مازالت اللوحات التي خطها الفنان الراحل "عبد الرحمن فاخوري" موجودة في معظم مساجد المدينة ومؤسساتها الحكومية، وهي شاهدة على ما قدمه وبرع فيه عبر سنوات حياته، حيث نذر روحه ووقته لإبراز الخط كفن جذاب وخالد.

الخطاط "محمد قنا" الذي التقته مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 آذار 2016، تحدث لنا عن حياة الفنان الراحل "عبد الرحمن فاخوري"، فقال: «تلقى "فاخوري" علومه الأولية في الكتاتيب، وتميز منذ الصغر بجمال الخط على الرغم من حداثة سنه، فقد استطاع أن يتقن كافة قواعد الخط العربي وأنواعه، إضافة إلى إتقانه لفنون الرسم وأصوله، وهو ما ميزه بالفعل عن باقي أقرانه من الخطاطين الذين عاصروه في ذلك الوقت، فلوحاته التي خطها بأنامله منحها بعداً فنياً قلّما تجده لدى غيره ليصبح خطاطاً مشهوراً ويفتح ذلك أمامه أبواب العمل والشهرة على مختلف الصعد الرسمية والخاصة. كلف بالعمل كخطاط في جريدة "الجماهير" الصادرة في "دمشق" أيام "الوحدة السورية المصرية"، كما كلف بتدريس مادة الخط العربي وتعليمه في وزارتي الثقافة والتربية، تتلمذ على يده أشهر خطاطي "حماة" اليوم، نذكر منهم: "مصطفى النجار"، "باسل معطي"، "نزار الحسين"، "بشار شمطية"، وفي عام 1975 سافر إلى "المملكة العربية السعودية"، وعمل خطاطاً في مطابعها لمدة خمسة أعوام، ليعود بعد ذلك ويكمل مهمته في تعليم الخط العربي».

إن الفنان الراحل "فاخوري" هو أحد أضلاع المربع الذهبي في "سورية"، فهناك "بدوي الديراني" من "دمشق"، و"هادي زين العابدين" من "حمص"، و"إبراهيم الرفاعي" من "حلب"، و"عبد الرحمن فاخوري" من "حماة"، ولهذا أطلق عليه خطاط حماة الأول

تجلى إبداع "فاخوري" بإجادة "الخط الفارسي" الذي يعدّ من أصعب أنواع الخطوط وأدقها، إضافة إلى خطي "النسخ والثلث"؛ هذا ما قاله "قنا"، ويضيف: «امتازت لوحاته الفنية برشاقة حروفه ومتانتها؛ وخاصة ما كتب منها بالزيتي، فمن يشاهدها عن بعد يراها قريبة، وهذا يدل على دقة المسافات بين الحروف والكلمات، إضافة إلى ذلك استعان "فاخوري" بالظل والنور ليعطي التنوع الجمالي للوحاته؛ ليس رغبة في التجسيم لكن لتوضيح مستويات السطوح المختلفة قليلة البروز».

من أعماله

ويتابع: «كان لطبيعة مدينته وما تحمله من جمال للعين الناظرة الأثر الواضح في اختياره للألوان الهادئة التي ظهرت جلية في لوحاته، وهي ألوان السماء والماء والسهل الخصيب كالأزرق والأخضر، حيث استخدمها كعنصر أساسي لإذابة التجسيم، وتحطيم الوزن والصلابة وإعطائه الخفة، أما اللونان الذهبي والفضي، فقد استخدمهما بسخاء لأن لهما بريقاً سحرياً واضحاً، وخصوصية الجذب الشديد لانتباه المشاهد».

تعبيراً عن وفائه لأستاذه جمع المصور الفوتوغرافي والخطاط "بشار شمطية" كل ما أبدعه "فاخوري" في ألبوم صور، وقال: «علاقتي معه كانت أكثر من علاقة التلميذ بمعلمه، فقد كان أباً وأخاً لي وللجميع، عرف عنه التواضع والقناعة ودماثة الأخلاق وخفة الروح وميله إلى الهدوء، وهذا ما قربه إلى كل من عرفه، كان إنساناً عاشقاً لفن الخط العربي، ونذر حياته له، ولم يدّخر أي جهد في إيصال رسالة تعليم هذا الفن الذي كان مؤمناً به، تقيد بالناحية اللغوية والشكلية للوحاته، وبرع أيضاً بكتابة الخط التشكيلي، وهو من الفنون التي أظهرت مكامن الإبداع الفني لديه، والتي ترك بصمته فيها أيضاً فأخرج إلى الوجود لوحات طريفة جميلة أثارت إعجاب كل من شاهدها».

محمد قنا

لا عجب أن يحظى "فاخوري" باهتمام أدباء وشعراء مدينة "حماة"، وقد تحدث الجميع عن أساليبه وتجديده في مجال الخط العربي، قال عنه الأديب "عدنان الشيخ عثمان": «إن الفنان الراحل "فاخوري" هو أحد أضلاع المربع الذهبي في "سورية"، فهناك "بدوي الديراني" من "دمشق"، و"هادي زين العابدين" من "حمص"، و"إبراهيم الرفاعي" من "حلب"، و"عبد الرحمن فاخوري" من "حماة"، ولهذا أطلق عليه خطاط حماة الأول».

الجدير بالذكر، أن "عبد الرحمن فاخوري" ولد في مدينة "حماة" عام 1922، وتوفي فيها عن عمر يناهز الثالثة والستين.

بشار شمطية