على الرغمِ من أسلوبِه الفوضويّ في فنِّ الرسم كما يصفه، وعدمِ تمكّنه من دراسةِ أصولِه بشكلٍ أكاديميٍ محض، إلاَّ أنه استطاع تحويلَ موهبتِه الفنِّية إلى نمطٍ خاصٍ به في لوحات "البورتريه" التي يرسمها، متَّخذاً من أقلامِ الفحم وسيلةً لإبراز تميّزه.

مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 12 أيلول 2019 تواصلت مع الرسام "باسم عباس" لتتعرف أكثر على شخصيته وأعماله الفنِّية والبداية كانت عن نشأته فقال: «ولادتي كانت في مدينة "حمص" بحكم إقامة عائلتي هناك حينها، إلَّا أنّ بدايات طفولتي قضيتها في قريتي الوادعة التي تتصف ببساطة بيئتها حتى الآن، الهدوء الذي كان سمةً أساسيةً لحياتنا بالإضافة لعمل والدي كخطاطٍ ورسَّامٍ إلى جانب سحر الطبيعة المحيطة، كلُّ ذلك ولَّد في داخلي شخصيةً مختلفةً عن بقية أبناء جيلي، جعلتني مهتمَّاً بكلِّ لوحةٍ كنت أشاهدها، محاولاً تقليدها وتصحيح أيِّ خللٍ فيها حسب نظرتي لها، هذا كان يلاقي استحسان وتشجيع من هم حولي بعد مشاهدتهم للوحة الجديدة، استمر هذا الشغف للرسم مرافقاً لي خلال مراحل دراستي التي أنهيتها بالحصول على شهادة المعهد الفني للكهرباء عام 2000».

ولادتي كانت في مدينة "حمص" بحكم إقامة عائلتي هناك حينها، إلَّا أنّ بدايات طفولتي قضيتها في قريتي الوادعة التي تتصف ببساطة بيئتها حتى الآن، الهدوء الذي كان سمةً أساسيةً لحياتنا بالإضافة لعمل والدي كخطاطٍ ورسَّامٍ إلى جانب سحر الطبيعة المحيطة، كلُّ ذلك ولَّد في داخلي شخصيةً مختلفةً عن بقية أبناء جيلي، جعلتني مهتمَّاً بكلِّ لوحةٍ كنت أشاهدها، محاولاً تقليدها وتصحيح أيِّ خللٍ فيها حسب نظرتي لها، هذا كان يلاقي استحسان وتشجيع من هم حولي بعد مشاهدتهم للوحة الجديدة، استمر هذا الشغف للرسم مرافقاً لي خلال مراحل دراستي التي أنهيتها بالحصول على شهادة المعهد الفني للكهرباء عام 2000

تطوّرت موهبة "باسم عباس" الفنِّية فيما بعد وعن ذلك تابع قائلاً: «كنت أتابع مراحل إنجاز اللوحات التي يرسمها والدي بشكلٍ دقيق، محاولاً تقليده والتعديل عليها حتى، ومع مرور السنوات شعرت بأنَّ شيئاً ما ينقص لوحاتي، ليس فقط من ناحية مقاييسها ودقَّة ألوانها، بل من ناحية البصمة الخاصة التي تجعل الآخرين يشعرون بها وأنا قبلهم، جاءت الصدفة خلال مرحلة دراستي في المعهد الفنِّي لتجمعني مع أحد الزملاء ويدعى "أيهم جفُّول" الذي كان وما يزال مهتماً برسومات البورتريه خاصةً، أعجبت برسوماته وبأسلوبه المميز في استخدام أقلام الفحم فيها، متابعتي له وتقرُّبي منه شخصياً جعلاني أطلع أكثر على أصناف الأدوات المستخدمة، إن كان من جهة نوع الورق كمثال (كانسون) فرنسي أو الورق الإيطالي الملون، أو من جهة أقلام الفحم والباستيل وغيرها، ولأنَّ حلم الالتحاق بكلية الفنون الجميلة في "دمشق" كان مراوداً لي منذ طفولتي، تقدَّمت لامتحانات الشهادة الثانوية الحرَّة ونلت المجموع الذي أهَّلني للدراسة فيها، بعد تجاوزي للاختبارين الأول والثاني بنجاحٍ تحطَّم حلمي عند نتائج امتحان مادة الرسم بأقلام الرصاص، وبالرغم من خيبة الأمل والحزن الذي شعرت به حينها، إلَّا أنَّ ذلك شكَّل دافعاً عكسياً لديَّ من أجل تطوير مهاراتي ذاتياً لأثبت بأنَّ حلم الإنسان لا يتوقف عند شهادةٍ ما، لاحقاً وبحكم دراسة شقيقي للهندسة المعمارية تعرفت من خلاله على أساسيات الظلِّ والمنظور في فنِّ الرسم، ومعها أصبحت أكثر درايةً في تحسين مقاييس لوحاتي، ومع العمل المستمر أخذت تصبح أكثر كمالاً من النواحي كلِّها».

طابع مكافحة السل من تصميمه

عن توجهه للتخصص في أسلوب البورتريه وبالفحم تحديداً يقول: «ربما كان لطبيعة شخصيتي دورٌ في ذلك، فأنا شديد التعلُّق بالوجوه التي تحمل تميّزاً خاصاً عن غيرها، إضافةً لطبعي الحركي السريع في كلِّ أموري حتى في الرسم، فبمجرد وقوع نظري على أيِّ وجهٍ أشعر بتميزه، أقوم برسمه مباشرة ودون توقف حتى أنهي اللوحة، هذا ما يجعل المتابعين لي يصفونني بالرسَّام الفوضوي، ولأنني أعشق اللونين الأبيض والأسود أصلاً كان اختياري للرسم بأقلام الفحم طاغياً على معظم لوحاتي، فمعه أستطيع إظهار ذلك التمايز الموجود بين الظلِّ والنور بشكلٍ ملحوظ، كما أنَّ طبيعة ولون الشعرِ وخاصةً الغامق تجذبني لرسم أيَّ شخصيةٍ أراها أمام عيني، هذا لا يعني بأنني بعيدٌ عن الألوان الأخرى بالمطلق، لكن الضبابية التي أعشقها في تفاصيل اللوحة دفعتني لاختيار هذا الأسلوب الذي يعدُّ قريباً من المدرسة الانطباعية التي أُفضِّلها كثيراً».

في الحديث عن المعارض التي أقامَها وشارك "باسم عباس" بها ومشاريعه الخاصة قال: «كوني اتجهت لدراسة الحقوق في نظام التعليم المفتوح، فقد بدأت مشاركاتي من خلال المعارض التي كان يقيمها "الاتحاد الوطني لطلبة سورية" وتحديداً عام 2005 في مَعرِضٍ أقيم في كلية الهندسة المدنية بجامعة "البعث" حينها، وتجدَّد ووجدي في المناسبة ذاتها بعد ستِّ سنوات، كما شاركت مع "اتحاد شبيبة الثورة" في نشاطٍ أقامته رابطة "المحروسة" عام 2008 ونلت المركز الأول عن فئة الطبيعة الصامتة، وفي ذات العام كان لي وجدٌ في مؤتمر مكافحة السل بمدينة "حماة" حيث شاركت في المعرض المرافق له ونال تصميمي الجائزة الأولى واعتمد كطابعٍ رسميٍ فيما بعد، كما أنني موجودٌ دوماً في المعارض الفنية التي يقيمها المركز الثقافي العربي بمدينة "مصياف" وآخرها كان في بداية شهر آب من هذا العام، كان تفاعل الحضور كبيراً بعد مشاهدتهم أعمالي الجديدة».

لوحة سيدة الياسمين من إنجازه

صديقه الفنان التشكيلي "رامي جوهرة" عن شخصيته وأعماله يقول: «فنُّ البورتريه استخدم قديماً بهدف التوثيق التاريخي للشخصيات المهمة، وإنجاز اللوحة يرتبط بخبرة الرسِّام فيه، نحن هنا إذ نتحدَّث عن الفنان التشكيلي "باسم عباس" نستطيع القول وبكلِّ شفافيةٍ ومصداقية بأننا أمام شخصيةٍ فنِّيةٍ متميزةٍ وفريدةٍ في أعمالها، فنَّانٌ بات قادراً على رسم أصعب اللوحات مستخدماً أبسط الأدوات بعيداً عن التكلُّف والمبالغة وبزمنٍ قياسيٍ لا يتجاوز الدقائق، هذا إن دلَّ فإنه يدلُّ على المخزون الكبير من الأعمال الفنِّية التي أنجزها، فيها كلُّ الحالات الانفعالية والشعورية عند الإنسان، في لوحاته نستطيع أن نرى جمال الحياة من خلال مساحة البياض التي تشغلها الوجوه المرسومة على الخلفية السوداء الطاغية فيها، معتمداً على حكمةٍ يابانية قديمة وهي: إنَّ الأشياء المشعّة تلمع في الظلمة أكثر بكثير من وجودها تحت الشمس.

وأكثر ما يميزه هو الحسُّ الإنساني الرفيع الموجود في وجدانه، فهو لا يتقاضى أجراً عن أغلب اللوحات التي يقدِّمها لمحبِّيه، بل يعدّها مشاركةً منه لهمومهم وأفراحهم وتقديرَ محبةٍ لهم».

من آخر أعماله

أخيراً نذكِّر بأنَّ "باسم عباس" من مواليد "حمص" عام 1980 ويقيم حالياً في مسقط رأسه بقرية "طير جملة" التابعة لريف محافظة "حماة".