يظهر تمثال "اورنينا" ذو الشكل الحجري النصفي روعة الفن والجمال والثقافة الموسيقية التي تمتعت بها مدينة ماري في حوض الفرات الاوسط .

مدونة وطن "eSyria" كان لها لقاء مع الفنان والنحات رضا جابر خطاط في يوم 2/7/2012 ليحدثنا عن تمثال أورنينا فهو يقول: «إنه من حجر الألباستر الأبيض الجميل وتبدو أورنينا في تمثالها بملامح وجهها المعبرة عن شعور إنساني ولها حاجبان ظاهران ومتصلان لهما شكل قوسين جميلين فوق عينين كبيرتين شاردتين تعبر عن جمال أنوثتها وفتنتها، يشع منها الذكاء والنباهة ولأنفها شكل يشبه المثلث وشفتان رقيقتان متصلتان ببعضهما تتجسد فيهما جمالية الصمت الناطق ولها ذقن جميل وخدان ممتلئان وأذنان كبيرتان نسبيا ينساب شعرها الأسود المتموج من قمة رأسها إلى خلف ظهرها حتى سوية خصرها وهو أملس في أعلاه وأجعد في نهاياته وصدرها العاري وهي جالسة على وسادة مزخرفة مستديرة الشكل وعالية يداها غير ثابتين تبدو يسراها كأنها تمسك بالتها الموسيقية وتبدو يمناها مرتفعة قليلا كأنها تعزف على هذه الآلة الموسيقية».

يظهر تمثال اورنينا أهمية فنون الغناء والموسيقا والرقص ومدى ارتباطها بالديانات القديمة وطقوسها التي تهدف إلى نشوة الإنسان وتمتعه بالفرح والسرور والغبطة الروحية

يتابع "الخطاط" بالقول: «تبدو أورنينا في تمثالها الجميل متدثرة بتنوره لها شكل سروال ينحسر عن ركبتيها ويدل على انه لباس راقصة إلى جانب كونها مغنية معبد عشتار وموسيقية فيه ويبدو على ظهرها كتابة مسمارية تتضمن اسمها أورنينا وأنها قد نذرت تمثالها لمعبد عشتار الذي عثر فيه هذا التمثال الغني الجميل الرائع والجدير بالذكر أن عادة تقديم التمثال نذورا إلى الأرباب تشبه عادة إشعال شمعة في كنيسة أو كاتدرائية وما زال تمثال أورنينا موضوع دراسات فنية وجمالية وتاريخية عديدة».

المطرب دريعي الجاسر

«يظهر تمثال اورنينا أهمية فنون الغناء والموسيقا والرقص ومدى ارتباطها بالديانات القديمة وطقوسها التي تهدف إلى نشوة الإنسان وتمتعه بالفرح والسرور والغبطة الروحية»؛ هذا ما ذكره المطرب الفراتي "دريعي الجاسم" واضاف "الجاسم": «يدل تمثال اورنينا على وجود ثقافة موسيقية في ماري عاصمة الأموريين وأقطار الشرق القديم ومدى ميل سكان سورية القديمة إلى هذه الفنون واستغراقهم في عالم ظهر لهم بكائناته الجميلة كأجمل موسيقا في عصر كان فيه الإنسان جزء من الطبيعة الجميلة وقريبا منها يتغنى بجمالها ويستدعي منها ويضفي الجمال عليها بأغانيه الروحية وموسيقاه الطبيعية وكان لهذه المغنية الكبرى دورها الكبير والفعال في القصر الملكي وكانت تلك الأناشيد والأغنيات والقطع الموسيقية والرقصات الدينية جزءا من تلك الطقوس القديمة في الشرق القديم تهدف إلى تلبية رغبة الإنسان في النشوة الروحية بواسطة الأصوات الطبيعية الجميلة والأنغام الجميلة والكلمات الجميلة والرقصات».

في حين يقول "احمد الاسعد" وهو خريج قسم التاريخ يقول: «(تل الحريري) ضم مدينة ماري الأثرية وحافظ عليها، واحتفظ بأسرارها وأخبارها وآثارها منذ ضمها (حمورابي) الملك البابلي إلى إمبراطوريته في السنة الخامسة والثلاثين من حكمه حتى يوم اكتشاف عدد من السكان ذلك التمثال الحجري النصفي عام 1933 ويعود تاريخه إلى بداية الألف الثاني قبل الميلاد عثر عليه في معبد عشتار في مدينة ماري الأثرية.

تمثال اورنينا الصمت الناطق

فبدأت التقنيات الأثرية الفرنسية برئاسة الأستاذ (أندره بارو) والذي يدين بشهرته العلمية إلى هذا الموقع الأثري الهام وأهمية المكتشفات الأثرية التي منها تمثال أورنينا الذي يعتبر فعلاً من روائع فنون الشرق القديم وعلم الآثار الموسيقية».