إيكو شاماغان، أبلول ايل، لمجي ماري، اسر أداب، أسماء كان من الممكن أن تبقى طي التراب تحت تل الحريري الواقع بالقرب من البوكمال شرقي دير الزور، لو لم يقم جماعة من البدو بدفن احد موتاهم في التل صبيحة احد أيام عام 1932.

أثناء حفرهم عميقا في التراب عثر البدو على تمثال الملك إيكو شاماغان، من سلالة الشاكاناك، وسارع الضابط الفرنسي كوبان بإخبار متحف اللوفر بأهمية الاكتشاف، وسارع أيضا هذا الأخير بإرسال بعثة على رأسها اندريه بارو، ليبدأ الكشف عن مدينة ماري التي كانت صلة الوصل بين الحضارة السورية والرافدية.

جان مارغرون، أثناء عمله في السبر الاتنوغرافي والبيئي للموقع أخبرني أن ثمة لغزا مدهشا وراء عيون التماثيل الحجرية في ماري، في الخارج حيث الضوء تستقبلك التماثيل بعيون صغيرة البؤبؤ، ويبدأ هذا الأخير بالاتساع كلما أوغلت في المسير إلى الداخل أي باتجاه الظلام!! هي حقيقة علمية تم اكتشافها حديثا، ولكن يبدو أن النحات السوري تمكن بدقة ملاحظته من رصدها قبل أربعة آلاف عام.

أمر آخر تحدث عنه مارغرون، هو القوة في نظرة العيون ومحاولة زرع الخوف في نفس الزائر التي تزداد كلما ازداد القادم جرأة وحاول الاقتراب من قدس أقداس المعبد، تصطف التماثيل بانتظام وهي تحدق مباشرة في وجه الزائر، وتزداد ملامحها صرامة وصولا إلى نظرات مفزعة قريبا من قدس الأقداس.

مفاجآت أخرى تحملها ماري، فيها كانت أول غرفة تجارة في التاريخ وتحمل اسم (كاروم) من الجذر كار ويعني المهنة، وفيها أول مؤسسات اجتماعية لرعاية الفقراء وتدعى (موشكينوم) أي المساكين، فيها أيضا وجدت أول فرقة موسيقية يتم فيها التوزيع الموسيقي بين الآلات حيث تم العثور على نوتات موسيقية في مختلف المعابد وفي سجلات القصر الملكي، ماري كانت تنتج 10انواع من العطور تصنعها ورشات بمقدار 600 لتر شهريا، وتنتج 11 نوعا من الزيوت التي تقوم بتصديرها إلى أنحاء المعمورة المعروفة آنذاك.