؤون بأسماء مغمورة غير مشهورة كبعض الفنانين ممن ذكرتهم، لكن برأيي وبحسب قوانين الطبيعة فإن الكنوز ترسو في الأعماق».

يغني في أحد الأوابد الأثرية في منطقة "سلمية"

ومن خلال هذه الروح المتأصلة بالأرض والعاشقة للذهب العتيق أيقنا بوجود نية مبيتة للعودة للفن أو تقديم شيء له على أقل تقدير، فتهرب "إسماعيل" من إطلاعنا على ذلك بدايةً إلا أنه ما لبث أن أفصح لنا عن خطوات مستقبلية ومخطط لها فقال: «يوجد تعاون في هذه الفترة مع الشاعر "محمد الحواط" والملحن "سليمان غالي" لإنتاج ألبوم خاص يحتوي على عدد من الأغاني الجديدة مثل أغنية "يلي ما دريت بروحي" وأغنية "خليتك بقلبي"، إضافة لبعض الأغاني القديمة التي أعدنا توزيعها أو بالأحرى أعددنا لها توزيعاً، لأنها كانت مهملة ومحفوظة في ذاكرة الشعب فقط، ومغناة ضمن الحفلات الشعبية بمرافقة آلة موسيقية واحدة وغالباً ما تكون "الربابة"، فآثرت أن أحيي هذه الأغاني علها ترجع أبناء هذا الجيل إلى ما كان يسمع آباؤهم من الفن الأصيل. هذا بما يخص الخطوة الأولى أما الخطوة الثانية فستكون تسجيل أغاني الأستاذ المرحوم"محمد صادق حديد" غير المسجلة إضافة إلى بعض الأغاني المسجلة مسبقاً، بمعنى أن هذا الألبوم سيحتوي في معظمه على الأغاني التراثية القديمة، وأريد بذلك حفظ هذا الموروث الذي يميز المنطقة ويحفظ هويتها آملاً أن أكون بخطواتي البسيطة تلك أقدم خدمة لمنطقتي العريقة بكل شيء».

وعن الحافظين لتراث مدينة "سلمية" يضيف: «بصراحة من يغني الألوان القديمة اليوم كثر إلا أن من يتقنها قليلون جداً. وبرأيي إن الحافظين لتراثنا اليوم هم المطرب "محمد خضر المغربية"، والمطرب "أيمن كحيل" فهم لا يغنون إلا الأغاني الفلكلورية تحت أي ظرف، ويقومون أيضاً بتأليف أبيات جديدة لمختلف القوالب التراثية».

الفنان اسماعيل اسكاف

ونلاحظ مما سبق تأثر أهالي المنطقة بآلة "الربابة" الشجية، وميلهم الملحوظ إلى اللون العراقي، كما نلاحظ الحزن كيف يلف أغانيهم فتراه قريباً من روحهم. يحدثنا "إسماعيل" عن هذه الفكرة قائلاً: «إن شعب "سلمية" ميال فعلاً للحزن ويرد ذلك إلى تأثر الإنسان بشكل عام بالبيئة التي يعيش فيها كمناخ، وبالبيئة الاجتماعية أيضاً إذ تحتك هذه المدينة بشكل مباشر مع المجتمع البدوي الذي هو بطبيعته يعاني من قسوة الحياة والجفاف والتنقل. أضف إلى ذلك الصعوبات التي واجهت أبناء هذه المدينة على مر التاريخ من التنقل وشح الأمطار عما كانت عليه من قبل. هذه العوامل مجتمعة أدت بالنهاية إلى هذا التأثر الواضح الذي لمستموه هاهنا».

بقي أن نذكر أن "إسماعيل اسكاف" من مواليد مدينة "سلمية" عام /1978/ عازف على آلتي "الربابة" و"الناي"، متزوج وأب لطفلين.

الربابة رفيقته