يُعتبر كراج البولمان في "البوكمال" هو الوحيد في المدينة الذي تنطلق منه معظم الحافلات الكبيرة والصغيرة في رحلاتٍ يومية باتجاه المحافظات البعيدة أو إلى ريف المدينة بتفاوت المسافات الفاصلة بينها.

وعلى الرغم من المساحة الكبيرة التي يشغلها هذا الكراج إلا أن صعوبة خروج ودخول هذه الآليات لا تزال قائمة لانعدام وجود المنافذ على طول تلك المساحة باستثناء المدخل الرئيسي الذي يُستخدم من قبل الراكبين والراجلين على حدٍّ سواء.

ربما يكون الحل الأنجع للانتهاء من مشكلة الازدحام هو الفصل بين كراج البولمان وبين السرافيس الصغيرة والتي يزيد عددها على مئة، وبهذه الطريقة تنتهي حتى المشاكل التي تنشب بين السائقين من جهة وبين المكاتب السياحية من جهةٍ أخرى بسبب اصطياد الركاب من مدخل الكراج

موقع eSyria زار المكان ورصد الوضع كما هو على أرض الواقع من خلال لقاءاتٍ عدة.

المساحة الخالية للكراج ويمكن استخدامها ككراجٍ منفصل

ففي البداية تحدّث موظف شركة "لأكرم" الشاب "محمود قدوري" عن مشكلة غياب النظافة وألقى باللوم على نقابة النقل؛ فقال: «يعاني كراج البولمان من انعدام النظافة بسبب عدة أمور أولها عدم التزام بعض الأشخاص برمي القمامة في الأماكن المُخصصة؛ والأمر الآخر هو تقصير نقابة النقل في "البوكمال" بمسألة تقديم الخدمات المطلوبة، فكل شركة سياحية تدفع لها شهرياً مبلغاً من المال كبدل لهذه الخدمات؛ لكن في حقيقة الأمر نحن موظفو الشركات نقوم بتنظيف وشطف أرضية بهو انتظار المسافرين».

أما الشاب "محمد الجاسم" موظف شركة "الأصايل" فأشار إلى مشكلة الازدحام والفوضى التي تسود المكان؛ فقال: «مشكلة الازدحام في الكراج هي لب المعاناة؛ نظراً لاحتضانه عدداً كبيراً من السرافيس التي تعمل على خط "البوكمال- دير الزور" وجزء منها على خط المدينة والريف بالإضافة إلى البولمانات السياحية المتجهة إلى المحافظات البعيدة، فالراكب لحظة دخوله إلى الكراج يتوه ويحتار إلى أي جهة يتوجه لعدم وجود تنظيم وتوزيع بين كل هذه الآليات وينتج عن هذا كله ازدحامٌ مفتعل لا معنى له».

السيد "طلال مغيوف" نائب رئيس نقابة النقل البري بـ"دير الزور"

أكثر ما يلفت انتباه المسافر لحظة دخوله هو غياب دورات لائقة للمياه إضافة إلى انعدام كراسي لانتظار المسافرين، وبهذا الخصوص تحدّث الشاب "أنس الخليفة" موظف شركة "القدموس" قائلاً: «ازداد عدد الشركات السياحية في "البوكمال" نتيجة الإقبال المتزايد على السفر من وإلى "البوكمال" ورافق كل ذلك ازدحام داخل الكراج؛ لذلك كان حريٌّ بالجهات المسؤولة تقديم وتوفير خدمات إضافية وجيدة للمسافرين مثل دورات مياه صالحة للاستخدام ومغاسل وكراسي للجلوس، والأهم من هذا كله الاعتناء بنظافة الكراج وترحيل القمامة بين الحين والآخر ناهيك عن الغبار المتناثر جراء عبور السيارات بسبب التزفيت الرديء والقديم».

وقدّم الشاب "أنس" خلال حديثه حلاً جذرياً للتخلص من مشكلة الازدحام حيث تابع قائلاً: «ربما يكون الحل الأنجع للانتهاء من مشكلة الازدحام هو الفصل بين كراج البولمان وبين السرافيس الصغيرة والتي يزيد عددها على مئة، وبهذه الطريقة تنتهي حتى المشاكل التي تنشب بين السائقين من جهة وبين المكاتب السياحية من جهةٍ أخرى بسبب اصطياد الركاب من مدخل الكراج».

السيد "محمد المديد" رئيس مجلس مدينة "البوكمال"

من جهةٍ أخرى دافع سائقو الميكرو باصات عن حقهم في العمل ضمن الكراج واعتبروا وجود المكاتب السياحية أمراً يضر بمصالحهم، وبهذا الشأن تحدّث السيد "توفيق المهيدي" عضو اللجنة النقابية في "البوكمال" والمسؤول عن تنظيم وتسيير حركة الميكروباصات قائلاً: «هناك نظام نتبعه في تسيير رحلات هذه الآليات الصغيرة إلى "دير الزور" مباشرةً بحيث يحصل كل سائق على رحلة يومياً ولا توجد أية منغصات تعرقل النظام المعتمد، لكن بعد مجيء الشركات السياحية الكبيرة إلى الكراج تغير كل شيء، حيث تتعمد هذه الشركات إلى اصطحاب ركاب "دير الزور" معها على الرغم من أن وجهتها إلى خارج المحافظة، في الوقت الذي نكون الأجدر باصطحاب هؤلاء الركاب ما يؤدي أحياناً إلى امتعاض بعض سائقي الميكروباصات. ونحن الآن نطالب بتخصيص مكان آخر لهذه البولمانات لأن الكراج الحالي هو بالأساس ملكٌ للآليات الصغيرة ووجود هذه المكاتب السياحية هي بصفة استئجار لا أكثر».

من خلال اللقاءات التي أجريناها مع عدة أطراف؛ توضّحت لدينا الصورة الكلية حول الواقع المُعاش في هذا الكراج ؛ وبناءً على ذلك قمنا بوضع هذه الهموم على طاولة السيد "طلال معيوف" نائب رئيس نقابة النقل البري بـ "دبر الزور" والذي تحدّث بكل شفافية قائلاً: «يُعتبر هذا الكراج استثمارا سنويا من مجلس مدينة "البوكمال" وهو مسؤول عن تقديم جميع الخدمات من تزفيت وبناء دورات مياه وترحيل القمامة، فمنذ نحو خمسة عشر عاماً ولا تزال كل الخدمات على حالها دون تطوير أو توسيع، ونحن كمنظمة شعبية تابعة لاتحاد عمال المحافظة نتلقى الدعم المادي من هذه الجهة لتنفيذ أو صيانة أي مشروع داخل الكراج، لكن مجلس المدينة لا يسمح بذلك بحجة أنه مالك الكراج ووحده من يستطيع القيام بمثل هذه الأعمال؛ ومع ذلك لا يقوم بواجبه. فقد عرضنا عليه تجديد الإسفلت على كامل مساحة الكراج لكنه رفض الأمر بحجة عدم وجود اعتماد يغطي التكاليف».

وبخصوص تقسيم الكراج إلى قسمين لسهولة انتقال البولمانات؛ تابع "المعيوف" حديثه قائلاً: «إن مسألة تقسيم الكراج إلى قسمين أمرٌ مرفوض لأنه قرار أمني بحاجة إلى دراسة أمنية مستفيضة؛ أما إذا رغبت الشركات السياحية بفتح منفذ آخر للخروج فنستطيع دراسة الأمر وتنفيذه؛ لكن بعد موافقة مجلس المدينة والجهات الأمنية، أما فيما يتعلق بالخدمات الأخرى فنحن الآن في المراحل الأخيرة لصيانة دورات المياه وإعادة وضعها في الخدمة بشكلٍ جيد وستكون جاهزة خلال الأيام القادمة».

وبناءً على ما قاله نائب رئيس النقابة فيما يتعلق بتقصير مجلس المدينة؛ توجهنا إلى السيد "محمد محجوب المديد" رئيس مجلس مدينة "البوكمال" الذي وضّح الأمر لنا أيضاً من وجهة نظره بالقول: «هناك سيارة لجمع ونقل القمامة مخصصة للعمل في الكراج، لكن من واجب كل شركة سياحية التعاون مع عمال البلدية من خلال تنبيه سائقيها ومرافقيهم بعدم رمي الأوساخ إلا في أماكنها المخصصة لتسهيل مهمة البلدية؛ كما قمنا بإنارة ساحة الكراج بـ"بنجكتورات" ومن واجب النقابة استبدالها في حال وجود عطل ما، أما بالنسبة لتجديد الإسفلت فلدينا في الأيام القادمة مشروع وزاري بقيمة /12/ مليون ليرة سورية لتزفيت الشوارع الرئيسية والفرعية في المدينة، وفي حال وجود فائض في الكمية المُخصصة سوف نقوم بتجديد أرضية الكراج بالكامل».

وتجدر الإشارة إلى أن كراج البولمان في "البوكمال" تأسس عام /1990/ وتعود ملكيته لمجلس المدينة وقد تم استثماره في ذات العام من جانب نقابة النقل البري مقابل مبلغ /255/ ألف ليرة سورية في السنة الواحدة، وتبلغ مساحته حوالي /4/ دونمات؛ يحتضن نحو /200/ ميكرو باص صغير موزّع على خطوط الريف و"دير الزور" إضافة إلى بولمانات تعود ملكيتها إلى شركات سياحية مختلفة، ويصل عدد الرحلات إلى نحو /45/ رحلة يومياً.