تل "الصالحية" التل العامر بالخضرة في الألفية الثالثة كان هذا حاله قبل أكثر من ألفي عام، وهو التل المتربع على نهر الفرات محاذياً البادية والذي أثار اكتشافه اهتمام الباحثين في العالم مما دفع إلى دراسته ودراسة تفاصيل الحياة فيه ومن تلك التفاصيل العلاقات الزراعية التي كانت قائمة فيه.

للاطلاع على هذا الأمر التقى eSyria بالآثاري "يعرب العبد الله" والذي تفضل بالحديث عن هذا الأمر قائلاً: « إن دراسة العلاقات الزراعية في "دورا أوروبس" تتم من خلال الوثائق التي تم العثور عليها في الموقع وأول تلك الوثائق الرقيم الآرامي الذي عثر عليه في برج "قاذفي السهام" ويعود إلى 200 م، ويعتقد أن الرقم عبارة عن وصية تحتوي على مجموعة من النصائح في مجال العمل الزراعي مثل سقاية أشجار التين والغالب أن الرقيم احتوى على أوامر بخصوص ضريبة العبادة والطقوس الدينية بمقدار العشر من كافة محاصيل الحبوب، وتنصح الوثيقة بزراعة الحقول حبوباً صيفية.

مدينة أثرية هامة تقع شمال غرب "البوكمال"، واسم "دورا أوربس" يوناني فكلمة "دورا" معناها الحصن أو القلعة و"أوربس" هي مسقط رأس القائد "سلوقس نيكاتورالمقدوني" الذي بنى هذه المدينة، وهذا الموقع نال جائزة "كارلا سكاربا" الدولية للحدائق لعام 2010 حيث اختارت هيئة التحكيم الدولية لهذه الجائزة هذا الموقع من بين جميع المواقع العالمية وذلك لتميزه، ولأول مرة تحصل سوريا على هذه الجائزة

ومن الوثائق التي تفيدنا في هذا المجال الوثيقة "15 DEPP " التي تتحدث عن بيع قطعة من الأرض تحتوي على بيت وأشجار.

الأستاذ يعرب العبد الله

وتحتوي هذه الوثيقة على عقد بيع أرض مع حق إعادة شرائها ثانية، تباع هذه القطعة من الأرض بـ 240 "دراخم" مئة وعشرون منها كانت ديناً للبائع بذمة الشاري والباقي عبارة عن غرامات مستحقة على المدين، لقد كانت هذه الأرض رهناً لدى البائع وتم البيع بعد انقضاء المدة المحددة لاستيفاء الدين .

ولكن أهم تلك الوثائق من حيث قدرتها على إلقاء الضوء على العلاقات الزراعية في هذه المدينة هي "الوثيقة 26 "DEPP التي تعطي صورة واضحة عن تلك العلاقات، وهي وضعت على أساس القوانين الهنلستية المحلية والتي اعتمدتها القوانين الرومانية أيضاً وجاء في نصها الأعلى : لقد اشترى "موسديمتريوس" الذي كان محارباً في الكتيبة "الاغسطسية" الثالثة والذي يعيش الآن في "راكوكتيا" من "اثير نوس بن عبداب" من قرية "سهرادا أوراي" أرضاً تعود ملكيتها له وتقع داخل حدود هذه القرية التي اشتراها هو نفسه من "عبيب "ابن قريته "زايرادا سهراي" التي يسميها الاثنان معاً "قرقفة" عام 175 ".

آثار دورا أوربس

أما النص السفلي فقد جاء فيه: في عهد القنصلين "نوموس ألبين" و"ليليوس مكسيم" وفي اليوم السابع قبل الأيام الأولى من شهر حزيران وبحضور الرجال الموقعين أدناه على أختامهم الشخصية في "صهارا "وفي الثكنات الشتوية التابعة للثكنة "الأغسطسية الثالثة" .

اشترى "يوليوس ديمتريوس" الذي كان فيما مضى جندياً من جنود الكتيبة المذكورة والذي يعيش حاليا في "راكوكيتا" من "أثير نوس بن عبداب" من قرية "صهاريدا أواراي" أرضاً تعود ملكيتها له وهي واقعة في المنطقة المحيطة بهذه القرية وكان هو نفسه قد اشتراها بالحجم الذي هي فيه من "عبيب بن بوزان" ابن قريته "في "زايرادا سهراي" والتي يسميها الاثنان معاً " قرقفة " مع طريق للدخول إليها والخروج منها، بالإضافة إلى الأشجار المثمرة وغير المثمرة، ومع كل الحقوق المتعلقة بهذه الأرض بثمن وقدره مئة وخمسة وسبعون ديناراً، استلمها البائع من الشاري ونقل ملكية الأرض إليه لتصبح ملكاَ قانونياً إلى الأبد، يستخدمها، يبيعها يتصرف بها كما يشاء.

الأستاذ أمير حيو

جيران هذه الأرض من الشرق قناة مائية لنهر الخابور، من الغرب كرم عنب تعود ملكيته للبائع، من الجنوب عبد االلات، من الشمال أرض البائع وأرض عبد اللات، وإذا ما سقط أحدهم سهواً فلن يكون هذا عائقاً لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل.

حتى الآن كان في هذه الأرض 600 غرسة عنب، لقد سلم البائع هذه الأرض إلى الشاري سليمة من كل أذية وغير مرهونة أو مختلف عليها أو مطالب بها أما إذا لم يتسلمها هكذا وطالب أحدهم بحق له فيها أو بقسم منها فيتوجب على البائع القيام بكافة الإجراءات القانونية والمحاكمات الكفيلة بإعادتها له خالية من كل مطلب، وإذا لم يستطع فيدفع له ضعف ثمنها مع كافة المصاريف، كما ويغطي البائع كل ما يترتب على هذا لتنفيذ الأمر الإمبراطوري والأتاوة الريفية .

يتمتع هذا العقد بكل قوته حيثما أبرزه، لقد سأل الشاري بكل شرف وضمير وأجابه "أثير نوس" بكل شرف وضمير، لقد كتب هذا العقد "أفيريلي سلمان" المحارب القديم نيابة عن "أثيرنوس بن عبداب" الأمي والذي يؤكد أنه باع أرضه وقبض ثمناً لها مئة وخمسة وسبعون ديناراً وهو موافق على ما ورد أعلاه، "فلافي سيرابيون" رسول بابوي وضع توقيعه، "يوليوس ديو جين" أشهد، "كلافريوس فيودور" تاجر جملة وضع توقيعه، "يوليوس مويم" محاسب وضع توقيعه، "خيبون ملامي" وضع توقيعه.

هذه الوثيقة على نمط الوثائق اليونانية الهنلستية و يتميز بعدة خصائص ففي الافتتاحية صيغة تاريخية حسب العصر الروماني ثم ذكر للمكان الذي تجري فيه العملية وأسماء الشهود، أما الجزء الأساسي في العملية فيكون بتسمية طرفي العملية وذكر السعر واستلام الثمن، كما يشار إلى الضمانات التي تترتب على البائع في حال كانت الملكية المباعة تخضع لمطالبات الآخرين».

ومن الجدير بالذكر أن "دورا أوروبس" كما وصفها اأستاذ " أمير حيو" مدير دائرة الآثار والمتاحف في "دير الزور": «مدينة أثرية هامة تقع شمال غرب "البوكمال"، واسم "دورا أوربس" يوناني فكلمة "دورا" معناها الحصن أو القلعة و"أوربس" هي مسقط رأس القائد "سلوقس نيكاتورالمقدوني" الذي بنى هذه المدينة، وهذا الموقع نال جائزة "كارلا سكاربا" الدولية للحدائق لعام 2010 حيث اختارت هيئة التحكيم الدولية لهذه الجائزة هذا الموقع من بين جميع المواقع العالمية وذلك لتميزه، ولأول مرة تحصل سوريا على هذه الجائزة».