تتواجد جذور الموهبة في الطفل، فيتأثر بمحيطه، بوالده بأصدقائه وأستاذه في المدرسة، ولكن هل يكمل الموهوب مشواره؟، أم أن مادية الحياة تحد من تطور موهبته، وتجبره لقمة العيش على الالتفات إلى أمور الأكثر جدوى مادياً؟

"عوض الحاج إبراهيم" بدأ الرسم باكراً متأثراً برسومات مدرسه في الصف الرابع حيث كان يرسم ما يدور بمخيلة طفل، فسعى إلى تحقيق ذلك الحلم –الفنان- فصار يقضي معظم أوقاته في الرسم مما أثار حفيظة والده فعارض الفكرة قائلاً: «إن هذه الشخاويط لا تطعم خبزاً».

صحيح أن هذه "الشخاويط" كما وصفها والدي لا تطعم خبزاً، لأنها خلقت لتغذي الروح

نال الفنان "عوض الحاج إبراهيم" الثانوية عام 1985م وانتسب إلى معهد إعداد المدرسين قسم الرسم حباً بالرسم وتكملة للمشوار الذي بدأه وهو طفل فكان المعهد بالنسبة له نقلة نوعية من خلال المعلومات التقنية التي زوده بها مدرسوه دون أي بخل في ذلك وعلى رأسهم الفنانة التشكيلية "سهام منصور" والفنان "زهير قطرميز"؛ وتخرج من المعهد عام 1987م مفعماً بحيوية الفنان العاشق، لتعود نصيحة الوالد إلى البال، فيصدمه الواقع والحياة العملية وتكاليفها، فدخل عالم التدريس ليكون بوابته لممارسة هوايته وإن كانت مع الطلاب من خلال المعارض السنوية المدرسية.

من أعمال "عوض الحاج إبراهيم"

يقول: «صحيح أن هذه "الشخاويط" كما وصفها والدي لا تطعم خبزاً، لأنها خلقت لتغذي الروح».

وعن محاولته للمشاركة في المعارض قال: «هناك اعتبارات كثيرة وصلت لتغرق الفن، فنتائج المعرض السنوي محسومة مسبقاً لصالح عدد من الفنانين. وعند بزوغ شمس مشروع معرض خاص بي اصطدمت بالمردود المادي فثقافة الناس الفنية تكاد تكون معدومة ومعاملتهم صعبة والمادة لا تتناسب مع الوقت المستغرق في اللوحة؛ فاللوحة التي قد تستغرق لرسمها أسبوعاً من العمل قد لا تباع بأكثر من 1000 ليرة سورية فانعكس ذلك على قلة إنتاج اللوحات وصرت أرسم لوحات لأهديها لأصدقائي، مكتفياً بالمعارض السنوية المدرسية».

القرية

ويضيف: «ذهبت بلوحاتي إلى المملكة العربية السعودية لكن سوء الطالع وقلة المعارف حال دون نجاح فكرة المعرض فعدت إلى سورية، فالغلاء العالمي أثر على عملي ولوحاتي فأسعار المواد ارتفعت بشكل كبير وحلمي الآن بات اقتناء علبة ألوان فرنسية أو انكليزية».

وعن الرسم الذي يفضله قال: «أرسم في جميع المجالات مستخدماً جميع المواد (مائي – الباستيل – الزيتي - قلم الرصاص – وحتى الطباشير) وتميل لوحاتي إلى الإكثار من المناظر الطبيعية، فالطبيعة هي أم الفنانين، فأنا متأثر بالبيئة الطبيعية الريفية في مدينتي التي نشأت فيها، "طيبة الإمام"».

مرسمي - معرضي - بيتي

وعن الأوقات التي يفضل فيها الرسم أوضح "عوض الحاج إبراهيم": «لا يوجد وقت محدد يومي فبيتي هو مرسمي ومعرضي، وعند مسكي للريشة أطير إلى عالم الإبداع بكل جوارحي متجاهلاً ما يدور حولي من أحداث تهمني أو لا تهمني فأكون شخصاً آخر أصم أبكم أرى من خلال عواطفي وأحاسيسي مستغرقاً في بعض الأحيان عدداً من الساعات دون تعب أو ملل لأن الإبداع يكسر الروتين الذي يعانيه معظم البشر ويتجنبه الفنان فكل يوم أو ثانية مع الريشة لون جديد أو طعم أو شكل جديدين».

وعن اهتمامه بالأطفال الموهوبين لكونه مدرساً حدثنا الأستاذ "الحاج إبراهيم": «أحاول شدّ الأطفال جميعاً ما أمكنني فالرسم يدخل في جميع المجالات/ الصناعة – الخياطة – الهندسة الطب – الحدادة/ وأعمل على تنمية روح الإبداع عند الموهوبين لكن الأهالي يقفون عائقاً أحياناً في مفاضلة الرياضيات واللغة العربية والكيمياء فلو لاحظنا نسبة الفنانين الموهوبين إلى عدد الأطباء لوجدناها لا تذكر فالفنان كنز ثمين مدفون في عالم لا يعرف سوى المادة».

من الجدير بالذكر أن الأستاذ "عوض الحاج إبراهيم" من مواليد 1966م في بلدة "طيبة الإمام" 18 كم شمالي "حماة" خريج معهد إعداد المدرسين قسم الرسم – مدرس في مدرسة "خولة بنت الأزور".