وصفوه لنا فقالوا: «قادر على تحويل أيّ موقع في المدينة إلى مقهى، لم ينه عقده الثالث، لكنه يمتلك من الخبرة ما لا يمتلكه المعمرون، معروف بين أهالي المحافظة "بشيخ الكار" أو "شيخ القهوجية"، يجذب زبائنه إليه أينما حطّ، يتمتع بخفة دمّ لا مثيل لها، ابتسامته لا تفارق شفتيه، بدأ العمل في المقاهي وهو في السابعة من العمر، وأدار أول مقهى قبل أن ينهي عقده الثاني، تنقل في إنشاء وإدارة عدد من مقاهي مدينة "ديرالزور"، لينتهي به المطاف في مقهى "النّاصر" الذي افتتحه في تشرين الثاني من العام 2009»، إنه السيد "بشّار البرّي" الملقب "أبو عيد".

وللتعرف على هذه الشخصية عن قرب زار موقع eDeiralzor بتاريخ 11 كانون الأول 2009، مقهى "الناصر" وعن سبب اختياره العمل في المقاهي قال:

أعرفه منذ حوالي عشر سنوات تقريباً، وأنا من الرواد الدائمين للمقاهي التي يقوم "أبوعيد" بإدارتها، فهو يتعامل مع كافة الزبائن كأصدقاء، وليسوا زبائن، كما أن أيّ مكان يتواجد فيه يعني خدمة جيدة وحسن استقبال ومشرباً طيباً

«لأنها مهنة العائلة، فقد كان جدي ووالدي يملكان في البداية مقهى في حي "دير العتيق"، وبعد إزالة الحي، افتتحا مقهى "الزعيم" في الشارع العام تحت مخفر "الجادة"، ثم افتتح والدي مقهى "الروضة" الذي بدأت منه مشوار عملي الحالي».

أبو عيد يتابع العمل في المطبخ

وعن البدايات والانتقال من صبيّ مقهى إلى صاحب مقاهي أخبرنا: «بدأت العمل مع والدي في مقهى "الروضة"، الذي كان يقع في الشارع العام أمام "الكبوشية"، منذ أن كان عمري سبع سنوات، وبقيت أعمل فيه لمدة عشر سنوات، ثم تسلمت إدارته لمدة سنتين.

في عام 1993 استثمرت المقهى لحسابي الخاص من أهلي لمدة سنتين، وقمت بعدها بشرائه منهم، وفي العام 2002 قمت بتأجيره لإحدى شركات الخلوي، واستثمرت بعدها مقهى فندق "السعيد"، الذي كان مفتتحاً قبل عام تقريبا، لكنه لا يعمل، وعملت على تجديده، والحمد لله وفقت به وبدأ المقهى يأخذ اسمه بين مقاهي المحافظة، وبقيت استثمره لمدة ثمانية أشهر، وفي هذه الأثناء عرض عليّ موقع ممتاز بجانب دوار "التموين"، وهو عبارة عن صالة لها واجهتين بمساحة جيدة، وكانت مهجورة لأكثر من عشرين عاماً، وبعد التفاوض مع مالكيها وتوقيع العقد، قمت بترميمها وتأهيلها خلال زمن قياسي لم يتجاوز شهراً ونصفاً، وسميتها أيضا مقهى "الروضة" حباً بهذا الاسم الذي يعني لي الكثير، ولكن كان افتتاحه أليماً بالنسبة لي، إذ ترافق مع يوم سقوط "بغداد" ومعاناة الشعب "العراقي"، وبدأ المقهى يلقى إقبالاً كبيراً ويستقطب الزبائن، وبدأ عددهم يزداد يوما بعد يوم، وأكثر مما كنت أتوقع».

عماد الذيب

وأضاف: «في هذه الأثناء شاركت إخوتي وأعمامي في استثمار مقهى نقابة "المعلمين"، وكنت أشرف على إدارة المقهيين معاً، ولأسباب معينة تركت مقهى "الروضة" الجديد بعد ثلاث سنوات، والتزمت بإدارة مقهى النقابة فقط.

وفي عام 2005 عرض عليّ رئيس اتحاد العمال آنذاك السيد "علي المطر" استثمار صالة تقع في الطابق الثالث فوق مقر الاتحاد، وقال لي حينها "لا أحد سواك قادر على تشغيل هذه الصالة، فسمعتك طيبة، والجميع شهد بإدارتك النشيطة، وغامرت حينها باستثمار هذا المقهى، الذي لم ينصحني به أحد أبداً بسبب موقعها كطابق ثالث، والحمد لله ما هي إلا أيام حتى بدأ المقهى يعج بالزبائن، الذين يرتادونه إلى يومنا هذا.

يتفقد الزبائن

وبعد فترة انشغلت بتجهيز وافتتاح "ميني ماركت"، لكن ما حدث أنّ زبائن مقهى "العمال"، بدؤوا يترددون عليّ، ويطالبون بحضوري إلى المقهى، فبدأت بعد ذلك أوفِّق في الوقت بين المقهى والمحلّ الجديد.

أمّا بالنسبة لمقهى "النّاصر" الذي نحن موجودون فيه حالياً، فقد طرح عليّ استثماره عن طريق أحد مالكيه الذي كان يعمل لديّ في مقهى "العمال"، وكان هذا المقهى مغلقاً منذ عدة سنوات، ويعاني من سوء كبير من الناحية المعمارية، وبعد الاتفاق على استثماره، باشرت فوراً بإعادة تأهيله، وقد بلغت كلفة أعمال الصيانة والتأهيل نحو مليون ونصف ليرة، وتمّ بعون الله افتتاحه في 10 تشرين الثاني 2009، والحمد لله رغم عمره القصيرة إلا أنه تمكن من استقطاب العديد من الزبائن أكثر مما كنت أتوقع».

وفي أجابته عن سؤالنا حول سر نجاح هذا النوع من العمل قال: «هناك أسباب عديدة أذكر منها؛ الملقى الجيد للزبون، واحترامه، المحافظة الدائمة على نظافة المقهى، والحرص على انتقاء العمال بشكل جيد وتدريبهم على طريقة التعامل مع الزبون، ولا أبخل على مصلحتي، وأقوم بشكل دائم بالتجديد، سواء أوراق الشدة أو أواني التقديم، كما أنني لا أتكبر على مهنتي، فتجدني في أحيان أخدم الزبائن بنفسي، أو أقف في المطبخ لمتابعة تحضير المشروبات التي تقدم للزبائن، وأخيراً استمع لأي نقد يوجه من رواد المقهى وأحاول معالجته بسرعة».

وخلال تواجدنا في المقهى التقينا السيد "قاسم حمّادة" أحد رواد المقهى والذي أخبرنا عن "أبو عيد":

«أعرفه منذ حوالي عشر سنوات تقريباً، وأنا من الرواد الدائمين للمقاهي التي يقوم "أبوعيد" بإدارتها، فهو يتعامل مع كافة الزبائن كأصدقاء، وليسوا زبائن، كما أن أيّ مكان يتواجد فيه يعني خدمة جيدة وحسن استقبال ومشرباً طيباً».

السيد "عماد الذّيب" ساقي مقهى منذ عشرين عاماً قال:

«أعمل في هذا المجال منذ زمن طويل، وتعاملت مع العديد من الشخصيات في المقاهي الأخرى، لكن "أبوعيد" له طريقة خاصة في إدارة المقهى والتعامل مع الجميع، فيقدر حق العامل وتعبه، ولا يبخل على مصلحته، وهذه من أهم مقومات نجاح العمل برأيي، ولهذا فإن صورته محبوبة من قبل زبائنه».