وجه يأبى أحد أن ينساه، أو يقول أنه لا يعرفه في "سلمية"، دائم الحركة، وعبير الورد يزكم أنف كل زائريه، فهو حديقة متنقلة وأصيص من الورد ينثر روائحه عبر أعمال مسرحية.

إنه "سليمان علي السلوم" مسرحي "عتيق"، ومتفائل دائم. ولد في "سلمية" عام /1957/ لم يكمل دراسته الثانوية، بل فضّل أن يذهب بعيداً في تحقيق حلمه، هو المسرح مؤرقه، وملعبه الذي ما إن يتركه لتعب ألمّ به، إلاّ ويعود من جديد يحركه حدث على مستوى الوطن، والأمة، كيف لا وهو الذي يرى في المسرح الخطاب المباشر في إشعال النفوس، وتحفيز الهمم. بدايته المسرحية كانت عام /1974/ في "نادي الشواف" ومن ثم انتقل للعمل على مسرح مدرسة "الحرس القومي". كان مدرباً لسنوات عديدة في "معسكرات الشبيبة" لمادة المسرح.

بدأت أعمالي بفطرتي وموهبتي، وبعد حين اكتشفت أنني ألعب في مسرح "العبث" عبث من العيار الثقيل

موقع eHama التقاه في 11/8/2008 وكان اللقاء من نوع مختلف، مع فنان ممتع، ومخرج أثرى الحركة المسرحية في "سلمية" بأعمال لا تنسى.

عن تجاربه المسرحية حدثنا الفنان "سليمان السلوم" قائلاً: «هو "الثالوث المقاوم" أول عمل مسرحي أقدّم نفسي من خلاله مؤلفاً ومخرجاً، وحققت فيه جائزة "أفضل نص مسرحي" في مسابقة "فرع شبيبة حماة" للنصوص المسرحية عام /1987/، وتوجت أيضاَ بجائزة أفضل ممثلة للشابة "خزامى سلهب" في العام /1988/ قدمت مسرحية "عالم مجنون" كذلك هي من تأليفي، حققت هذه المسرحية جل جوائز المهرجان الشبيبي الفرعي وكذلك "كأس المهرجان" وجائزة أفضل ممثل للشاب "الصيدلي" حالياً "تمام فطّوم"».

وتتالت الأعمال المسرحية وسنمر عليها لاحقاً بعد أن نسأله عن موعده وذاته مع هذا الذي يسمى مسرحاً، فتنهد "السلوم" و"الآه" عنده مشهورة بنفسها العميق: «كممثل بدأت مذ كنت طفلاً أقدم لأصدقائي آنذاك "حكايات ممسرحة" وكانت تعتمد على خيالي، ما أراه في نومي، أريه لأصدقائي، كنا نضحك كثيراً، والتزمت "بنظارة طبية" مذ دخلت العاشرة من عمري، وكنت أول طفل في "سلمية" يضع نظارة، فأطلق علي أصدقائي لقب "غوار الطوشة" وفي أحيان أخرى كانوا ينادونني بـالطبيب. في المدرسة كنا نقوم بتجسيد مسلسل "حمام الهنا" كنا نشاهده ليلاً ونعيده حسب استيعابنا له في اليوم التالي. كان تقليداً ليس إلاّ وأول من شجعنا على ذلك هو الأستاذ المرحوم "سامح الشيخ سعيد" المولع بالفن، وخاصة منه السينما».

من هو "سليمان السلوم" على الخريطة المسرحية في "سلمية"؟

يجيب بثقة: «أنا /أول من ألّف وأخرج معاً/ في "سلمية" ولم أمثل بأي عمل منهم. في "سلمية" لم يكن يوجد شيء اسمه مسرح حقيقي، حتى في مرحلة ما يسمى "نادي الشواف". لكن هاجس المسرح كان يؤرقني، وكانت بداية أول عمل مسرحي متكامل الشروط على يدي وهذا شيء أفتخر به، كنت وقتها أزرع حب المسرح في نفوس الشباب المتحمس للعمل في مهنة الأرق ما يسعدني أنّ البعض ممن دربتهم وعلمتهم المسرح باتوا ممسكين بالحركة المسرحية في "سلمية"».

وعن طموحه حدثنا قائلاً: «طموحي هو قيامة مسرح جماهيري حقيقي يعتمد بالدرجة الأولى على إبداعات الممثل ومهاراته، بعيداً عن البهرجة الزائدة التي انشد إليها معظم المسرحيون معتقدين أنهم بذلك يقدمون مسرحاً، وأنا أقول لهم (ما هكذا كان المسرح ولن يكون إلا كما كان وليس كما تريدون أنتم) المسرح كالعروس، جميلة إن لم تتزين، وإن تزينت تزداد جمالاً، وقد يكون العكس».

وعن الحركة المسرحية في "سلمية" وصفها "السلوم" بثلاث كلمات هي: «فورةـ هبّةـ نطّة». ثم تابع يقول: «لا أعتقد أننا استطعنا إلى الآن أن نصنع حركة مسرحية حقيقية، بسبب الصعوبات الكثيرة، فإمكانياتنا محدودة، ومسرحنا فقير، ولكن نستطيع القول أننا زرعنا بذرة جيدة ووفرنا لها مناخاً جيداً كي تنمو وتترعرع في المستقبل».

وعن المعوقات التي واجهته في العمل المسرحي قال: «نحن لا نتلقى أي دعم، أحياناً مبالغ بسيطة يقدمها لنا اتحاد الحرفيين مشكوراً، ولكنها لا تفي بالغرض، بالمناسبة أنا مؤسس لـ "فرقة الحرفيين" المسرحية وهي الوحيدة في "سورية"».

وعن ظاهرة المهرجانات قال "السلوم": «لا شك أنها مفيدة، وترتقي بالذائقة المسرحية لدى الجمهور المتابع لأعمال جاءته من مناطق مختلفة، هي ظاهرة إيجابية من ناحية، لكنها سلبية من أخرى، فأعتقد أنها تحيل الفنانين والمخرجين عن همهم الحقيقي الذي هو المسرح والجمهور، إلى هم المشاركات في المهرجانات والجوائز، وأنا أعتقد أن العرض الذي يقدم في منطقة ما، لا يصلح لجمهور منطقة أخرى».

وعن موقعه في المسرح رفض "السلوم" أن يكون مؤسساً للمسرح في "سلمية" قائلاً: «ليس لي أن أصنف موقعي بنفسي، أدع ذلك للأجيال كي تطلق مثل هذه التسميات، المسرح حالة فنية إبداعية موجودة داخل كل فرد، وأنا أشجع كل حالة فنية إبداعية وأدعمها بما أوتيت من قوة في "سلمية" أو خارجها».

لماذا لم يقدم "سليمان السلوم" عرضاً ليس من تأليفه؟ يجيب قائلاً: «تقول المبدعة "نضال أشقر" المسرح يكتب بالأرجل، وأنا متبني لهذه المقولة وأحاول دائماً أن أقدم أفكاري على المسرح، ولن أشغل نفسي في البحث عن عمل عالمي كان أو محلي لا يحقق لي هذه المعادلة. من هنا اعتمدت على تطوير نفسي في الكتابة، وحققت ما يمكنه أن يلامس بيئتي. عندما كنت أقرأ أعمالاً عالمية، لم أجد فيها ما يناسبنا لذا عزفت عنها دون أسف».

من أي مدرسة مسرحية هو "سليمان السلوم" ؟ يجيب: «بدأت أعمالي بفطرتي وموهبتي، وبعد حين اكتشفت أنني ألعب في مسرح "العبث" عبث من العيار الثقيل».

وعن سبب محليته المطلقة وعدم انتشاره خارج حدود مدينته يقول "السلوم": «في الواقع رفضت عروضاً كثيرة جاءتني من العاصمة ومن "لبنان" لأنني وما زلت حتى الآن مسكون بهاجس بناء مسرح حقيقي في "سلمية" وبناء جمهور مسرحي، وعلى الصعيد الشخصي، بناء أسرتي».