عدم امتلاك حيازة زراعية لم تمنع السيد "تركي الشامي" ابن قرية "دير ماما" من أن يكون مزارعاً منتجاً لمؤونة منزله، حيث زرع وبفكرة مبتكرة سطح منزله بمختلف الخضار الصيفية والشتوية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 22 تشرين الثاني 2014، السيد "تركي الشامي" في حديقته المنزلية الخاصة التي أنشأها على سطح منزله، ليحدثنها عن انطلاقة فكرة الحديقة الصناعية الصغيرة، وهنا قال: «في الأساس ليس لدي أية ملكية زراعية في القرية، لأني كنت خارج القرية لسنوات طويلة، ولم أفكر بهذا الأمر سابقاً، إلا أن الواقع الصعب وحاجيات المنزل الأساسية التي لا يمكن التهاون فيها أو حتى التعاون، أمران دفعاني للتفكير العميق بكيفية تحقيق إنتاج زراعي دون وجود حقل طبيعي أعمل فيه كما بقية المزارعين المنتجين، فخطر بذهني إمكانية توفير أحواض صغيرة سهلة التنقل والعناية، مع توافر المياه الدائمة لدي نتيجة وجود بئر سطحية ضمن منزلي، ففكرت بشرائح الفلين المصنعة التي تسوق فيها الخضار بمختلف أنواعها، وعلب السمن والزيت المعدنية "التنكة"، وفعلاً بدأت التجربة بعدة عبوات لمعرفة إمكانية تحقيق النتيجة المرجوة.

أؤكد أن الهدف من هذه الحديقة الزراعية الصغيرة هو التغلب على الواقع بمحاولة التكيف معه، خاصة مع هذا الغلاء الفاحش الذي يرهق الجيوب والأجور الشهرية التقاعدية التي لم ترتفع ولم يلحقها أية إضافات أو تعويضات تلائم واقعنا الصعب، إضافة إلى ملء أوقات الفراغ، وقهر مرحلة التقدم في العمر التي تحاول إجباري على الخضوع والخنوع لها

وبعد إنتاج أول محصول من الخضار المنزلية وأهمها الخيار والبندورة، أدركت أن هذا الأمر ممكن وذو نتيجة جيدة جداً ومردودية كافية للمنزل مع توافر المزيد من العبوات، خاصة أني أحببت هذا العمل وأدركت أنه لا يمكن الملل منه مع تقدمي أكثر في العمر، ولا يمكن أن تضعف عزيمتي به.

ونجاح العمل أسعد الأسرة، ودفعها لتقديم الدعم المعنوي لي، والمساعدة في بعض الأحيان عندما ألتزم بموعد أو عمل ما، حتى إن هذه الحديقة الصغيرة أصبحت مقصد جلساتنا المسائية في فصل الصيف».

ويضيف السيد "تركي": «أؤكد أن الهدف من هذه الحديقة الزراعية الصغيرة هو التغلب على الواقع بمحاولة التكيف معه، خاصة مع هذا الغلاء الفاحش الذي يرهق الجيوب والأجور الشهرية التقاعدية التي لم ترتفع ولم يلحقها أية إضافات أو تعويضات تلائم واقعنا الصعب، إضافة إلى ملء أوقات الفراغ، وقهر مرحلة التقدم في العمر التي تحاول إجباري على الخضوع والخنوع لها».

فليفلة إنتاج محلي في عبوات على السطح

إذاً، ما يقارب الثلاثين فلينة زرعها السيد "تركي" بمختلف الخضار المنزلية، أنتجت له مؤونة منزله بالكامل تقريباً، وهنا قال: «مساحة سطح المنزل كبيرة، ولم أستغلها بكاملها بل حاولت أن تكون الحديقة المنزلية مقاربة بعضها من بعض بطريقة جيدة، مع وجود ترتيب بالتصنيفات الخضرية، فمثلاً ما زُرعت بالبندورة في جهة حيادية منفصلة تماماً وبمسافة قصيرة جداً عن التي زرعت بالخيار، وكذلك علب الفاصولياء والفليفلة وبقية الخضار، كما أن العلب التي زرعت بالحشائش كالسلق والسبانخ والخس والفجل جمعتها في مكان واحد منفصلة بعضها عن بعض، لتعطي جمالية وترتيباً يسعد المتعامل معها.

وهذا الترتيب أضفى جمالية رائعة على الحديقة، ترتيب قصدته منذ البداية ليكون العمل متكاملاً، وأنتج خضاراً نضرة وجيدة القوام والشكل، كما أن إنتاجيتها كانت كافيةً لتأمين جميع مستلزمات المنزل من المواد الأولية الخاصة بصناعة وتحضير وجبات الطعام، كما أن الفائض من الإنتاج يجمع أسبوعياً ليجهز بوجبات مؤونة خاصة بفترات الانقطاع وعدم توافر المنتج أو السلعة الغذائية، ومما توافر خلال أسبوع واحد في أحد المرات، صنعت حوالي 1500 غرام من دبس الفليفلة، بعد تجهيز ثمار الفليفلة جيداً وتنظيفها، حيث وضعت الدبس في البراد ليكون جاهزاً للتناول في فصل الشتاء».

وبالحديث عن الخبرة الزراعية والتعامل مع النباتات قال السيد "تركي": «بما أني لم أمتلك حقولاً زراعية في السابق لم أدرك طرائق العناية والتعامل مع النباتات، ولكن هذا لم يأخذ مني الكثير من الوقت لأن محبتي للعمل ساعدتني كثيراً، حيث ملأت العبوات بالتراب وجهزت الشتول وغرستها وانتظرت مرحلة النمو، وهنا بدأت العناية بالشتول وفقاً للحاجة وأرض العمل، فأصبحت أضع لها الأسمدة الطبيعية وفقاً لحاجتها، ومن ثم أقوم بريها بالمياه وتقليم غير المرغوب به فيما بينها للحصول على إنتاج جيد ونظيف كما أحب وأرغب».

وفي لقاء مع السيدة "رئيفة حسن" زوجة السيد "تركي" قالت: «في الأغلب عندما ينجح إنتاج صنف زراعي معين كان "تركي" يحاول الحصول على بذور من هذا الصنف، للمحافظة على جودة الإنتاج وصحة النبات، لأن هذا الأمر مهم بالنسبة لنا خلال مراحل صنع المؤونة، إضافة إلى أن هذه الحديقة الصغيرة زرعت وفقاً للمواسم والفصول، فمثلاً يزرع الخضار العشبية كالسلق والهندباء والخس في بداية موسم الزراعة الشتوية، والبندورة والخيار في الموسم الربيعي والصيفي، وكذلك الفاصولياء والفليفلة ومختلف أنواع الخضار الأخرى، فتكون الأصناف متكاملة وفق حاجة المنزل».