حين تنظر إلى وجهها والابتسامة التي ترافقها دائماً لا يمكن لك أن تتنبأ بسنوات الصبر والكفاح التي عاشتها، وحين ترى عفويتها وبساطتها وميلها الشديد للمرح، يصعب عليك أن تصدّق أن لها أولاداً في سن الزواج.

أما حين تعرف أنها كُرّمت من قبل السيدة الأولى كأم مثالية فإنك حينها ستدرك أن هذه السيدة بدأت تجني ثمار ما خططت لإنجازه طوال سنوات.

إنها إنسانة بكل معنى الكلمة، طيبة ورقيقة بصورة لا توصف، وهي بالتأكيد تستحق كل تقدير

"شذى برغوث" عرفتها "دير الزور" أديبة، وأول عضو لاتحاد الكتاب العرب في المنطقة الشرقية، وعرفتها جمعيات العمل الخيري عضواً ناشطة في مجال العمل الإنساني.

السيدة شذى مع أبنائها.

eSyria أراد أن يعرّف بجانب آخر من حياة "شذى برغوث" قد يكون الجانب الأهم لكونه الأساس في أي عمل إبداعي، وهو مبعث بوادر العمل الخيري، فكان لنا معها الحوار التالي:

  • حين تنظرين ابتداءً من هذه النقطة إلى أقصى تخوم الذاكرة، ما الأمور التي تعتبرينها مفصلية في حياتك؟
  • السيدة شذى في منزلها.

    ** كان الزواج المبكر أهم تلك الأمور حيث قفز بي 180 درجة خارج حدودي دفعة واحدة، ثم كانت تجربة الأمومة المبكرة أيضاً، بعدها كان هناك فاصل طويل تخلله البحث عني في شتى الزوايا "دراسة، عمل، تعلم مهنة"، فوجدت نفسي في الكتابة وكان تواصلي مع الناس عبر كتاباتي مفصلاً جميلاً راح بي إلى الحديقة السرية، خصوصاً أنه اقترن بكوني المرأة الأولى التي نالت عضوية اتحاد الكتاب العرب في المنطقة الشرقية "الحسكة، الرقة، دير الزور" وأنا بانتظار مفصل أجمل هو أن أصبح جدة.

  • ما المحطات التي تعتبرينها الأهم في حياتك؟
  • د.أحمد قربون

    ** مرت بي محطات جميلة، مثلاً فوزي بجوائز أدبية، تكريمي عدة مرات، طباعة أي كتاب من كتبي، حصولي على عضوية الاتحاد وكان ذلك انتصاراً لي لكوني لم أكمل تعليمي حتى إن الثانوية العامة حصلت عليها ولدي طفلان.

  • الإنجازات في حياتك كثيرة، وما استطعت تحقيقه تحدثت عن جزء منه، ويطول الحديث عن الجزء المتبقي، ما الأشياء التي تمنيت حدوثها ولم تحدث؟
  • ** الأمنيات كثيرة، تمنيت دائماً إكمال دراستي، تمنيت أن أرى أولادي أفضل لأنه دائماً هناك أفضل، مع أنني فخورة وسعيدة بهم، الأمر الآخر الذي تمنيته ومازلت أتمناه هو أن تتاح لي فرصة أوسع وأكثر فاعلية للعمل في المجتمع الأهلي والمنظمات العربية والدولية.

  • متى بدأت السيدة "شذى برغوث" المشاركة بالعمل الخيري المنظم؟
  • ** فكرة العمل الخيري تراودني طوال الوقت والقيام بأعمال فردية موجود بالتأكيد، أما الانضمام لجمعية خيرية فقد ألح علي حين وجدت متسعاً من الوقت بعد أن كبر أبنائي وقل احتياجهم المادي لوجودي وأصبحوا في سن يستطيعون تفهم ما أقوم به.

  • أنت عضو في جمعية "البر" منذ مرحلة التأسيس، لماذا جمعية "البر" تحديداً؟
  • ** جمعية "البر" هي تجربتي الأولى، إذ تزامن تأسيس الجمعية مع تحسن ظرفي العائلي، وكانت مصادفة رائعة، بالإضافة طبعاً لإعجابي بأهداف الجمعية وخطة عملها وكادرها المؤسس ورئيسها، الذين كنت على معرفة مسبقة بأغلبيتهم، فتوقعت النجاح والمصداقية وانضممت إليهم.

  • ما الدور الذي تؤدينه في جمعية "البر"؟
  • ** بدأت عضواً عادية مع الكثير من الشابات والشبان كفريق عمل لجمع التبرعات المالية والدوائية ودراسة أحوال الأسر الفقيرة وتقديم التقارير والاقتراحات من أجل كيفية المساعدة، ثم استلمت رئاسة اللجنة الإعلامية، ثم عضواً في مجلس الإدارة، لكنني مازلت أتابع العمل مع لجان جمع التبرعات وأرغب حالياً بالانضمام إلى لجنة كفالة اليتيم.

  • ألا يؤثر ذلك على حياتك العائلية والاجتماعية؟
  • ** العمل الخيري لا يؤثر سلباً على حياتي العائلية لأني قلت في البداية إن الأولاد كبروا، وصراحة لو كان يؤثر لأجلت العمل فيه إلى أن يتاح لي، فأي عمل خيري هذا إذا أضر بمصلحة أسرتي؟ أما اجتماعياً فهو قطعاً لا يؤثر، فأين الخطأ إذا اختصرت أوقات التعزية أو الزيارات من ساعة إلى ربع ساعة؟

  • بالتأكيد أي أم لا تنتظر جزاءً على عطائها، لكن التكريم حين يكون على مستوى الجمهورية ومن قبل السيدة الأولى لابد أن يكون حدثاً عظيماًً كيف كان وقعه عليك؟
  • ** كان تكريمي كأم متميزة لفتة كريمة من السيدة "أسماء الأسد"، لفتة كريمة تشكر عليها، ويشكر من رشحني من محافظتي لهذا التكريم الذي أضاف إلى سعادتي بأمومتي التي كرمني الله بها، شعوراً آخر جميلاً لكون هذا التكريم أسعد أسرتي وأصدقائي وأشعرني بالذنب لأن هناك أمهات مغمورات ومتميزات فعلاً يستحققن هذا التكريم، لكن وجودنا في دائرة الضوء لفت إلينا الانتباه.

    والتقينا بأشخاص من محيط السيدة "شذى برغوث" لاستطلاع آرائهم، وكان لقاؤنا مع "شهد" ابنة السيدة "شذى" فقالت: «أنا أتمنى أن تكون أمي موجودة معي بشكل دائم مثل أي فتاة في سني، ولكن إن كان غيابها يهدف إلى الخدمة العامة فإني بالتأكيد أشد على يدها، وفي مطلق الأحوال، حتى في غياب والدتي عن المنزل نحن نشعر بوجودها من خلال ملاحظاتها وتوجيهاتها».

    "أحمد قربون" رئيس مجلس الإدارة في جمعية "البر" أضاف: «السيدة "شذى برغوث" سيدة مثقفة، واعية، متفهمة، ولديها أفكار جديدة دوماً، وهي عضو مجلس إدارة في الجمعية».

    "نور العلي" معلمة، تابعت: «كنت دائماً أشعر أن وقتي مزحوم لكني بعد أن تعرفت على تجربة "شذى" عن قرب- خاصة بعد تكريمها من قبل السيدة الأولى كأم مثالية، وأنا على اطلاع على نشاطاتها الأدبية ومن ثم نشاطاتها في مجال العمل التطوعي- شعرت بالأسى على كثير من الوقت الذي أنفقته على أشياء كنت أعتبرها مهمة».

    "سهام العلي" إحدى النساء اللواتي قدمت جمعية "البر" لهن المساعدة بواسطة "شذى برغوث"، قالت: «إنها إنسانة بكل معنى الكلمة، طيبة ورقيقة بصورة لا توصف، وهي بالتأكيد تستحق كل تقدير».

    "مثيل عبود"، مديرة مدرسة "عبد الحميد دكماوي"، صديقة، أضافت: «شذى إنسانة معطاء، حساسة جداً، وأنا واثقة أن عطاءها مضاعفاً لكونها أماً وربة منزل من جهة، وناشطة اجتماعية من جهة أخرى».