الأمراض السارية "كالسل" و"أنفلونزا الخنازير"، أوبئة تحتاج في مكافحتها والخلاص من آثارها المرضية القاتلة لجهود كافة الجهات المعنية بالوسائل الطبية الوقائية وبالتوعية عبر الوسائل الإعلامية بأنواعها "المقروءة، والمسموعة، والمرئية"، وباللقاءات المباشرة مع الناس لتوجيه النصح والإرشاد للوقاية وتجاوز هذه الأوبئة والحفاظ على الأمة سليمة معافاة.

مدونة وطن eSyria حضرت أحد هذه الأنشطة التي أقامتها مديرية أوقاف "حماة" بالتعاون مع فرع نقابة الأطباء، ومديرية الثقافة في "حماة"، ظهر يوم الثلاثاء الثاني عشر من شهر كانون الثاني عام 2010 في صالة مديرية الثقافة، مستضيفة الدكتور "محمد راتب النابلسي"، الذي بدوره حدثنا عن موضوع بحثه قائلاً: «البحث جاء تحت عنوان "الهدي الإسلامي في النظافة وأثرها في مكافحة انتشار مرض السل وأنفلونزا الخنازير"، وللنظافة مفهوم واسع أهمها نظافة الأفكار، نظافة العلاقات، نظافة السر، نظافة الأهداف، هذا بالمعنى الواسع، وهناك نظافة مادية، وورد عن النبي الكريم قوله "لايدخل الجنة إلا كل نظيف"، هذا يعني أن النظافة بعقيدته وأخلاقه وعلاقاته بأصدقائه».

نحن نؤمن بالجانب العملي المؤسساتي، وأهمية أن تتعاون كافة الجهات المعنية من أجل ترسيخ الثقافة الاجتماعية التي ننشدها، والارتقاء بالذائقة العامة إلى المستوى المطلوب والأمثل

وأضاف قائلاً: «الإنسان نظيف لايوجد شيء يستحي فيه، والنبي يقول "إياك ومايعتذرمنه"، فالمؤمن شخصيته نظيفة بكل جوانب النظافة، لكن نحن الآن بحاجة للمعنى المادي أيضاً، لأن هناك أكثر من ثلاثمائة مليون مريض في العالم، بسبب القذارة، وهذه الأمراض أقلها في العالم الإسلامي لأن هناك قواعد إسلامية في النظافة رائعة جداً».

فضيلة الدكتور "محمد راتب النابلسي"

وعن نظافة الرؤية حدثنا قائلاً: «ما من سلوك على الإطلاق مهما كان نوعه إلا وراءه رؤية، فإن صحت الرؤية، صح السلوك، فإن تمتع الإنسان برؤية صحيحة ومتى تكون صحيحة إذا توافقت مع منهج الله، والله حرّم الكذب والخيانة والانحراف، وإذا رأى المؤمن أن الانحراف والخيانة شيء مشين، تطابقت رؤيتة مع منهج الله».

وأضاف موضحاً: «لكن عندما تكون الرؤية مناقضة لمنهج الله، تصبح المشكلة معقدة وصعبة، لذلك قالوا هناك حب في الله، وحب مع الله، الحب في الله عين التوحيد، والحب مع الله عين الشرك، الأول أن تحب المؤمنين، والمواطنين، أن تحب خدمة هذا البلد، والأنبياء والمرسلين والعاملين والمصلحين في الدنيا لخير الإنسانية، أما الثاني أن تحب إنساناً منحرفاً بما نالك منه من خير هذا حب يعتبر عين الشرك».

مدير الأوقاف السيد "حافظ حمود"

ولمدير الأوقاف الأستاذ "حافظ حمود" ما قاله عن هذا النشاط: «مديرية الأوقاف مع لجنة التنسيق الوطنية مع نقابة الأطباء ضمن إطار حملة التوعية لمكافحة انتشار الأمراض السارية وتأثيرها على المجتمع اتفقنا على دعوة فضيلة الشيخ الدكتور "محمد راتب النابلسي"، ليتحدث عن الهديّ الإسلامي في النظافة، في طهارة العقيدة الحقيقية».

وأضاف قائلاً: «هذا النشاط يأتي ضمن حملة التوعية للوقاية من هذه الأمراض على صعيد المجتمع، وجميع هذه الأمراض بالعموم مسبباتها قلة النظافة، وقد تحدث فضيلة الشيخ مع الحضور الكريم عن دور النظافة في الوقاية من هذه الأمراض، بوصف النظافة عنصر أساس من الإيمان».

الأستاذ "محمد العبد الله"

الدكتور "أنس الناعم" نقيب الأطباء تفضل بالقول: «بداية أتمنى أن تسمح ليّ بتوجيه بطاقة شكر لإدارة موقع eSyria على نشاطها الدائب في تغطية نشاطاتنا الاجتماعية والثقافية العامة والمتخصصة، وهذه الفعالية مبرمجة ضمن آلية التنسيق الوطنية التي أترأسها الآن والتي تهدف إلى التنسيق مابين وزارة الصحة والصندوق الوطني للمنح المتعلقة "بالسل، والإيدز، والملاريا"، فوجدنا من واجبنا إقامة محاضرة تتعلق بالنظافة مستفيدين من رجالات الدين المرموقين في توعية الناس بالنظافة للوقاية والحد من انتشار هذه الأمراض».

الأستاذ "محمد عارف قسوم" مدير الثقافة حدثنا عن هذا النشاط الاجتماعي قائلاً: «للتوعية دور هام في نشر الإرشادات الصحية بين الأخوة المواطنين للحد من انتشار هذه الأوبئة الخطيرة، والتي تنسجم بشكل أو بآخر مع التعاليم الدينية التي جاء بها الدين السمح الحنيف، لتأمين سلامة المجتمع، وتماسكه في بنية صحية سليمة».

وعن آلية هذا التعاون بين الجهات المعنية لتحقيق ونشر التوعية الصحية قال: «نحن نؤمن بالجانب العملي المؤسساتي، وأهمية أن تتعاون كافة الجهات المعنية من أجل ترسيخ الثقافة الاجتماعية التي ننشدها، والارتقاء بالذائقة العامة إلى المستوى المطلوب والأمثل».

وبالعودة لفضيلة الدكتور "محمد راتب النابلسي" الذي أجاب موضحاً مخاطر بعض العادات والتقاليد السائدة في الأفراح والأتراح كالبصاق في الشارع، وشرب القهوة المرّة من فنجان واحد، والتقبيل، فقال: «رأى النبي رجلاً يشرب الماء، والسنة أن تشربه على ثلاث رشفات، ورأى النبي أنه أبقاه قريباً من فمه في الرشفة الثانية فقال له "أدن القدح عن فيك"، فقد اكتشف الآن أن هناك عدوى بالزفير، كما أن الرسول عليه الصلاة والسلام، لم يشرب الماء من كأس فيه ثلمة تكون مرتعاً للجراثيم، الحقيقة الحض على النظافة "قص الأظافر، والحلاقة، والاستحمام الدوري" وإزالة الأذى عن الطريق هو تكليف على المؤمن من النبي الكريم».

والتقينا أحد الحضور الأستاذ "محمد العبد الله" الذي عبر عن رأية بهذا النشاط قائلاً: «لقد نبه فضيلة الدكتور "محمد راتب النابلسي" لضرورة تطبيق النظافة ببعديها الروحي والمادي، وركز على الطهارة الروحية التي نحن بأحوج ما نكون لها في اكتساب الوعي والمعرفة لمكافحة هذه الأمراض بتطبيق النظافة المادية، وقد التزم بحديثه بما قاله الرسول الكريم "خاطبوا الناس على قدر عقولهم"».

الطبيبة "مخلصة مغربل" عبرت عن رأيها بهذا النشاط قائلة: «المعلومات التي قدمت بشكل مبسط قيمة جداً، وكان لها وقع محبب لدى الجمهور الذي تقبلها شاعراً بالخجل لعدم الالتزام بها رغم بساطتها، وامقدرة على ممارستها، لأنها في النهاية تقوم على النظافة».

الدكتور "نبيل نور الهاشمي" من القطر "العراقي" الشقيق والمقيم في "حماة"، يعمل بالتدريس، حدثنا عن انطباعه بهذا النشاط الاجتماعي التوجيهي والإرشادي قائلاً: «لقد قدم النصائح والإرشادات الدينية على طبق من البساطة التي يتقبلها كل مواطن مهما كانت ثقافته، دون تعقيد أو دخول بالمصطلحات الغريبة والأعجمية، محرضاً على ضرورة النظافة التي قام الدين الإسلامي عليها واعتبرها جزءاً من الإيمان».

الدكتور "زياد الشمالي" حدثنا مشيراً لبعض النقاط الهامة التي جاءت في سياق حديث فضيلة الدكتور "محمد راتب النابلسي"فقال: «لقد تحدث عن النجاح، قاصداً النجاح في الحفاظ على جسدنا سليماً من الأمراض، وهذا بدوره سيقودنا نفسياً ومادياً للنجاح بالحياة، ولقد ميز أن الإنسان روح وجسد، والمحافظة على أحدهما سيقود طبيعياً للنجاح بالحفاظ على الأخرى».

وأضاف قائلاً: «لقد أشار المحاضر لنقطة هامة جداً وهي استثمار التربية الصالحة في الأبناء الذين هم جيل المستقبل، فبقدر الاهتمام بتربيتهم وتكريس القيم الاجتماعية والروحية والترويحية والنفسية والجسدية، بقدر ما نكون أمة ناجحة، وهذا بتقديري مقدور عليه، لأن امتلاك الولد الصالح أهم من كنوز الدنيا التي ربما سأجنيها».

ونوه إلى موضوع الفهم العام للعبادات، فقال: «لقد أشار المحاضر أن الكثير من الناس يعتقد أنه سيصل ويفوز بالجنة فقط بالعبادات من "صلاة وصوم وحج و..."، كل ماذكر إن لم يقترن بالعمل، والمعاملة، بمعنى عندما تكون معاملته مع الآخرين جيدة تقبل منه العبادة، لأن الدين هو "المعاملة" هكذا أكد النبي عليه الصلاة والسلام».

وأضاف الدكتور "زياد الشمالي" مشيراً لموضوع التحريم في الإسلام، فقال: «لقد أشار الدكتور "محمد راتب النابلسي"، أنه لايوجد حرمان في الإسلام، وضرب مثالاً "كل الناس لديها شهوات متنوعة ولكنها واحدة، والخلاف بطريقة تنظيمها، وهي أن تكون في قناة صحية سليمة ضمن سياق القواعد الدينية والاجتماعية، ومحبة الإنسان لأخيه الإنسان».

والجدير بالذكر أن فضيلة الشيخ الدكتور "محمد راتب النابلسي" أستاذ في جامعة "دمشق" وداعية إسلامي.