"الجازل" من الألعاب الشعبية التي يمارسها أهالي محافظة "دير الزور" في فصل الربيع عند فيضان نهر الفرات، حيث يتم اصطياد الأخشاب التي يجرفها النهر؛ فهي من الألعاب التي تتطلب الخبرة والمهارة في رمي "الجازل" وإصابة الهدف.

للتعرف على لعبة "الجازل" في محافظة "دير الزور" مدونة وطن "eSyria" التقت في 6 حزيران 2014 المتقاعد "عدنان شهاب" من حي "العمال"، الذي حدثنا بالقول: «لكل فصل من فصول السنة في محافظة "دير الزور" ألعابه الخاصة، ولكل وقت في اليوم أيضاً ألعابه، وللصبيان النصيب الأكبر من هذه الألعاب، يلعبون بها في كل وقت داخل البيوت وفي الشوارع والأزقة وفي البرية وعلى شاطئ النهر، ومن الألعاب الشعبية المميزة والمسلية التي كنا نمارسها ونحن صغار في السبعينيات من القرن الماضي في فصل الربيع لعبة "الجازل"، حيث ننتظر فيضان نهر الفرات لنحضر كل منا "الجازل" الخاص به، فمنهم من يصنعه بنفسه ومنهم من يشتريه من سوق الخشابين، لنقف على شط الفرات ونقذف به في النهر لنصطاد الأخشاب التي يجرفها النهر أثناء فيضانه، وهناك تحدٍ بيننا لمن يجمع أكبر كمية من هذه الأخشاب ليعود بها إلى الحي، ومن يحالفه الحظ هو الذي يتمكن من جذب جذع خشب كبير ليتباها به أمام أصدقائه».

إضافة إلى لعبة "الجازل" يمارس شباب ورجال "دير الزور" الكثير من الألعاب في فصل الربيع، حيث يلعب الصبيان في الطرقات: "الضايع، والشكام، وعجيرية يا شيحة، وأربع قرن، وتنور خراب، وطق العجل، وقينة قينة"، ولأكثرها صيغ خاصة من الألفاظ، ويدخل في جميعها الركض السريع وتتطلب الانتباه والمهارة كما تتطلب التضامن مع الجماعة

ويضيف: «ليس للعبة "الجازل" قوانين محددة تحكمها، وإنما تتطلب الانتباه والقدرة على رمي "الجازل" بمهارة وقوة لإصابة الهدف، وللوصول إلى أبعد مسافة ممكنة في النهر، وكثيراً ما يتم إصابة الخشبة التي يجرفها النهر بـ"جازلين"، ويتم الشد بين الطرفين، وهنا تكون المهارة بسحب الخشبة من الطرف الخصم دون الوقوع بالماء أو خسارتها، لكن للأسف أخذت هذه الألعاب الشعبية بالتواري والاندثار، فلم يعد هناك الوقت الكافي للصبيان لممارستها، وذلك لانشغالهم بالكثير من الألعاب الحديثة والمسلية كالكمبيوتر مثلاً، ووددت لو أبقينا ألعابنا الشعبية القديمة وهذبناها، لما بها من عمق وتنوع من تسلية ورياضة وذكاء، فلا عجب أن يبقى الإنسان وفياً لها لأنها أيام صباه وذكرياته».

الجازل

وقد ذكر الباحث "عبد القادر عياش" في كتابه "التراث الشعبي الفراتي" لعبة "الجازل" بالقول: «في شهري نيسان وأيار من كل عام يرتفع منسوب مياه الفرات نحو أربعة أو خمسة أمتار، فيغمر مساحات واسعة من الأرض على ضفافه ويجر حطباً وأعواداً وشجراً يحملها بتياره، فيقف الشبان في "دير الزور" على ضفة النهر الغربية، بالقرب من بيوتهم وقد أعدوا "الجازل"، وهو عبارة عن عود قوي مصنوع من خشب التوت يصل طوله نصف متر ونحو ثلاثة سنتيمترات، ثبتوا في رأسه خمسة أعواد، كل عود بطول 15سم تشكل معه زوايا حادة، وفي الطرف الثاني من العود شدوا خيطاً قوياً بطول نحو خمسين متراً يمسك بطرفه صاحبه، وعندما يشاهد عوداً كبيراً أو شجرة عائمة مقبلة وتقرب منه، رماها بــ"جازله" فتشتبك شعب "الجازل" بالحطب وعندئذ يجذب الشاب الخيط ويرفع الحطب إلى الضفة، يكرر العملية ويحصل من ذلك على كمية من الحطب يعود بها إلى بيته، وكانت بمنزلة صيد مفيد ورياضة لطيفة».

في الربيع يلعب الشبان والرجال ألعاباً كثيرة؛ هذا ما أشار إليه المدرس "موسى شرقي" بالقول: «إضافة إلى لعبة "الجازل" يمارس شباب ورجال "دير الزور" الكثير من الألعاب في فصل الربيع، حيث يلعب الصبيان في الطرقات: "الضايع، والشكام، وعجيرية يا شيحة، وأربع قرن، وتنور خراب، وطق العجل، وقينة قينة"، ولأكثرها صيغ خاصة من الألفاظ، ويدخل في جميعها الركض السريع وتتطلب الانتباه والمهارة كما تتطلب التضامن مع الجماعة».

موسى شرقي