إذا ذكرْنا ثمرة الرمان؛ فلا بد لنا أن نذْكر إلى جانبها بلدة "السوسة" التي تبعد عن مركز مدينة "البوكمال" نحو /15/ كم باتجاه الشمال، بلدةٌ تستقبل زائريها بهواءٍ نقي مُفعمٍ بعبق "الفرات" ورائحة خبز التنور الطازج؛ وسط صمت أغصان الأشجار الممتدةِ على جنبات الطريق وكأنها في لحظة استقبالٍ وترحيب بضيفٍ قادمٍ جديد، كل هذا المشهد وأكثر ممزوجٌ بطيبة أهلها وبساطتهم القروية المعتادة لتُشكّل أمامنا لوحةً تُمثل نسخةً رائعة عن الريف الفراتي الجميل.

من لم يأكل حباتٍ من رمانة "السوسة" لن يتعرف على الطعم الحقيقي لها أبداً، هذه الثمرة التي تستحوذ على مساحة شاسعة من الأراضي الزراعية في البلدة؛ تحدث عنها المزارع "حسن المحمود أبو عادل" قائلاً:

لا يزال أهالي "السوسة" من الجيل الجديد محافظين على العادات والتقاليد الموروثة عن أجدادهم؛ فعلى الرغم من احتكاكهم واندماجهم مع مجتمعاتٍ أخرى أثناء السفر إلى خارج البلاد؛ إلا أن الرضوخ والانصياع إلى رأي كبير العشيرة والالتزام بمشورته لا يزال موجوداً، لهذا فالجميع يعيش في حالةٍ من التفاهم والانسجام

«تعتبر معظم المساحات الزراعية الموجودة في "السوسة" مزروعة بأشجار الرمان، فإنتاج البلدة لثمار الرمان يُصدّر إلى "روسيا" و"تركيا" ودول "الخليج العربي"، أما داخل القطر فيُصدّر إلى "حلب" و"جبلة" وخلال المواسم الماضية كنا نُصدّر إنتاجنا إلى معمل العصير في "جبلة" بمعدل /100/طن يومياً فكل شجرة إذا تم الاعتناء بها بشكلٍ جيد من سماد وري ومبيدات حشرية سيكون إنتاج الشجرة الواحدة بين /100-150/ كغ، هذا إذا كان عمر الشجرة /10/ سنوات وما فوق؛ أما إذا كان عمرها أقل من ذلك فإنتاجها يكون بين /30-50/ كغ فقط».

المهندس "خليل الشلال" رئيس شعبة زراعة "السوسة"

بدورهِ قدّم المهندس الزراعي "خليل الشلال" رئيس شعبة زراعة "السوسة" شرحاً مفصلاً عن واقع المحاصيل الزراعية والمساحات المزروعة في البلدة من خلال ما قاله:

«تضم شعبة زراعة "السوسة" ثلاث وحداتٍ إرشادية وهي (السوسة- الشعفة الشرقية- الشعفة الغربية)، وتبلغ مساحة السليخ القابل للزراعة نحو /41000/ دونم وأهم المحاصيل الزراعية هي محصول القمح وتُزرع ضمن مساحة /22490/ دونما؛ يليه محصول القطن ومساحته /11220/ دونما؛ ثم الذرة الصفراء /6700/ دونم؛ والشعير الرعوي قرابة /2280/ دونما، أما الأشجار المثمرة فتبلغ المساحة المزروعة بها /7000/ دونم وتأتي أشجار الرمان في مقدمتها حيث تحتل مساحة تصل إلى /3350/ دونما وتضم نحو /15770/ شجرة».

الطبيب البيطري "ياسر ملحم" رئيس دائرة الثروة الحيوانية بشعبة "السوسة"

بلدة "السوسة" هي إحدى التجمعات السكانية في منطقة "الفرات" التي تسودها حالةٌ من التعايش والإخاء بسبب الروابط الأسرية والعادات الطيبة لسكانها الذين تناقلوها عبر الأجيال؛ فيقول "علي العماش" أحد أبناء القرية:

«لا يزال أهالي "السوسة" من الجيل الجديد محافظين على العادات والتقاليد الموروثة عن أجدادهم؛ فعلى الرغم من احتكاكهم واندماجهم مع مجتمعاتٍ أخرى أثناء السفر إلى خارج البلاد؛ إلا أن الرضوخ والانصياع إلى رأي كبير العشيرة والالتزام بمشورته لا يزال موجوداً، لهذا فالجميع يعيش في حالةٍ من التفاهم والانسجام».

السيد "حسن العبدالله" رئيس مجلس بلدة "السوسة"

تشكل الثروة الحيوانية عصب الحياة في الريف ومن دونها يفقد القرويون جزءاً كبيراً من حلاوة العيش على ثراها؛ وفي تصريحٍ لموقع eSyria أشار الطبيب البيطري "ياسر الملحم" رئيس دائرة الثروة الحيوانية بشعبة "السوسة" إلى تعداد هذه الثروة والمشاكل التي يعاني منها المربون؛ حيث قال:

«بلغ تعداد الثروة الحيوانية في شعبة "السوسة" بحسب إحصاء /2010/م نحو /13500/ رأس من البقر؛ و/22000/ رأس من الغنم؛ و/1200/ رأس من الماعز. ولكن نتيجة عدة مشاكل تناقصت أعدادها وخاصة الأغنام، وأولى هذه المشكلات هي سنوات الجفاف التي مرّت على المنطقة؛ وارتفاع أسعار الأعلاف وعدم توافرها بشكل دائم، بالإضافة إلى عدم توافر الأدوية البيطرية العلاجية والذبح العشوائي خارج المسالخ النظامية وكل ذلك أدى إلى تراجع واضح في أعداد الأغنام؛ فقد كان تعدادها عام /2009/ نحو /32670/ رأسا لتتراجع في عام /2010/م إلى قرابة /22000/ رأس فقط».

وتابع حديثه حول بعض الأمراض التي قد تصيب هذه الثروة؛ قائلاً:

«أهم الأمراض التي تتعرض لها الثروة الحيوانية التابعة لشعبة "السوسة" هي (مرض أبو صقار- التخمة- أمراض الاستقلاب- التهاب الرحم- التهاب الضرع- التهاب الجهاز التنفسي). وجميع هذه الأمراض اعتيادية ويتم تلافيها ومعالجتها فوراً، والثروة الحيوانية بشكلٍ عام بحالةٍ جيدة وبعيدة عن الأمراض الوبائية نتيجة توافر اللقاحات الوقائية بشكل دائم».

من جهته قدّم السيد "حسن العبد الله" رئيس مجلس بلدة "السوسة" بانوراما شاملة عن كل ما يتعلق بالبلدة؛ حيث قال: «سميت البلدة بهذا الاسم نتيجة انتشار نبات "السوس" بوادي "الفرات" في موقع البلدة الحالي؛ تقع على الضفة اليسرى لنهر "الفرات" يحدها شرقاً "الباغوز" وشمالاً مدينة "الشعفة" وغرباً نهر "الفرات" وجنوباً قرية "المراشدة"، تبعد عن مدينة "البوكمال" نحو /15/ كم، يبلغ عدد سكانها /20554/ نسمة يعمل معظمهم بالزراعة وقسم منهم مغترب في دول الخليج و"لبنان" تبلغ المساحة الإجمالية للبلدة /4000/ هكتار أما مساحتها ضمن المخطط التنظيمي فهي /820/ هكتارا. أحدث مجلس البلدة بتاريخ 10/3/1987م ويضم قرية "موزان" و "البوبدران"، يوجد فيها مقسم هاتف آلي ووحدة إرشادية ومستوصف عدد/2/ ومصافي للمياه أيضاً /2/ ومركز لطوارئ الكهرباء، أما في مجال التعليم فيوجد فيها /16/ مدرسة لمختلف المراحل التعليمية. هناك مجموعة من المشاريع المنفذة مثل مشروع صرف صحي بمسافة /2700/ م وبقيمة إجمالية تصل إلى /12/ مليون ليرة، وهناك دراسة مشروع صرف صحي قيد الإعلان بقيمة /12/ مليون و/927/ ألف ليرة سورية؛ كما سيتم فرز مقاسم سكنية منها قيد الإعلان ومنها الآخر قيد الإنجاز، بالإضافة إلى دراسة مشروع مجبول زفتي لإعادة التأهيل».