قبل انتشار وسائل الاتصال كانت "الشلاية" و"الدلال" يقومان بمهمة إرجاع المفقود أو الشيء الضائع لأهله؛ يجوبان شوارع "الدير" مستغلين علو صوتهما يحلفان بالله عليهم بإعادته.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 8 حزيران 2015، السيدة "سلوى المحمد"، التي قالت: «قديماً وحتى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي انتشرت في "دير الزور" عادة من عادات أهلها المتوارثة عن أسلافهم؛ حيث يكلف رجل أو امرأة بالبحث عن شيء ما مفقود أو ضائع، ومعظم الأحيان يكلف شخص يسمى "الدلال"، وإذا كانت امرأة تسمى "الشلاية"، ويكون البحث عن طريق "الشلاية" أغلب الأحيان، حيث تدور في حارات الدير وأزقتها وهي تصيح بصوت عالٍ: "يا صلاة محمد.. الشاف ولد لابس - وتصف اللباس والعمر وابن منو"، وإذا كان المفقود ذهباً أو مالاً بنفس الطريقة: (يا صلاة محمد.... اللقا (الذي وجد) وتذكر الذهب أو المال أو الشيء المفقود، وأحياناً تطرق الباب وتسأل وتخبر أهل الحي».

كانت الأمانة فيما مضى من أهم المقومات التي يعتمد عليها المجتمع بوجه عام و"الديري" بوجه خاص فما أن يسمع بالحلفان أو بالنخوة حتى يعيد القطعة إلى أهلها بعد ذكر مواصفاتها إن كان ذهباً أو مقداراً من النقود الضائعة.. وهكذا

وتضيف: «أما "الدلال" فيقوم أحد الأشخاص أو العائلات باستئجاره، وهذا الشخص يقوم بالنداء على الشيء المفقود إما "طفل أو مال أو ذهب" في الأسواق وخاصة في السوق "المقبي" وفي سوق "الهال" وفي الأسواق الرئيسة، ويقول: "يا جماعة الخير ضايع ولد ليبس كذ"، وهناك بعض "الدلالين والشلايات" من يقوم بذلك بلا أجر لوجه الله تعالى».

الباحث خالد الحسين

أما الباحث الاجتماعي وأستاذ اللغة العربية "خالد الحسين"، فيحدثنا عن مهنة "الشلاية والدلال" بالقول: «تشتهر "الشلاية" بعلو الصوت فهي تجوب حارات "الدير" مرتدية العباءة "الحبر" أو كما تعرف بالعباءة الديرية؛ فهي تعدّ نوعاً من التكيف الخاص مع البيئة الحارة وذلك عبر شكل تفصيلها الواسع والفضفاض، الذي يسمح بتحركٍ نشط للهواء داخلها، وهي أيضاً أسلوب خاص للتعبير عن الحشمة والتمسك بالقيم السائدة التي كانت تدعو إليها الأديان جميعها، وعندما يسمع الأطفال صوت "الشلاية أو الدلال" يقومون بالمشي خلفها أو خلفه؛ مرددين ما يقولانه من فقدان للشيء وكلما مروا بإحدى الحارات زاد عدد الأطفال».

ويضيف: «كانت الأمانة فيما مضى من أهم المقومات التي يعتمد عليها المجتمع بوجه عام و"الديري" بوجه خاص فما أن يسمع بالحلفان أو بالنخوة حتى يعيد القطعة إلى أهلها بعد ذكر مواصفاتها إن كان ذهباً أو مقداراً من النقود الضائعة.. وهكذا».

ويختم "الحسين" بالقول: «هناك عدة أمثلة ضربت في "دير الزور" على "الشلاية" وخاصة بين النساء، ومنها "كافي تشلي" تضرب للمرأة التي تتكلم كثيراً ويكون صوتها عالياً، أما عن الرجل فضربوا له المثل خاصة لمن كان صوته عالياً، وباللهجة الديرية يقولون: "يكثر الدرقعه"».

وبيّنت السيدة "كوثر حسن" بالقول: «قبل انتشار وسائل الإعلام والإعلان كان البحث عن شيء مفقود أو ضائع يتم عن طريق استئجار امرأة أو رجل يصيحان بشوارع "الدير" عن ذلك الشيء الضائع؛ وهذا ما حصل معي عام 1981م، حيث أضاعت ابنتي قطعة من الذهب أثناء لعبها في الحارة مع بنات الجيران، فقمنا بتكليف شخص أعلن عنها في شوارع "دير الزور"، وبعد مضي يومين طرق أحد الأشخاص بابنا وسألنا عن الشيء الذي أضعناه ووصفنا له القطعة الذهبية ووزنها واسم الصائغ الذي قمنا بشرائها منه، لكنها تلاشت هذه المهنة بعد انتشار "المايكروفونات" في الجوامع وتطور وسائل الاتصال والإعلانات الطرقية».