طفلاً.. بدأ بجوائز الخط العربي، ويافعاً.. عشق المسرح فمثّل "توفيق الحكيم"، لكنه أسند رأسه على دراسة القانون، ثم عاد من جديد من بوابة "عرس المطر".

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان المسرحي "أمين الحاج" يوم السبت 8 تشرين الثاني 2014، ليحدثنا عن تجربته في المسرح.

ربما كان مشروع "مهرجان محمد الماغوط المسرحي" بارقة الأمل الوحيدة التي ستضع المسرح على الطريق الصحيح، لكن حتى هذا البريق خفت لأسباب كثيرة

ربما كان من التلاميذ النادرين الذين انحدروا من طبقة فقيرة ليقارع عليّة القوم ويقتحم عالم التفوق خارج المقاعد المدرسية، فتعلم قواعد الخط العربي وأصبح رائداً على مستوى الجمهورية، وهنا يقول: «إتقاني لقواعد الخط وأنا في الصف الرابع أدخل في نفسي شيئاً اسمه "فن"، هكذا سمعتهم يقولون، سيصبح فناناً في الخط العربي، لكني أتلفت توقعاتهم، وانزحت قليلاً لأقف على خشبة المسرح المدرسي في ثانوية "الحرس القومي" من بوابة مسرحية لـ"توفيق الحكيم"».

الفنان "أمين الحاج"

ويضيف: «قبل ذلك وفي طفولتنا المتوسطة، كنا على عكس ذوينا، نفرح لاقتحام السيول شوارعنا الترابية، وساحاتنا الواسعة، وأحياناً من بين الجدران الترابية إلى حيث ننام، فقط لأننا ننتظر شمس الأيام التالية لتجفف الطمي، وليتحول إلى قطع وألواح كي نصنع منها المنازل، والشوارع، والقلاع.. هنا بدأت قصة التمثيل تتولد لدي، وأذكر أننا كوّنا فرقة أسميناها "فرقة البادية"، وأول دور لعبته عن قصة "عبد" اسمه "أسمرة"، لا نعرف من أين جاءت هذه الشخصية، لكن ما نسيتها يوماً».

يتحدث "أمين الحاج" عن بداية علاقته بالمسرح، قال: «من خلال الدورات التي كانت تقيمها منظمة الشبيبة التحقت في دورة تعنى بالتدريب المسرحي، وكذلك الإخراج، وكان من الذين تدربت على أيديهم الفنان "ماهر صليبي"، وكذلك الفنان المسرحي الراحل "محمد الشيخ الزور"، والراحل "سمير الحكيم"، والشاعر "مصطفى صمودي"».

في مسرحية "كلب الآغا"

ويضيف: «لقد تعلمت المسرح على أصوله، وهذه تجربة أعتز بها، وحملت هذا المخزون في أول أعمالي، وأذكر أن أول عمل كان اسمه "حارة الجبّانة" تطرح مشكلة وجود مقبرة في حارة تدخل الخوف إلى قلوب السكان ليلاً فتقدموا بطلب إلى البلدية لنقل هذه المقبرة، وبعد عدة طلبات تمت الموافقة على نقل الحارة والإبقاء على المقبرة في مكانها».

كانت المرحلة اللاحقة في حياة "الحاج" المسرحية عبر بوابة المخرج "أمين الخطيب"، وهنا يقول: «اختارني "الخطيب" لأكون أحد أبطاله في مسرحية "إلى من يهمه الأمر"، ولعبت عدة أدوار فيها لكن ما ميزني في هذه المسرحية أنني لعبت دور رجل عجوز، وأنا الشاب ابن العشرين عاماً».

في "سلمية" الشهيرة بشعرائها أخذ المسرح يتصاعد، وبدأ يشق طريقه ليصبح متابعاً وعلى نطاق واسع، وبات الجمهور ينتظر كل جديد، وكان جديد "الحاج" من خلال تجربته في مسرحية "الغريب والسلطان"، تلتها مسرحية "الكرة لا تدور"، وعنهما يقول: «لهاتين المسرحيتين وقع خاص في قلبي خاصة أنني كسبت ثقة الفنان "أمين الخطيب" في الأولى، كما كانت التجربة الأولى لي مع المخرج والشاعر "أحمد خنسا"، وقد شاركت بهاتين المسرحيتين في "مهرجان حماة المسرحي" في دورتين مختلفتين».

وبسبب دراسته في كلية الحقوق ابتعد "أمين" عن المسرح، وعاد في عام 2003 من خلال مسرحية "عرس المطر"، وعن تجربته هذه يقول: «بعد انقطاع طويل امتد خمسة عشر عاماً دعاني مخرج المسرحية "محمد القصير" للعمل، وكنت أرفض رفضاً قاطعاً العودة إلى المسرح خاصة بعد زيادة وزني، ولكن ولأننا أصدقاء طفولة وطموح، وأصحاب "فرقة البادية" وافقت، وكانت تجربة سعيدة بالنسبة لي، وأعتبرها صاحبة الفضل في عودتي لعشقي الأزلي "المسرح"».

أما الحركة المسرحية في "سلمية" كما يراها الفنان "أمين الحاج" فهي محفوفة بالمخاطر، ولا سيما أنها متذبذبة ومرتبطة بمزاجية "الأنا" المريضة، ويتابع: «يبدو أن واقع حال المسرح في "سلمية" لا يختلف كثيراً عن مثيله في باقي المناطق السورية، أثناء العمل الجميع متحابون، ومندفعون، وبعد الانتهاء منه تطفو على السطح كل الخلافات، لذا فإن المسرح يزدهر تارة ويخبو تارة، ولا أرى في الأفق القريب ازدهاراً ما لم تكن هناك منهجية حقيقية، وتجمع مسرحي يعنى بهذا الشأن، رغم أنني عضو في "تجمع سلمية الفني"، وعضو كذلك في "فرقة كور الزهور المسرحية"».

ويتابع: «ربما كان مشروع "مهرجان محمد الماغوط المسرحي" بارقة الأمل الوحيدة التي ستضع المسرح على الطريق الصحيح، لكن حتى هذا البريق خفت لأسباب كثيرة».

أما عن طموحه للوقوف أمام الكاميرا، فقال: «لست في وارد أن أكون ممثلاً تلفزيونياً، ولكن هناك بعض التجارب التي دعيت إليها من بعض الأصدقاء، كنت سعيداً بها لخصوصيتها، وبراءة صناعتها، والحالة الرفاقية السابقة للعمل التي كانت تسود فيما بيننا».

عن آخر الأعمال التي قدمها، قال: «بعد مسرحية "كلب الآغا" للكاتب الراحل "ممدوح عدوان"، والمخرج "مولود داؤد"، التي لاقت نجاحاً لافتاً، كان من المفترض أن نقدم مسرحية جديدة تحت مسمى "ضيعة مو ضايعة" للمخرج "مولود"، لكن حالت الظروف دون إتمامها».

الفنان "أمين الخطيب" أمين سر نقابة الفنانين في "حماة" وأحد الذين ساهموا بوقوف "الحاج" على خشبة المسرح، قال: «لا أعرف سر هذا الإنسان، يمتلك في عفويته شخصية كوميدية قريبة من القلب، يستطيع أن يتقن دوره كما يطلب منه، ولكن أتمنى عليه أن ينتبه إلى وزنه، فقد زاد كثيراً وهذا غير مقبول، على العموم، يعد "أمين" من الفنانين المسرحيين القلائل ممن عملوا دون ضجة، ودون أن يسببوا إزعاجاً لمن حولهم».

  • بطاقة "أمين الحاج" الفنية:
  • ــ عضو في "فرقة كور الزهور المسرحية"، وعضو في "تجمع سلمية الفني".

    ــ شارك في عدد من المسرحيات، وهي: "حارة الجبانة" 1982 - "إلى من يهمه الأمر"، 1984 - "العدالة"، 1984ـ "الغريب والسلطان"، 1986 - "الكرة لا تدور"، 1988 - "عرس المطر"، 2003 - "روح هيك أنا المدير"، 2006 - "كلب الآغا"، 2008 - فيلم قصير "شمس"، 2008.

    والجدير ذكره أن الفنان "أمين الحاج" من مواليد "سلمية" عام 1970، درس القانون في "جامعة دمشق"، وهو حالياً موظف في مديرية الاتصالات في "حماة"، متزوج ورزق بأربع بنات.