«عندما لا أجد كلمات أستطيع التعبير فيها عن مشاعري بأوراق خواطري، أجد في الريشة وقماش اللوحة ما يشدني من يدي طلباً للظهور، والتجسد، لذا أرى أن اللوحة والرسم عالم مختلف عن الكتابة والقصيدة في هذه النقطة، فاللوحة عندي متحركة وأكثر تعبيراً من القصيدة، وهذا ما جعلني في خلاف مع البعض».

هذا ما قالته الفنانة "ديمة محمد سفر" لـ موقع eHama عندما قام بزيارتها يوم السبت 28/2/2009، في قريتها "الكافات" وهي من قرى "سلمية" الجميلة وتقع إلى الغرب منها.

الغروب بالنسبة لي أمر واقعي، فقد أحببته في يوم ماطر، فظهرت اللوحة في ثوب حزين يبحث عن واقع جديد، وألق مختلف

"ديمة سفر" من مواليد "سلمية" عام 1987 وطالبة في كلية "رياض الأطفال" جامعة "دمشق".

قيود اجتماعية

عن بداية عشق الرسم عندها قالت: «كنت في المرحلة الابتدائية، وشاركت في معارض على مستوى المدرسة، كنت حينها أرسم بقلم الرصاص والفحم، كذلك يمكن القول أنني اقتبست هذه الحالة الجميلة عن والدي النحات والرسام».

وهل من زمن لرسم لوحة ما؟ أجابت "ديمة": «لا يوجد وقت محدد لإنجاز لوحة ما، قد أنهيها في يوم، وأحياناً في أسبوع، ولكل لوحة متطلباتها من الوقت والجهد، ومن طبعي عادة أن أتأنى كثيراً في إنجاز اللوحة من أجل توازن عناصرها كي لا تفقد توازنها».

التحدي

وعن مقاييس الجمال في لوحاتها، تجيب قائلة: «برأيي الجمال مفهوم نسبي، وكل شخص يراه بشكل مختلف عن الآخر، ولكن تناسب الموضوع أو الفكرة مع تقنية اللون وكيفية استخدامه ينتج في أغلب الأحيان عملاً فنياً جيداً».

ولأنها أحبت ساعة الغروب أرادت أن ترسمه بطريقة مختلفة، وفي هذا الاتجاه تقول: «الغروب بالنسبة لي أمر واقعي، فقد أحببته في يوم ماطر، فظهرت اللوحة في ثوب حزين يبحث عن واقع جديد، وألق مختلف».

ديمة مع عائلتها

ومما تستقي أفكار لوحاتها تقول: «من طبعي أن اكتب الخاطرة، وهذا الشيء جعل من الكلمة مرادفة للصورة، وبعد ذلك اكتشفت أن اللوحة المرسومة أكثر حيوية، وديناميكية من الكلمة، ولكن هذا لم يمنع عشقي للكلمة، ولقراءة الرواية والقصة، والتي تحمل في طيات صفحاتها الصور الرائعة».

وعن علاقتها بالألوان تقول: «أتماهى مع ألوان قوس قزح، وقليلاً ما أفكر أن استنبط ألوان أخرى عن طريق مزجها، لأن رؤيتي للواقع المحيط حولي هو البيئة القروية التي تعطي انطباعات صافية وغير معقدة، وبرأيي أن الإكثار من الألوان هو حالة من التشرذم، وضيق الأفق للفنان الذي يعيش في مرسمه بعيداً عن فضاءات الطبيعة».

وعن شيء ندمت عليه تقول: «لقد تأخرت عن موعد التسجيل في كلية الفنون الجميلة، وهذا ما قد يجعلني بعيدة أكاديمياً من الاطلاع على المدارس الفنية، ولكن هذا لن يمنعني من متابعة ما قد بدأت به لأن الفن هو حالة من الداخل ولا يمكن أن تأتي من الخارج».

وعن رأيها في العلاقة بين الفن التشكيلي والجمهور المتلقي بشكل عام تقول: «الأمر مرتبط بالمدرسة الفنية التي ينتمي لها كل عمل فني، فالشريحة الكبرى من جمهورنا ما زالت تفضل المدرسة الواقعية، وكثيراً ما يفهم الرسام على نحو مغلوط أو قد لا يُفهم على الإطلاق إذا كان يرسم بأسلوب المدارس الفنية التجريدية أو التكعيبية مثلاً، ولكن هذا لا يعني أنني أقف عن حدود فهم القارئ، ولكننا بحاجة لثقافة فنية، تتعلق بالتحليل النفسي، فكل الفنانين يظهرون وكأنهم متاهات عصية على الحل والفهم معاً».

في فترة قادمة، وفي بيت الزوجية هل ستترك ريشتها حسب متغيرات الحياة، تجيب "ديمة" بالنفي قائلة: «أولاً لن أقبل بزوج يبعدني عما أحب، كما أنني وأعتقد جازمة أن أحداً ما لا يستطيع منعي عن ذلك، فكما للحياة الزوجية متطلباتها، كذلك لي مطلبي الذي يقدم لي حياة أشبه ما تكون بالحرية المطلقة، أعشق فني، كما أعشق أن أكون أماً، ولكل لوحة أرسمها تاريخ يسجلني على جدران لوحة أنهيها، فأبكيها، ثم أبحث عن أخرى تسليني، لأبكيها من جديد، هذا هو الفن بالنسبة لي، فالرسم بالريشة هو كأس من الماء لا بد للإنسان من تناوله يومياً ودون انقطاع، فلو تركت الماء يعني أنني سأموت، وهذا ما قد ينطبق على تركي للرسم».

يبقى أن نذكر أن "ديمة" قد شاركت في معارض عن طريق المدرسة، وهي حاصلة على الريادة الشبيبية على مستوى المحافظة في العام 2007، وهي تحضر لإطلاق أول معرض خاص بها.