تنتشر في "دير الزور" السفن النهرية والتي تسمى "سفينة الكزدورة" أو كما يطلق عليها الأدباء "سفن بعث الروح داخل الفرات"، فهي المجهزة بكل ما تحتاجه العائلة من متطلبات الرحلة أو التنزه النهري خاصة في أيام الربيع.

مدونة وطن eSyria التقت بتاريخ 4/3/2013 السيد "علي عبود" من سكان الكورنيش في "الدير" والذي قال: «تكثر في أيام الربيع الرحل النهرية لقضاء عدة ساعات في "نهر الفرات"، حيث تبدأ الرحلة "بسفينة الكزدورة" عند الظهيرة وتستمر ما يقارب الساعة، وهناك من يقوم باستئجار السفينة لعائلته أو لأصدقائه حيث تستمر الرحلة لعدة ساعات تبدأ من تحت الجسر المعلق لتصل إلى حوايج "البغيلية"، ونقوم بأخذ المأكولات والمشروبات لنتناولها في الطريق، أو نقوم بتجهيز المشاوي قبل الرحلة، ففي كل سفينة هناك منقل شواء مخصص لمن يريد أن يشوي في الرحلة».

يعتبر نهر "الفرات" من الأنهار الصالحة للملاحة النهرية الصغيرة، حيث كان يشكل طريق مواصلات هامة بالنسبة للمدن النائية مثل مدينة "دير الزور" بسبب صعوبة المواصلات البرية إليها في ذاك الوقت، وقد بينت المكتشفات الأثرية الحديثة وفي "ماري" الدور الذي لعبه نهر الفرات فيما يتعلق بالنقل النهري والذي يرجع تاريخه إلى أكثر من أربعة آلاف سنة

وأشار الباحث "سهيل عواد" عن الرحلات النهرية في "دير الزور" بالقول: «قديماً استخدم أهالي الدير السفن الخشبية لعبور النهر وللتنقل من الحوائج النهرية الواقعة بوسط النهر إلى المدينة، حيث طور الإنسان الفراتي فيما بعد السفن حتى وصل إلى "الطرادة" و"العبارة"، فلا يزال أهل "حويجة كاطع" يرسلون أولادهم إلى المدارس والجامعات عبر الطرادة لسرعتها في الوصول إلى شاطئ الكورنيش (الضفة المقابلة) ومن ثم الانطلاق إلى مدارسهم، وكذلك الموظفون، وهناك سفن "الكابل" فهي عبارة عن قارب يعتمد عليه للوصول إلى الضفة الأخرى من النهر حيث يوجد كبلان عند منتصف النهر.

وكانت لهذه السفن قديماً ثلاثة مرافئ، المرفأ الأول كان عند بيت "جواد" والمرفأ الثاني عند "الدير العتيق" مقابل نادي "الفرات" عند بيت "عشاوي" أي مقابل مبنى المحافظة حالياً، ومرفأ آخر عند الجسر، كما ادخلت القوارب الفرحة إلى قلوب الأطفال خاصة في الأعياد حيث تنطلق القوارب التي عمل أصحابها على تزيّينها، من منطقة الكورنيش مبحرة في نهر الفرات عبر "حوائجه" (جزر نهرية صغيرة) مروراً في الجسر المعلق ثم يعود الأطفال منها وكأنهم اكتشفوا الأفق».

وبين السيد "رائد سالم" صاحب مكتب سياحي مختص بالرحلات النهرية قائلاً: «أكثر ما يمكن الحديث عنه في إطار الرحلات النهرية الجولات المحدودة في نهر "الفرات" لأهالي "الدير" فقط، وهذه تجري بعيداً عن أي تنظيم أو ترتيب سياحي، حيث يقوم بها الأهالي من خلال استئجار قوارب أو من خلال سفينة كبيرة مخصصة يستطيع الركوب بها من يشاء، وتقوم هذه السفن بجولات يومياً تبدأ الجولة الأولى من الساعة الواحدة ظهراً وحتى الرابعة عصراً والثانية من الساعة السابعة وحتى العاشرة مساءً وهذه تكون في أيام الصيف».

وأوضح الباحث "عامر النجم": «تمتلك محافظة "دير الزور" منتجعاً سياحياً هاماً، ألا وهو نهر الفرات وضفاف النهر أو كما يسمى "سرير النهر" والحوائج النهرية الممتدة على طول نهر الفرات، حيث أوجد "الفراتي" الطوافة وهي عبارة عن ألواح خشبية منضدة إلى بعضها بعضاً بدأ من خلالها بنقل الماشية والمحاصيل الزراعية والأشياء الثقيلة، لكن في نهاية القرن الثامن عشر وتحديداً في عام /1887/ ميلادي بدأ الإنكليز يفكرون في إيجاد طريق إلى مستعمراتهم في "الهند" و"تركيا" فأنشؤوا المرافئ النهرية واستخدموا البواخر النهرية لنقل الركاب والبضائع، فقاموا ببناء حوض في أعالي الأراضي "السورية" في منطقة "براجيك" ومرت السفن "العثمانية" و"الإنكليزية" في "دير الزور" عبر نهر "الفرات"».

ومن الناحية التاريخية أشار الباحث الآثاري "ياسر شوحان" فقال: «يعتبر نهر "الفرات" من الأنهار الصالحة للملاحة النهرية الصغيرة، حيث كان يشكل طريق مواصلات هامة بالنسبة للمدن النائية مثل مدينة "دير الزور" بسبب صعوبة المواصلات البرية إليها في ذاك الوقت، وقد بينت المكتشفات الأثرية الحديثة وفي "ماري" الدور الذي لعبه نهر الفرات فيما يتعلق بالنقل النهري والذي يرجع تاريخه إلى أكثر من أربعة آلاف سنة».