رافقته آلة الرّق في عامه الخامس، وعلّمه فضوله العزف على بقية الآلات الموسيقية، وبات قائداً لفرقة موسيقية بوقتٍ قياسي، وضابطاً للإيقاع مع أشهر الفنانين العرب، ثمّ صانعاً للآلات الموسيقية ومطوّراً لها.

مدونّةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 6 تموز 2020 الفنان "محمد السلوم" ليحدثنا عن طفولته ودراسته قائلاً: «نشأت في أسرة تعشق الطرب الأصيل، وأخوتي "حاتم"، "عادل"، و"جمال" يعزفون على آلات موسيقية مختلفة، وكانت تحلو السهرات بلمّة الأصدقاء، فعشقت الإيقاع منذ نعومة أظفاري، وكانت آلة الرّق رفيقتي في الخامسة من عمري، وقادني الفضول بنهاية كل سهرة لأتعلم على بقية الآلات الموسيقية، ولم تروِ عطش المعرفة حتى وصلت مرحلة دخول اتحاد "شبيبة الثورة"، فمنحني الخطوة الأولى لتعلم الموسيقا ومن حسن حظي أنّ عازف الكمان "جمال خربيط" كان مدرباً للموهوبين، فنصحني بالالتحاق بدورة الموسيقا، وهناك كان موجهي عازف الإيقاع "عزت جعفر"، وعندما طلب مني أن أعزف على آلة الإيقاع أدهشه إتقاني ورأى بي معلماً وليس متدرباً.

فنان موهوب ذو أخلاق عالية وإمكانات موسيقية ممتازة، يعدُّ من أهم عازفي الإيقاع، وهو مصدر ارتياحي في الأعمال الموسيقية المشتركة على المسرح، لقد تميز منذ صغره باجتهاده ومثابرته حتى أثبت جدارته في العزف على معظم الآلات الموسيقية، وتمكن من صناعة آلة العود بشكل مميز وفريد، يحفظ آلاف الأغاني بأدائها وأنغامها وإيقاعاتها، وهو دمث الخلق، عذب المزاج، محبب وقريب من قلوب الناس

شاركت في مهرجانات "شبيبة الثورة" لعدة أعوام على التوالي 1984 - 1985- 1986 وحصلت على جائزة المركز الأول على مستوى القطر، وفي المرحلة الثانوية أصبحت أشارك بالحفلات العامة وأقود الفرقة الموسيقية في المدرسة التي كانت تقيم الحفلات في المناسبات الرسمية على مسارح "سلمية"، وكانت النقلة النوعية بحياتي أنني لم أكمل دراسة الثانوية الصناعية لحرصي على التحصيل في المعهد الموسيقي، فوجب أن أحصل على دراسة أدبية وكانت عام 1989».

الباحث محمد عيد

وعن أهم أعماله ونشاطاته يحدثنا قائلاً: «ألّفت موسيقا تصويرية لعدة مسرحيات في "سلمية"، مثل "رحلة حنظلة"، "مملكة الأطفال"، "بنت النبعة"، "المحطة" وغيرها، وبعد نهاية خدمة العلم انتسبت إلى نقابة الفنانين عام 1994 كعضو متمرن لمدة خمس سنوات، وفي عام 1999 حصلت على العضوية، ومنها كانت انطلاقتي الكبرى، فشاركت بعدة مهرجانات مثل مهرجان "تدمر" 2001، مهرجان "الزهور" في "دمشق" 2002، "الربيع" بـ"حماة" 2003، وشاركت مع فنانين عرب مثل "صباح فخري"، "راغب علامة"، "غسان صليبا" 1992، "عصمت رشيد"، "فؤاد غازي"، "الياس كرم" 1998، وشاركت في مهرجان اليوبيل الماسي العالمي في "لشبونة" بـ"البرتغال" 2017، والآن ملحن وموزع أغاني».

ويحدثنا عن حرفته في صناعة الآلات الموسيقية قائلاً: «درّبني أخي "جمال" منذ عام 1994 في ورشته لصناعة الآلات الموسيقية، فبدأت بصناعة الآلات الوترية: العود، الكمان، البزق، والآلات الإيقاعية الخشبية مثل الدف، الرق، الطبل، الكاخون -صندوق خشبي مستطيل الشكل اخترع بالصدفة منذ الحرب العالمية الثانية حين كان الجنود يضربون على صناديق الذخيرة، فتصدر أصواتاً إيقاعية نتيجة رنة المعدن بداخلها وتعطي استئناساً للإذن- وطوّرت هذه الصناعة بحكم أني عازف إيقاع، كما في آلة العود حيث إنّ لكل آلة نقطة ضعف واستطعت التغلب عليها وتلافيها لأحافظ على هذا الموروث الجميل لتحاكي جودة صوت العود الكلاسيكي، ولكن أكثر متانة، وهذا رأي الشخصي، فالعود الضخم مكوّن من عدة ريش أو عدة أخشاب، ونقاط التلاقي فيها هي نقطة ضعف كبيرة مع الزمن، فاستبدلتها بتصميم جديد مكون من جزء واحد، والزند استبدلته بمفاتيح معدن خاصة بالعود، فساهم بثبات الدوزان، بالإضافة لذلك أصنع آلات موسيقية صغيرة للزينة تشجيعاً للأطفال.

الفنان أمين الصغير

وآخر نشاطاتي قدمته مع جوقة "أدونيا" الموسيقية في صالة "أدونيا"، وكان ريعها للأيتام والمحتاجين والعائلات الفقيرة والمعوقين بالتعاون مع جمعية "قطرة أمل"، وبمشاركة المطرب "ريبر وحيد" سفير الطفولة والاحتياجات الخاصة في "سورية"، وكذلك شاركت في المهرجان المسرحي الذي أقيم في "حماة"».

الفنان "أمين الصغير" تحدث عن الفنان "السلوم" قائلاً: «فنان موهوب ذو أخلاق عالية وإمكانات موسيقية ممتازة، يعدُّ من أهم عازفي الإيقاع، وهو مصدر ارتياحي في الأعمال الموسيقية المشتركة على المسرح، لقد تميز منذ صغره باجتهاده ومثابرته حتى أثبت جدارته في العزف على معظم الآلات الموسيقية، وتمكن من صناعة آلة العود بشكل مميز وفريد، يحفظ آلاف الأغاني بأدائها وأنغامها وإيقاعاتها، وهو دمث الخلق، عذب المزاج، محبب وقريب من قلوب الناس».

آلات من صنع الفنان محمد السلوم

الباحث الموسيقي "محمد عيد" قال عنه: «هو الصديق والفرحة لمدينة "سلمية"، والمبدع لنغماتها وابتسامات أبنائها، ومن الصعب تناول حياته كفنان في بضع كلمات، فهو حالة فنية مهمة وملهمة قلما يجود الوسط الفني بمثلها لإجادته العزف والتلحين على مختلف الآلات الموسيقية وفهمه العميق لها، وقدراته وكفاءته في صناعة بعضها.

ولأن الموسيقا من أعزّ أصدقائه، ويحكم نتاجه الفني بات خبرة كبيرة، ويتمتع بقوة شخصية لا يستهان بها، إذ يقدم للمستمعين جرعةً جماليةً تخترق القلوب قبل الآذان لما يتخللها من أصيل وممتع وهادف، فهو يخاطب أحاسيسنا بتجارب حسية وشعورية متعددة، فيجعلنا على استعداد لتذوق الإبداع الجمالي الموسيقي والنشاط الفني المتزن.

ولا يمكنني أن أذكره دون أن أذكر أنه سليل أسرة عاشقة للفن وممارسة لها آباء وأبناء، ومنهم على سبيل المثال أخوه "حاتم"، ولعلّ والدته الفاضلة "مريم الحواط" بقدراتها الخطابية أيضاً، وصوتها الجميل الذي لم تستخدمه للغناء قد أثرت فيهم، وأثمرت رعايتها لهم في تحقيق نجاحاتهم الفنية».

يذكر أنّ الفنان "محمد السلوم" من مواليد "حماة" 1971.