من عشق الوطن انطلق مرتلاً قصائده بقوة وصدق، ورغم عدم إتمام تحصيله العلمي إلا أن أسلوبه المميز فرض نفسه في الحركة الثقافية في محافظة "دير الزور".. إنه "علاء الدين عليوي" شاعر القصيدة الوطنية التي ميزته عن باقي جيله من الشعراء.

للتعرف أكثر على حياة الشاعر "علاء الدين عليوي" ونتاجه الشعري مدونة وطن "eSyria" في 16 نيسان 2014 التقت الشاعر "خالد الفرج" من حي "الجبيلة"، الذي حدثنا بالقول: «لقب في بعض "دوريات الصحف" بلقب "شاعر الوطن"، وهذا ما ميزه عن غيره من الشعراء من أبناء جيله، مما جعل الكثير من الصحف والمجلات تتلقف نتاجه الشعري، لنشرها جنباً إلى جنب مع قصائد كبار الشعراء، حيث بدأ نشر نتاجه الأدبي وبواكير شعره عام 1948 في مجلات: "الفن، والراديو، والدنيا، والجندي"، إضافة إلى نشر عدد من القصائد في صحيفة البعث منها: "يوم الأرض"، و"يا أمة العرب"، فقد كانت قصائده عبارة عن لوحات تتدفق منها أجمل المعاني والصور، التي تتغنى بالعروبة والوطنية والفخر بـ"سورية" وتاريخها ونضالها، فهو من الشعراء التقليدين فلا تجد لديه مفردة مهجنة أو دخيلة، خصائصه التركيبية لا تحتمل الشذوذ والإلحاق والإبدال، انسيابي في الطرح، والمفردات غالباً ما تكون بدوية أو جبلية قوية شديدة، ويبتعد عن البهرجة والتنميق والديباجة، وكلماته على قدر معانيه».

طلب مني الشاعر "علاء الدين عليوي" أن أرسل إليه قصيدة بعنوان "من قلب إلى قلب" إلى جريدة الأسبوع الأدبي، فلما قرأتها وجدتها تشي بدنو أجله، فلم أرسلها، فعاود مطالبته ولما طلب بإصرار، أرسلتها فنشرتها جريدة الأسبوع الأدبي، وتوفاه الله بعد نشرها بأيام، وهذه أبياتها: "يا قلب مالك في خطاك تميل.. أدهاك خطب أم جفاك خليل أم قد رمتك يد الزمان بطعنة.. نجلاء دامية الجراح تسيل خمسون عاماً ما عرفتك لاهثاً.. واليوم من وهن المسير ملول خفقات قلب رددتها أضلع.. ورفيف طير في حشاي يجول شلّت حراكاً واستبد بخافقي.. داء تشبث بالنياط قتيل قالوا احتشاء في فؤادك نافد.. قلت المقدر كائن مقبول ناشدت أسباب الشفاء فعاقني.. يوم الرحيل إلى الحبيب وصول"

يعتبر من الشعراء القلائل الذين أحسوا بدنوّ الأجل، فنظموا في رثاء أنفسهم بتأمّل وتطلع لحياة أخرى؛ هذا ما ذكره الأديب "محمد رشيد رويلي" في كتابه "من أدباء ومفكري وكتاب محافظة دير الزور" بالقول: «طلب مني الشاعر "علاء الدين عليوي" أن أرسل إليه قصيدة بعنوان "من قلب إلى قلب" إلى جريدة الأسبوع الأدبي، فلما قرأتها وجدتها تشي بدنو أجله، فلم أرسلها، فعاود مطالبته ولما طلب بإصرار، أرسلتها فنشرتها جريدة الأسبوع الأدبي، وتوفاه الله بعد نشرها بأيام، وهذه أبياتها:

الشاعر خالد الفرج

"يا قلب مالك في خطاك تميل.. أدهاك خطب أم جفاك خليل

أم قد رمتك يد الزمان بطعنة.. نجلاء دامية الجراح تسيل

خمسون عاماً ما عرفتك لاهثاً.. واليوم من وهن المسير ملول

خفقات قلب رددتها أضلع.. ورفيف طير في حشاي يجول

شلّت حراكاً واستبد بخافقي.. داء تشبث بالنياط قتيل

قالوا احتشاء في فؤادك نافد.. قلت المقدر كائن مقبول

ناشدت أسباب الشفاء فعاقني.. يوم الرحيل إلى الحبيب وصول"».

وفي نبذة عن حياته يضيف "الرويلي": «لم يكمل تعليمه الإعدادي بسبب وفاة والده، ولكونه أكبر إخوته والمعيل الوحيد لهم؛ ترك التعليم في الصف السادس بتجهيز الفرات 1945، ورجع إلى قرية "معدان جديد" حيث يقيم أهله، وعمل بالزراعة والتجارة فترة طويلة من الزمن، وأراد أن يتخلص من هموم الزراعة والتجارة بعد أن أذاقته ألواناً من الخسارة والعذاب، فولج باب الوظيفة عند الدولة، فعمل موظفاً في مديرية التجزئة ثم رئيساً لصالة تجزئة "معدان جديد"، انتقل بعدها إلى محافظة "الرقة" وبقي فيها حتى عام 1997، لكنه عاد إلى "دير الزور" في نهاية 1997 بسبب قبول ابنته الوحيدة "بدور" طالبة في كلية الزراعة الثانية بـ"دير الزور"، فتقاعد عن الوظيفة وتفرغ للمطالعة والكتابة رغم سوء حالته الصحية؛ حيث كان يعاني من مشكلات في القلب والرئتين، له ديوان شعر يضم قصائده القديمة والحديثة، وبرحيله خسرت الحركة الثقافية بـ"دير الزور" شاعراً مهماً ووطنياً غيوراً ومتابعاً ثقافياً».

الجدير بالذكر أن الشاعر "علاء الدين بن حميد عليوي" من مواليد محافظة "دير الزور" 1930، وتوفي فيها يوم الأحد 16 أيار 1999.