بشهيّةٍ مفتوحةٍ للتجريب والاستكشاف، استطاعَ الفنانُ التشكيليُّ "ماجد الصابوني" أن يرسمَ خطَّهُ الفنّي المتفرّد به، ابتداءً من التدريب الأكاديمي والجامعي، انتهاءً بالخبرة المثقلة بالتجارب المتراكمة، فهو فنّان واقعي في رسوماته البعيدة عن التكلّف والبهرجة، وبرغم ذلك فهي مشبعة لمتذوقي الفن، وهذا ما يعكس شغفه بالتجريد.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت الفنّانَ "ماجد الصابوني" فحدّثنا قائلاً: «منذُ المرحلة الإبتدائيّة كنت أملأ لوح المدرسة بالرسومات، ومن المرحلة الدراسيّة بدأت رحلتي بالمشاركة في معارض الرسم ومسابقاته، حيث شاركت بمسابقة أقيمت في "حماة" بمناسبة الوحدة بين "سورية" و"مصر"، ونلت الجائزة الأولى على المدارس الإعداديّة في "حماة"، ومن حبّي للرسم دخلت كليّة الفنون الجميلة عام 1965 رغم دراستي في كليّة الآداب قسم "الفلسفة" وفي هذه المرحلة شاركت في المعارض السنويّة مع أساتذتي مثل الفنّانين "فاتح المدرّس" و"محمود حماد"، وأعدُّ نفسي نلت قسطاً كبيراً من الخبرة بفضل محترفي الفن التشكيلي الّذين أعطوني من خبرتهم في المرحلة الجامعيّة مثل شقيقي الدكتور "مخلص الصابوني"، وفي التصوير المدرّس الإيطالي "غويدو لاروجينا" الذي كان يناقشني في أعمالي الفنيّة ويترجم بيننا "الياس زيّات"، كما كان عدد الطلبة في كليّة الفنون حينها عشرين طالباً وطالبة ما جعل التركيز يزداد، حيثُ يصبّ الدكاترة علينا كامل خبرتهم ونستفيد من وقتهم أكثر، وفي عام 1970 قدّمت مشروع التخرّج المبني في معظمه على التجريد، فنلت عليه درجة امتياز شرف، وبعد فترة من تخرّجي سافرت إلى "ليبيا" ومن ثمّ "الجزائر" وعملت مدرّساً للفنّ في عدّة معاهد هناك».

تختزل أعمال "ماجد" عموماً تاريخ الفن العالمي الحديث بكل أطيافه واتجاهاته وتقاناته، متماهية بالخبرات والقيم المعرفيّة التي يتمتّع بها، فيقدّم نفسه في بعض أعماله رساماً ومصمماً غرافيكياً ممتازاً، وفي أغلبيتها تبرز شخصيّة الملوّن التي يمتلكها باقتدار ويمارسها بكثير من التفرد، من حيث الدرجة والإيقاع والحجم والتموضع، ومن ناحية الحساسيّة المفرطة التي يسكبها فيها، فهو يمتلك ثقافة نظريّة وعمليّة عميقة وشاملة راكمتها الخبرة الواسعة مع وسائل التعبير الفنية

وأضاف عن بعض معارضه الفنيّة قائلاً: «شاركت في معرض "الحلقة الفنيّة" في "حماة" عام 1959، ومعرض الخريف في "دمشق" ومعرض الربيع في "حلب" منذ عام 1960 ومستمر في المشاركة بهما حتّى الآن، أمّا معرضي الفردي الأول فشاركت به قبل تخرّجي من كليّة "الفنون" في مركز "أبو رمانة" الثقافي عام 1968، ومن شغفي في الفنّ ومدارسه سافرت إلى عدّة بلدان لأتعرّف على تجاربهم مثل "فرنسا" و"إسبانيا" و"إيطاليا" بين أعوام 1976 و 1986، وأقمت معرضاً فردياً في صالة "عشتار" عام 1987، ومعرضاً فردياً في صالة "الكزبري" عام 1988، وآخر في صالة "زنوبيا" عام 1991».

الفنان التشكيلي "ماجد الصابوني" في أحد معارضه

وأعرب مدير المركز الوطني "للفنون البصريّة" الدكتور "غياث الأخرس" عن رأيه في فن "الصابوني" قائلاً: «من النظر لهذه البانوراما المتنوّعة من الأشكال مهما اختلفت المواضيع، يجد الإنسان نفسه أمام مجموعة ألوان تحمل جوّ البيئة، لكن بحداثة مميّزة ومتنوّعة، ففي جميع لوحات "ماجد صابوني" نجد حداثة متّزنة ومكوّنة بقوّة ومنسجمة الألوان، وتبقى روح مدينة "حماة" حاضرة من خلال اللاوعي القوي، حتّى أصغر لوحة "مونوتيب" عنده تحمل الانتقال من تراكم الأشكال إلى روحانيّة الفضاء، فاللّون الأزرق غالباً لون يصعب التعامل معه، لكن "ماجد" عرف كيف يوازنه بلمسات لونيّة منسجمة بالكاد تظهر نفسها، ففي أعماله لا نبحث عن الموضوع، فالشكل واللون والمعجون هو اللوحة والموضوع بآنٍ واحد، فنسيجه اللوني قوي في العلاقة بين لوحته التجريديّة ولوحته الطبيعيّة».

أما الفنان التشكيلي "محمود شاهين" فقال: «تختزل أعمال "ماجد" عموماً تاريخ الفن العالمي الحديث بكل أطيافه واتجاهاته وتقاناته، متماهية بالخبرات والقيم المعرفيّة التي يتمتّع بها، فيقدّم نفسه في بعض أعماله رساماً ومصمماً غرافيكياً ممتازاً، وفي أغلبيتها تبرز شخصيّة الملوّن التي يمتلكها باقتدار ويمارسها بكثير من التفرد، من حيث الدرجة والإيقاع والحجم والتموضع، ومن ناحية الحساسيّة المفرطة التي يسكبها فيها، فهو يمتلك ثقافة نظريّة وعمليّة عميقة وشاملة راكمتها الخبرة الواسعة مع وسائل التعبير الفنية».

من لوحاته

الجدير بالذكر أنّ الفنانَ التشكيلي "ماجد الصابوني" من مواليد "حماة" عام 1944 ويقيم في "دمشق" حاليّاً.

د "غياث الأخرس" في آخر معرض للتشكيلي "ماجد الصابوني"