ينتشر البقر الجبلي في المناطق الجبلية، وقد بدأ عدد القطيع يتناقص؛ وهو ما يعني أنه مهدد بالانقراض، ويُحدِث هذا الموضوع سجالاً بين حمولة المرعى، واستبدال البقر بالماعز.

فريق مدونة وطن "eSyria" الاستكشافي زار قرية "فقرو" في سهل الغاب، والتقى المهندس الزراعي "يونس المحمود"؛ الذي قال في هذا الشأن: «أرى أنه من الأفضل أن نعمل على تربية الماعز، سواء الشامي أو البلدي، المعروف عن حليبه ارتفاع نسبة الجودة، إضافة إلى طعمه المميز، وأذهب إلى هذا الرأي اعتماداً على الفارق بين حجم الغذاء الذي تستهلكه البقرة الجبلية الواحدة، مقارنة بكمية الحليب الذي تنتجه؛ وحجم الغذاء ذاته الذي يكفي لعشر عنزات، ويعطي بالمقابل كميات مضاعفة من الحليب، وهنا لا بد من الانتباه إلى موضوع حمولة المرعى واحتكامه لمعدلات هطول الأمطار، فمساحة 5 دونمات مثلاً تكفي لبقرتين، في حين أنها تكفي 25 عنزة، وتضاعف كمية الحليب الناتج عدة مرات.

يعدّ البقر الجبلي أصلاً عاماً للصنف، عليه تقوم عمليات التطوير وتحسين النسل، والحفاظ عليه من الانقراض واجب على الجميع، من مؤسسات حكومية معنية أو المربين الذي يستفيدون من حليبه. أما نوعية الحليب فهي مختلفة حتماً عن باقي الأنواع من الأجناس الأخرى، وأخص بحديثي هنا الأبقار الجبلية التي ترعى في الطبيعة من دون تدخل أصحابها، وإضافة العلف الصناعي، ولا أختلف مع ما طرحه الزميل "يونس" من المكونات التحليلية للحليب، بل أؤيد بشدة ما ذهب إليه في أن الاختلاف يكمن في الناتج المستهلك "لبن، لبنة، زبدة، شنكليش"، ولا مجال للمقارنة بين ناتج طبيعي وآخر يعتمد على العلف الصناعي

ومن المعروف أن أي حليب يتكون مخبرياً من 88% ماء، 4% بروتين، 4% سكر، 4% دسم، أقل من 1% مكونات أخرى، ويتجلى الفارق بالناتج، "حليب، جبنة، شنكليش"، وأنا برأيي أن حليب الماعز متفوق مخبرياً وشعبياً على حليب البقر، وكلنا يعرف المثل الشعبي القائل: "العنزة لا تأكل إلا من رأس النبع"؛ وهو ما يعني أنها انتقائية أكثر في غذائها، رأسها يبقى مرفوعاً يبحث عن أي غصن متدلٍ من شجرة، وكما نعلم أوراق الأشجار مملوءة بالمواد الزيتية والعطرية، في حين أن باقي المواشي ترعى من بين أقدامها».

الفريق الاستكشافي يتذوق حليب البقر الجبلي

"أكرم العفيف" مشرف لجان التنمية في قرى سهل الغاب، يقول تعقيباً: «من الضروري الحفاظ على كلا النوعين -البقر الجبلي والماعز- لكن لا بد من الإشارة إلى أن البقر الجبلي يعفي صاحبه من دفع ثمن الأعلاف، فتغذيته الأساسية تعتمد على أعشاب الأرض؛ وليس أي أعشاب، إنما العطرية والطبية منها كالزوفا والنعناع البري والريحان، وهو ما يعني أن طبيعة الحليب الناتج متميزة بل متفوقة على كل أنواع الحليب الموجود اليوم، وهذا ما يلحظه المتذوق.

ولا يمكننا تجاهل سهولة العناية بهذا النوع مقارنة مع باقي الأنواع، سواء من البقر أو الماعز، فالبقر الجبلي يرعى وحيداً بلا راعٍ، وقد يغيب عن إصطبله أياماً وأسابيع وأشهر، وفي بعض الحالات يعود ومعه عجل "مولود جديد"، وهو ما يعني أنه غاب لمدة تزيد على سبعة أشهر، كما أن هذا النوع مفطور على عدم الاقتراب من مزارع الناس، في حين أن الماعز يتسلق الأشجار المثمرة والحراجية، ويأكل من المزروعات، وبالتالي يكون رعيه شاقاً ومرهقاً جداً للراعي، عدا ضرورة الحفاظ على النوع من الانقراض، فهو ابن البيئة، ولا يمكن أن نجد له بديلاً آخر يعد أساساً لأي عمليات تحسين نسل محتملة الحدوث مستقبلاً، خاصة أن سلالته نقية ومقاومة للأمراض».

المهندس يونس المحمود

المهندس الزراعي "سامر ديوب" قال في هذا الشأن: «يعدّ البقر الجبلي أصلاً عاماً للصنف، عليه تقوم عمليات التطوير وتحسين النسل، والحفاظ عليه من الانقراض واجب على الجميع، من مؤسسات حكومية معنية أو المربين الذي يستفيدون من حليبه.

أما نوعية الحليب فهي مختلفة حتماً عن باقي الأنواع من الأجناس الأخرى، وأخص بحديثي هنا الأبقار الجبلية التي ترعى في الطبيعة من دون تدخل أصحابها، وإضافة العلف الصناعي، ولا أختلف مع ما طرحه الزميل "يونس" من المكونات التحليلية للحليب، بل أؤيد بشدة ما ذهب إليه في أن الاختلاف يكمن في الناتج المستهلك "لبن، لبنة، زبدة، شنكليش"، ولا مجال للمقارنة بين ناتج طبيعي وآخر يعتمد على العلف الصناعي».

قطيع بقر جبلي في البرية

يذكر أن كل مربٍّ لهذا النوع من الأبقار يقوم بتعليم قطيعه بعلامة خاصة كي يستطيع استرجاعه من بين القطعان الأخرى، ويزور المربي قطيعه كل مدة، للاطمئنان عليه وحلبه.