تتميز كتاباته بأنها بحالة بحث مستمرة عن الفائدة والعبرة، وعلى ما يبدو أن لكتاباته النقدية من اسمه نصيب إذ إنه بميوله إلى نظرية العنوان ينحى منحى تحليلياً ظاهرياً، إنه الناقد "ياسر يوسف الظاهر" وهو من مواليد "دير الزور"، يحمل إجازة في اللغة العربية وآدابها-جامعة "دمشق".

eSyria التقى هذا النقاد وكان لنا معه هذا الحديث:

* ماذا عن البدايات؟

** كنت شغوفا بلغتنا العربية منذ أن دخلت المدرسة لكن بداية التعلق بها ولا سيما الأدب كان في المرحلة الابتدائية إذا بدأت أقرأ مجلة "العربي" التي تصدرها "الكويت" وأكثر ما كنت أقرأ منها القصص والقصائد التي كانت تنشر على صفحاتها، وفي المرحلة الإعدادية كنت أقرأ إلى جانب القصة والشعر المقالات والدراسات النقدية، في الصف الثامن قرأت بعض روايات "إحسان عبد القدوس" كرواية "في بيتنا رجل" و"النظارة السوداء" وبعدها انتقلت إلى قراءة قسم لا بأس به من روايات "نجيب محفوظ" كالثلاثية (قصر الشوق وبين القصرين والسكرية)، و"السراب" و"اللص والكلاب" و"الكرنك" و"أولاد حارتنا"، والحقيقة لا أعرف سبب ميلي للقصة والرواية أكثر من الشعر وهذا الميلان لم يمنعني من قراءة شعر "المتنبي" و"المعري" و"نزار" و"درويش"، في الصف الثاني الثانوي قرأت مجموعتين للقاص "زكريا تامر" هما "دمشق الحرائق" و"صهيل الجواد الأبيض" أضف إلى ذلك أنني كنت أقرأ "مجلة الدوحة الأدبية" التي كانت تصدر من دولة "قطر" ويرأس تحريرها آنذاك "رجاء النقاش" وقد كانت من أفضل المجلات الثقافية التي صدرت في العالم العربي وتتفوق على"مجلة العربي" بدرجات.

أثناء الحوار

وكانت لا تفوتني أمسية أدبية أو محاضرة فكرية مما كان يلقى في المركز الثقافي وغالبا ما كنت أدون ملاحظاتي حول ما كان يلقى آنذاك.

  • ماذا تحدثنا عن تجربتك مع منتدى "الفرات" الأدبي؟
  • ** شهدت تشكيل "منتدى الفرات الأدبي" عام 1982 وقد كان من أبرز أعضائه الشعراء "تميم صائب" و"ضرغام سفان" و"بشير عاني" و"عبد الناصر الحمد" شاعر العامية الديرية والفصحى، وكذلك العضوان الوحيدتان المهاجرتان القاصة الديرية الأولى "هيام مفلح" والشاعرة "حنان مفلح".

    هذا المنتدى لم تشهد مدينة "دير الزور" مثيلا له منذ ذلك اليوم وحتى الآن من حيث كثافة نشاطاته والتجديد الذي أدخله أعضاؤه على الشعر وأذكر أن ثلاث أو أربع نشرات صدرت عنه ثم أغلق من قبل الجهات الرسمية لأسباب نجهلها لليوم، لكن الشعراء والأدباء من أعضاء المنتدى الذين ازدادوا، ظلوا يقيمون الأماسي الأدبية في المراكز الثقافية وكلية "الزراعة" والوحدات التعليمية.

  • لا شك أن للمرحلة الجامعية بصماتها في شخصيتك النقدية، ماذا عن هذه المرحلة؟
  • ** في المرحلة الجامعية كنت أستمتع بقراءة كتب "طه حسين" النقدية ولا سيما كتابيه النقديين الشهيرين "في الأدب الجاهلي" و"حديث الأربعاء"، ويعدان من أهم ما كتب "طه حسين" كما اطلعت على بعض كتب "محمد مندور" وتابعت بلهفة قراءة روايات "عبد الرحمن منيف" سيد الرواية العربية المعاصرة برأيي، كما قرأت للروائي السوري "حيدر حيدر" رواية "وليمة لأعشاب البحر" وبعض قصصه.

    ساهم في تشكيل الحس النقدي لدي أساتذتي الذين أدعو الله لهم دوما وهم "د.حسام الخطيب" الذي كان يأتي بسؤال في الامتحان تكون صيغته على الشكل التالي: "لخص كتابا أدبيا قرأته وبيّن رأيك النقدي فيه"،

    و"د.المرحوم نعيم اليافي" و"د.عبد النبي اصطيف". وكان أكثرهم تأثيرا بي هو"د.نعيم اليافي" الذي كان يحلل لنا الكثير من الأعمال الأدبية ولا سيما في جنسي الرواية والمسرح فقد درس وحلل العالم الروائي لكل من العلمين الروائيين "نجيب محفوظ" و"عبد الرحمن منيف" كما رصد لنا تطور القصة القصيرة السورية وتوقف طويلا عند "زكريا تامر" دارسا ومحللا لمعظم مجموعاته القصصية.

    ومازلت أتابع القراءة والكتابة، ونشرت بعض المقالات في "الثورة" و"تشرين" و"مجلة الناقد" التي أصدرها ورأس تحريرها "رياض الريس" ولكنها وللأسف توقفت عن الصدور منذ سنوات والآن أكتب في صحيفة "الفرات الديرية" وفي بعض المواقع الإلكترونية كـ "آزورا الفرات" و"نوبلز نيوز"

  • ما دراساتك النقدية التي نشرتها؟
  • ** من دراساتي النقدية المنشورة في الصحف:

  • "أحلام وأحزان متكسرة" دراسة لديواني "تميم صائب" "حزن الجواد المتعب" و"حزة السكين".

  • "الرؤى ومهرجان الرؤى" دراسة لديوان "عبد الناصر حداد".

  • "صورة العشق والثورة في شعر إسماعيل إبراهيم الخلف".

  • قضية شعر المرأة عند "نزار قباني" بين ناقدين.

  • علاقة المواطن بالسلطة في مسرح "سعد الله ونوس".

  • العنوان ودلالته في "القلادة" للقاص "صالح عبد القادر".

  • مجموعة "خبيصة" لوحات ترسم الواقع للأديب الدكتور "أحمد جاسم الحسين".

  • "اللحاف" دلالة عنوانها وعلاقتها بالسيرة الذاتية للروائي "أيمن الناصر".

  • فضلا عن مراجعة الكتب التي صدرت حديثا منها:

  • القصة القصيرة جدا "مقاربة بكر" للدكتور "أحمد جاسم الحسين"

  • نظرية العنوان للدكتور "خالد الحسين"

  • "دير الزور في العصر العثماني" للباحث "رامي الضللي"

  • الشيخ "محمد سعيد العرفي" للباحث "أحمد الرمح".

  • على أي المناهج الأدبية تعتمد في عملك النقدي؟
  • ** بالنسبة للمنهج النقدي الذي أسير عليه في محاولاتي النقدية المتواضعة، أقول لا يمكن لأي دارس لنص أدبي أن يحدد سلفا منهجه النقدي أو يتبنى منهجا نقديا بعينه لأن النتاج الأدبي هو الذي يفرض عليك المنهج الذي ستدرس به النص الذي بين يديك ولكنني وفي أحايين كثيرة أراني أميل في التحليل إلى نظرية العنوان.

  • ماذا عن المشهد الأدبي في "دير الزور"؟
  • ** المشهد الأدبي في "دير الزور" لا يبشر بخير، الشعراء خفت نشاطاتهم كثيرا والقاصون يكتبون وينشرون فقط، والأدب برأيي يكون أكثر فاعلية في الناس عندما يستمعون إليه ويبدون آراءهم فيما سمعوا، باختصار الأدب فعل اجتماعي تشاركي وهذا ما نفتقده في مدينتنا فالمراكز الثقافية خاملة وكذلك الجامعات التي لم تفعل نشاطاتها الأدبية إلا في المواسم، ولست أدري من المسؤول عن تراجع التظاهرات الأدبية: الوضع الاقتصادي أم حالة الـلا جدوى التي باتت تعشش في أذهان حتى المثقفين.

    أتمنى أن تعود الأمسيات إلى ما كانت عليه في الثمانينيات حيث كان الناس يأتون قبل ساعة إلى المركز الثقافي ليجلسوا، ويبقوا بعد النشاط الثقافي ليستمعوا ويشاركوا في الحوار الذي يعقب الأمسية أو المحاضرة.