عندما تتحدث الأرقام عن التدخين وتبعاته؛ فلا شك أن حديثها يكون دعوة صريحة للتأمل الجدي بما يمكن أن تفعله بنا السيجارة، فالمركز السوري لأبحاث التدخين ذكر أن 8% من الدخل السنوي للفرد يصرف لشراء 3.6 كغ من السجائر، وأن 60% من الرجال يدخنون، في حين 23% من النساء هنّ مدخنات، وأن 26 مليار ليرة سورية تصرف سنوياً على التدخين.

وهذه الأرقام حسب دراسة أجريت بين عامي 2002 و2007، في حين أن 88% من سكان البيوت هم مدخنون سلبيون لا إراديون، وهذا حسب استطلاعات قامت بها مؤسسة "الآغا خان" متمثلة ببرنامجها الصحي.

من المعروف أن السجائر تحتوي على 4700 مادة كيماوية سامة، منها 43 نوعاً من مادة النيكوتين، وهذا بدوره يؤثر على الفرد من خلال اضطرابات النوم، زيادة في الشخير، وهشاشة في العظام، عدا عن أنه أحد المسببين الأساسيين لمرض السرطان

وبمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التدخين نظم أهل "سلمية" يوماً تشاركياً بالتعاون مع عدد من الجمعيات الأهلية والمنظمات الشعبية، للحث على جعل المنازل خالية من التدخين.

"هيلين أبو إسماعيل" متطوعة في حملة "آن الأوان"

موقع eSyria كان متواجداً والتقى أحد المشاركين في هذه التظاهرة وهو الشاب "إسماعيل مقصود" من المجموعة الشبابية التي قدمت من قرية "المفكر الشرقي" حيث عبر عن سعادته وحماسه للمشاركة، يقول: «جئنا من قريتنا لنؤكد دعمنا للمرسوم الذي أصدره السيد رئيس الجمهورية بشأن التدخين، وكنا فيما مضى من وقت قد نظمنا في قريتنا مهرجان "واحة الأمل" ومن الأشياء التي دعا إليها هذا المهرجان إخلاء منازلنا من كل ظواهر التدخين، وأهداف "واحة الأمل" ما زالت مستمرة من خلال مشاركتنا هذه، في النهاية أود أن أشكر مؤسسة الآغا خان للتنظيم المميز، ولكل من شارك».

وكان لقاؤنا مع الدكتور "ماهر أبو ميالة" مدير البرنامج الصحي في "مؤسسة الآغا خان"، والذي تحدث عن فعاليات هذا اليوم: «تهدف هذه التظاهرة إلى رفع الوعي تجاه أضرار التدخين بشكل عام وبكل أنواعه، وتسليط الضوء على خطورة التدخين السلبي، مع التركيز بشكل خاص على منع التدخين ضمن المنازل، حيث لا تزال نسبة التدخين ضمن المنازل في منطقة "سلمية" عالية جداً. كما يساهم هذا النشاط في زيادة اهتمام ووعي الناس بأهمية العمل على مكافحة التدخين، بالإضافة إلى التنبيه للأبعاد التربوية والسلوكية لمشكلة التدخين».

الأطفال شاركوا أيضاً

ويضيف: «ما نقوم به اليوم يؤكد دعم الناس لمرسوم منع التدخين، وهو قرار حضاري وضع سورية في مصاف الدول الحضارية، والجانب الآخر أن المجتمع الأهلي أخذ دوره من خلال وقف التدخين في المنازل، ودلت الدراسات التي قمنا بها أن 88% من الناس يتعرضون للتدخين السلبي واللا إرادي في المنازل، وهدفنا من هذه التظاهرة توعية الناس لخطورة ما يحدث ضمن جدران منازلهم».

الدكتور "حسن خنسة" من البرنامج الصحي أكد فاعلية هذه التشاركية بين مؤسسة الآغا خان وباقي المنظمات والجمعيات الأهلية في "سلمية"، ويتابع قائلاً: «التدخين موجود في كل الأماكن، لكن هدفنا هو إخراج هذه العادة من البيوت حفاظاً على سلامة سكانه غير المدخنين من هذا الوباء الفتاك، وهذا أمر باستطاعتنا تحقيق نسب جيدة من خلاله، مهمتنا أن نوصل فكرة هي أن تعمل كل الجهات وضمن قطاعاتها ومجال تحركها للوصول إلى البيوت وإرشاد الناس على ضرورة التخلي عن التدخين داخل المنازل، وليعلم الجميع أننا من خلال سعينا للتخفيف من أضرار التدخين لا نحارب المدخن بل نحارب التدخين».

مشاركون من "جمعية أصدقاء سلمية"

من جهة أخرى قالت الدكتورة "ناديا عيشة" مديرة حملة "آن الأوان" للكشف المبكر عن أورام الثدي أحد برامج "جمعية أصدقاء سلمية" أن التدخين أحد العوامل المؤثرة بشكل كبير في تعرض الإنسان للورم السرطاني، وأضافت: «من المعروف أن السجائر تحتوي على 4700 مادة كيماوية سامة، منها 43 نوعاً من مادة النيكوتين، وهذا بدوره يؤثر على الفرد من خلال اضطرابات النوم، زيادة في الشخير، وهشاشة في العظام، عدا عن أنه أحد المسببين الأساسيين لمرض السرطان».

ومن المتطوعات التقينا السيدة "هيلين أبو إسماعيل" التي تحدثت عن فكرة برنامج الكشف المبكر عن أورام الثدي وما للتدخين من تأثيرات ذات صلة، وأضافت: «حاولنا وما زلنا نحاول نزع الخوف من صدور السيدات في قبول فكرة الكشف المبكر، كان لنا استبيانات بهذا الشأن لكن التغطية لم تكن كافية، واليوم ومن خلال مشاركتنا في هذه التظاهرة استطعنا أن نصل إلى أكبر عدد من الناس فوزعنا بطاقات التوعية التي تشجع على الكشف المبكر، وتحض على نبذ عادة التدخين في المنازل».

يذكر أن فعاليات هذه التظاهرة بدأت عند الساعة السابعة والنصف مساء الخميس من أمام المركز الثقافي العربي وانطلق المسير عابراً شارع "حماة" باتجاه مقر شعبة الحزب حيث افتتح المعرض الجداري لرسومات وبروشورات تظهر مدى خطورة التدخين، وعلى منصة أقيمت لهذه المناسبة في الهواء الطلق قدم الأستاذ "صدر الدين الحلاق" مقطوعات غنائية، بعد ذلك قدمت فرقة "كور الزهور المسرحية" عرضاً بعنوان "أريد أن أغني" من تأليف وإخراج الفنان "مولود داؤد"، وكان الجميع مدعوين لتسجيل تعليق مناهض للتدخين لاختيار أجمل تعليق، وربما لفت الانتباه ذلك التعليق الذي يقول: "لا للتدخين ولا لإسرائيل".

الجدير بالذكر أن البرنامج الصحي في مؤسسة الآغا خان الذي نظّم النشاط يعمل منذ انطلاقته عام 2004 على تقديم نموذج لكيفية تحسين الحالة الصحية العامة للسكان في منطقة محددة من خلال تحسين الممارسات الطبية والإدارية للخدمات الصحية وتطوير النظم الصحية للمؤسسات الصحية. كما يهدف إلى تعزيز قدرة الأفراد والعائلات والمجموعات على اختيار أنماط الحياة الصحية، وذلك من خلال زيادة الوعي الصحي وتشجيع الممارسات والسلوكيات الصحية وتمكينهم من أن يلعبوا دوراً فاعلاً ومسؤولاً في شؤونهم الصحية.

بقي أن نذكر أن المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 كانون أول 1966 تنص على أن: لكل فرد الحق في التمتع بأعلى مستوىً يمكن بلوغه من الصحة البدنية والنفسية.