من أبوين ترجع أصولهما إلى قرية "البوليل" في "دير الزور" ولدت السيدة "نصرة العبد الله" عام 1960 في "القنيطرة" لتكون جزءا من أسرة مؤلفة من ستة ذكور وأربع إناث، عادت أسرتها إلى "دير الزور" ليلتقي قدرها مع قدر الشاعر "محمد عبد الحدو" فتتزوج منه بعد مجابهة وسط أسري اجتماعي رفض هذا الزواج لكون الطرف الآخر يعاني من حالة فقدان البصر.

لهما الآن 8 أبناء كلهم ناجحون دراسياً واجتماعياً، عينت من قبل "الجمعية الخيرية الإسلامية" مشرفة على "معهد النور" للمكفوفين التابع لها وهنا بدأت تجربتها مع العمل التطوعي.

وردة ضاحكة حولت صحراء روحي إلى جنة وارفة الظلال وملأت آفاقي بألق الصباح الزاخر بالأمل

eSyria التقى السيدة "نصرة العبد الله" والتي تحدثت عن أبرز الأشياء التي دفعتها لدخول ميدان العمل التطوعي بقولها: «مما لا شك فيه أن الإنسان يستمد معطياته من المحيط الذي يعيش فيه ومما يكسبه من الآخرين ولا بد أن للتربية وللقيم المكتسبة من العائلة منذ الطفولة دورا كبيرا في تأسيس دوافع العمل التطوعي لدي ولكن الذي بلور هذه الدوافع وجعلها تظهر بشكل جلي هو ارتباطي بالشاعر "محمد الحدّو" الذي يعاني من حالة فقدان البصر ويحمل هاجس العمل التطوعي ذاته، وهنا أصبح اهتمامي متوجهاً إلى هذه الشريحة من الناس التي ينتمي إليها، ووجدت نفسي أتفاعل معه أكثر وأكثر في سبيل خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة وتحديداً كما أسلفت فاقدي البصر».

مع السيدة الأولى في معهد النور

وحول عملها مع "الجمعية الخيرية الإسلامية" وطبيعة نشاطها أضافت: «بداية عملي في الجمعية كانت سنة 1981 وذلك بعد زواجي مباشرة حيث كنت أعمل في معهد "النور" التابع لها بصفة معلمة إلى أن كلفت بالإشراف العام على المعهد وأنا الآن أمينة مستودع الجمعية ومسؤولة بشكل كامل عن متاعها.

ويأتي ضمن نشاطي أيضاً تأمين كل ما يلزم الطلبة في المعهد من لوازم مدرسية كالقرطاسية والملابس كما أشرف على نظافة المعهد وعلى طعام الطلبة باعتبار النظام فيه داخلياً».

الشاعر محمد عبد الحدو.

وفيما يتعلق بتعارض هذا النشاط مع واجباتها الاجتماعية، فقد نفت هذا التعارض بقولها: «العمل التطوعي قد يأخذ الكثير من وقت النهار لكنه "يطرح البركة" في الجزء المتبقي وأنا لم أشعر يوماً بأنه يعيق حياتي الاجتماعية ويعرقلها رغم أن عائلتي كبيرة مؤلفة من أربعة ذكور وأربع إناث ولدي أحفاد أيضاً وأسعى دائماً للقيام بواجبي تجاه الجميع رغم أن المسؤولية الأسرية والاجتماعية الملقاة على عاتقي تكاد تكون مضاعفة بالنسبة للنساء الأخريات نظراً لفقدان البصر لدى زوجي».

وحول أهم ما أضافه إليها العمل الخيري قالت: «أضاف إلي السعادة ونوعاً من الرضا عن الذات ورسخ لدي الكثير من القناعات أهمها أن الخير لا يضيع ما بين الله والناس».

المدرسة صبا عزاوي

وعن أهم تكريم حصلت عليه خلال هذه المسيرة من العطاء أضافت وهي تبتسم برضا: «أهم تكريم حصلت عليه هو تكريم السيدة أسماء الأسد لي وذلك لنشاطي في "الجمعية الخيرية الإسلامية"، وقد منحني هذا التكريم دافعاً إضافياً للاستمرار في هذا المجال الذي اخترته خطاً لحياتي».

الآنسة "صبا عزاوي" مدرسة في معهد "النور" أعطتنا وجهة نظر الزميلات والزملاء في المعهد بالسيدة "نصرة العبد الله": «أي شيء يمكن أن يقال عنها قليل فهي تماماً أم لكل العاملات هنا ونلجأ إليها في كل مشكلة كبيرة كانت أم صغيرة».

أما عن رأي الجمعية الخيرية الإسلامية فيها فقد عبر عنه السيد "حمادي الحساني" عضو مجلس إدارة الجمعية: «لا يوجد في الجمعية الخيرية الإسلامية أعضاء من النساء، ولكن لدينا الكثير من النساء المتعاونات مع الجمعية، وتعتبر السيدة "نصرة" من أميزهن من حيث الالتزام والمثابرة في العمل».

أما عن زوجها الشاعر "محمد الحدو" فقد وصفها قائلاً: «وردة ضاحكة حولت صحراء روحي إلى جنة وارفة الظلال وملأت آفاقي بألق الصباح الزاخر بالأمل».