حملت مملكة "ماري" العديد من المفاجآت عبر تاريخها الطويل، حيث أنشئت أول غرفة "تجارة" في التاريخ تحمل اسم "كاروم" والتي تعني "المهنة".

كانت "ماري" ميناء على نهر الفرات ترتبط مع النهر بقناة مجهزة للملاحة النهرية واستقبال المراكب والسفن التجارية، فقامت وازدهرت حضارة من أهم الحضارات القديمة.

مخطط "ماري" كان على شكل دائرة قطرها 19 كم خططت كأفضل تخطيط لمدينة ملكية، كان للمدينة ميناء يتصل بقناة مائية مجهزة مع النهر تؤمن الماء وتسهل وصول السفن التي كانت تبحر من ماري وإليها، وكانت المدينة محاطة بسور من كافة جهاتها عدا جهة النهر

وللتعرف على دور "ماري" التجاري وعلاقاتها الاقتصادية التقى موقع eSyria بتاريخ 7\3\2012 الباحث الآثاري "ياسر شوحان" ليحدثنا قائلاً: «كانت التجارة النهرية سبباً في ازدهار مدن وممالك على الفرات فالسفن المعبأة بمختلف أنواع البضائع كانت تخضع لدفع الرسوم التي تشكل مورداً هاماً من موارد "ماري"، وأي سفينة تتهرب من الرسوم تؤدي إلى مصادرة البضائع وحجز السفينة، وإذا فرضت عقوبات بحق سفينة ما فإن تدابير تتخذ في موطنها الأصلي».

الباحث الأثاري ياسر شوحان

وأضاف "شوحان" بالقول: «عثر على رقم أثري مكتوب فيه من ملك "كركميش" "جرابلس حالياً في الألف الثاني قبل الميلاد إلى ملك "ماري" ما يلي (أن "ماري" حجزت 30خروفاً، و50 جرة نبيذ حتى أنه تم حجز زوجة صاحب السفينة اكتب إليك فك حجزها، وإن في مملكتي قام الموظفون لدى سماعهم الخبر بحجز عدد كبير من البضائع المرسلة إلى "ماري")».

وتابع "شوحان بالقول: «شهد الربع الأخير من الألف الثالث قبل الميلاد ظهور الأختام الأسطوانية التي ابتكرت نتيجة الحاجة لها في التبادل التجاري والسلعي لكافة أوجه الحياة التجارية الزراعية والحرفية والحيوانية. حيث بتنا في هذه الفترة أمام أختام اسطوانية تخّتم البضائع وتحمل أسماء أصحابها».

داخل موقع ماري

وشرح الباحث "قاسم طوير" عن مخطط مدينة "ماري" قائلاً: «مخطط "ماري" كان على شكل دائرة قطرها 19 كم خططت كأفضل تخطيط لمدينة ملكية، كان للمدينة ميناء يتصل بقناة مائية مجهزة مع النهر تؤمن الماء وتسهل وصول السفن التي كانت تبحر من ماري وإليها، وكانت المدينة محاطة بسور من كافة جهاتها عدا جهة النهر».

وأشار "طوير" قائلاً: «كانت "ماري" تجني الأرباح من تربية الحيوانات والمواشي، أكثر من الزراعة، وكون ماري، كانت تتميز بغزارة القطعان من الماشية، فقد اعتمدت على ذلك، في صنع الألبسة وبكميات كبيرة، وقيامها بالمبادلات التجارية بذلك وكان التجار يأتون إليها ليحصلوا على الإنتاج الصناعي كالملابس والبرونز والأسلحة».

وتابع "طوير" بالقول: «كان لملك ماري زمري ليم ممثل في مملكة "يمحاض" يدعى "نورسن" ويعد مسؤولاً عن تأمين مادة الزيت لملك ماري، وفي الاتجاه المعاكس كانت ماري محطة تصدير الأغنام والقصدير القادم إليها من "عيلام" و"إيران" باتجاه "يمحاض" و"كركميش" و"أوغاريت"، إضافة إلى استيراد "ماري" من "يمحاض" العسل والصوف والأواني والزيوت والقمح والحليّ والأواني المعدنية والحبوب بشكل عام، ويعتبر النبيذ الحلبي من الهدايا التي يفتخر بها ملك "ماري"، وكان سعره أغلى عشر مرات من سعر القمح وأقل مرتين من سعر الزيت».

شكّلت "ماري" وفق موقعها الاستراتيجي والمحوري دوراً هاماً في العالم التجاري آنذاك، مستفيدة من موقعها ومن نهر الفرات كمعبر مائي لهذا فقد امتازت بدور مزدوج، فهي محطة لعبور القوافل، أو لتفريغ البضائع ثم إعادة شحنها إلى مدن أخرى.

وبين الآثاري"رامز علوني" بالقول: «ازدهرت "ماري" بتجارة القصدير في القرنين التاسع عشر والثامن عشر قبل الميلاد، حيث كان يستخرج من مواقع شمال غرب إيران، ويتم تصديره إلى مدن المشرق عبر "ماري"، حيث كان يخّزن في مستودعات قصر ماري، وكان القصدير العابر في أرض المملكة يخضع لضريبة عبور، وكان في ماري أناس متخصصون في تجارة القصدير، ويبدو أن ثمة احترافاً لديهم في هذا الأمر، وقد أوردت نصوص ماري أسماء لبعض هؤلاء ومنهم: "نانا"، مانسي، "أخوشينا"، "ماهنوب"».

يذكر أن مملكة ماري تعود إلى /3000/ سنة قبل الميلاد، وتقع على بعد 90 كيلو متراً من مدينة "دير الزور".